ويلعب التنافس الانتخابي بين الاحزاب الاسرائيلية دورا كبيرا في تصعيد ممارسات القمع، لذلك، واستنادا الى تقديرات أكثر من جهة، ليس مستبعدا أن تشهد الساحة الفلسطينية في المرحلة القادمة انفجارا واسعا يسقط العديد من الحسابات والرهانات لدى أكثر من جهة، فالعمليات المسلحة أيا كانت التسميات التي تطلق عليها، هي في ازدياد وبأشكال مختلفة، قد تدفع رئيس الوزراء الاسرائيلي الى القيام بمغامرات عسكرية تسرع في انفجار الوضع، وهو الباحث عن أوراق تساعده في البقاء على رأس الحكم في اسرائيل.
هذه العمليات القادرة على قلب الموازين هي رد طبيعي على أشكال القمع والحصار التي ينتهجها الاحتلال الاسرائيلي، ومن الصعب اعتراضها أو منع وقوعها، ويدرك المستوى العسكري في اسرائيل خطوة الموقف، ويحذر من تداعياته، وموقفه مرهون بقرارات المستوى السياسي.
وتقول دوائر متابعة أن مواصلة ارتكاب الانتهاكات في الحرم القدسي الشريف، عود الثقاب الذي يشعل فتيل الانفجار الذي لن يبقى محصورا في ساحة الصراع، وقد يمتد الى أكثر من ساحة خارجية.
وتفيد الدوائر أن الدعم الرسمي الاسرائيلي لهذه الانتهاكات عامل تسريع لهذا الاشتعال الذي يقترب.
ويرى متابعون لتطورات الاحداث في ساحة الصراع أن ساحة الضفة الغربية تعيش حالة غليان، بفعل الممارسات الاسرائيلية، وهي لن تبقى دون رد على هذه الممارسات المتصاعدة عنفا واجراما، وبالتالي ليس غريبا ما تشهده هذه الساحة من عمليات ضد المستوطنين وجنود الاحتلال، عمليات قابلة للتطور من حيث النوعية ودرجة الألم.
وبالنسبة لقطاع غزة وما يتعرض له ويعيشه من حصار، لن تتوقف ردود مواطنيه على أشكال الحصار المختلفة، ولن تتمكن محادثات التهدئة من منعهم للرد على سياسة التجويع.. وما تقوم به جهات الوساطة لتثبيت التهدئة والهدنة لن تحول دون ممارسة أهل غزة حقهم المشروع في الرد.
ولا تستبعد التقارير الاستخبارية في أكثر من عاصمة أن تتكثف عمليات اطلاق القذائف الصاروخية على المستوطنات وتجمعات الجيش الاسرائيلي، ردا على مراوغة اسرائيل حول ما اتفق عليه بشأن التهدئة، مراوغة يحاول رئيس وزراء اسرائيل استثمارها ورقة انتخابية، ولا نعتقد أن الجهة الحاكمة في غزة غير مدركة لذلك، وأيضا لا تريد أن تتفهم بأنها تسعى لضبط الوضع للمساهمة في انجاح نتنياهو، وهناك خياران بالنسبة لما يدور في القطاع، الأول أن يضطر رئيس وزراء اسرائيل لشن عملية عسكرية واسعة يدفع باتجاهها الاحزاب اليمينية، رغم خشيته من التداعيات التي قد تكون عاملا في هزيمته، بدلا من فوزه، والخيار الثاني أن ضطر نتنياهو لتنفيذ بعض ما اتفق عليه في محادثات التهدئة التي ترعاها مصر ومشيخة قطر، وهنا سيتعرض لانتقادات حلفائه ومنافسيه، فالخياران مران، لكن، غزة تحت الحصار والتجويع، ولن تبقى أسيرة رغبة الجهة الحاكمة في القطاع بضبط النفس، وما شهدناه من عمليات وقعت مؤخرا على حدود القطاع مع اسرائيل، واطلاق الصواريخ من وقت الى اخر، هو رسالة لحركة حماس بأن جهة لن تستطيع أن تسيطر على الوضع في حال انفجاره، وحتى قيام الجيش الاسرائيلي بعملية عسكرية واسعة، لن تمكن هذا الجيش من التحكم في درجة اشتعالها أو ضبط تداعياتها.