كشف موقع Middle East Eye البريطاني أن المملكة العربية السعودية رفضت منح عشرات اللاجئين الفلسطينيين من سوريا فرصة أداء مناسك الحج لهذا العام.
ويتوافد حالياً ملايين المسلمين على مكّة المكرّمة لأداء فريضة الحج، وتبدأ شعائره اليوم الجمعة 9 أغسطس/آب 2019.
ومع ذلك، أخبرت السلطات السعودية نحو 70 شخصاً من الفلسطينيين اللاجئين الذين يعيشون في لبنان وتزيد أعمار معظمهم عن 79 عاماً، خلال الأسبوع الماضي، أنهم لن يُمنحوا تأشيرات السفر لأداء الحجّ.
وأولئك الفلسطينيون الممنوعون من الحجّ مرّوا بتجربة اللجوء مرّتين؛ فإنهم من نسل الفلسطينيين الذين طُرِدوا من ديارهم خلال قيام إسرائيل عام 1948، ويعيشون الآن في لبنان بعد فرارهم من النزاع السوري المحتدم على أرض البلد المجاور.
وعلى الرغم من أنّهم يحملون وثائق سفر أصدرتها لهم سوريا، فإنهم لا يحملون أوراقاً تفيد بأنهّم مواطنو أي بلد.
وخلال العام الماضي، تحدّث موقع Middle East Eye عن موجة التقييد على منح التأشيرات السعودية، والتي طال أثرها أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني من عرب الداخل، والقدس الشرقية، والأردن، ولبنان، إذ منعتهم السعودية من أداء شعائر الحج والعمرة.
وقد رُفِعت تلك القيود المفروضة في فبراير/شباط الماضي أخيراً، بعد خمسة أشهر من المفاوضات الشاقّة مع السلطات السعودية.
ومع ذلك، فإنه بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الذين عاشوا في سوريا ويعيشون الآن في لبنان، تظل القيود مفروضة عليهم.
«الحجّ قبل أن تنتهي حياتهم»
خلال الأسبوع الماضي، خاطبت السفارة السعودية رؤساء شركات سياحة الحجّ في لبنان، وأعادت وثائق اللاجئين الفلسطينيين الوافدين إلى لبنان من سوريا دون منحهم تأشيرات الحجّ، وذلك على الرغم من الموافقات المبدئية.
يقول أحد أبناء اثنين من الفلسطينيين للموقع «إن هذا مؤلم بالنسبة لأمي وأبي، اللذين يزيد عمر كلّ منهما عن 70 عاماً، فقدّ استعدّا للحجّ وكانا في انتظار السفر. إن كل ما أراده والداي هو أداء الحجّ قبل مماتهم، ولكن القرار أحبطهم قبل بدء الحجّ بعشرة أيّام» .
وجميع الفلسطينيين المتضررين الذين تحدّث إليهم موقع Middle East Eye كانوا راغبين في عدم ذكر أسمائهم، فلربما تتراجع السعودية عن قرارها في المستقبل.
ومن أجل التقديم للحصول على تأشيرة الحجّ، اضطرّ الوالدان الفلسطينيان الحصول على وثائق سفر سورية جديدة، تكلّف الواحدة منها 350 دولاراً أمريكياً، واستغرق إصدارها 20 يوماً، فضلاً عن تكبّد نفقات وكيل السفر ورسوم التسجيل.
وقد سافرا أيضاً إلى السفارة السعودية في بيروت لتقديم بياناتهم البيومترية (التي تشمل بصمات الأصابع والخضوع لتقنية التعرّف على الوجوه، وغير ذلك)، وتلقّيا الأمصال اللازمة لتقديم طلب الحصول على تأشيرة الحجّ.
ويفرض لبنان قيود صارمة على عمالة اللاجئين الوافدين من سوريا، سواء كانوا سوريين أو فلسطينيين، وهو ما زجّ بمئات الآلاف منهم إلى الفقر. وبحسب إحصائية نشرتها الأمم المتحدة، 58% من اللاجئين السوريين يعيشون بأقل من 2.87 دولار في اليوم.
قبل الفرار من سوريا، عاش أغلب الفلسطينيين المتضررين في مخيّمات لاجئين بأنحاء دمشق -وهي أماكن دمّرتها الحرب حالياً واحتلّتها جماعات تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وهم الآن يعيشون في وادي البقاع بلبنان، وبمدينة صيدا، وفي شمال البلاد.
يقول أحمد حسين، مدير «مجموعة العمل من أجل فلسطيني سورية» الحقوقية، إن لبنان يعامل اللاجئين الفلسطينيين الوافدين من سوريا كأنهم إرهابيون.
يقول حسين «أولاً يأتي المواطن اللبناني، ثم اللاجئ الفلسطيني في لبنان الذي يُواجه العنصرية على كل المستويات، وبعدهما يأتي اللاجئ الفلسطيني الوافد من سوريا ويعيش في لبنان، والذي لا ينعم بأي حقوق» .
وأضاف: «إن حقّ أداء مناسك الحجّ يجب أن يكون مُقدساً وممنوحاً لكل المسلمين، بغضّ النظر عن وثائق السفر التي يحملونها».
ويقول حسين إن مجموعة العمل تحقق في حالات رفض منح التأشيرة لفلسطينيين.
وبحسب المجموعة الحقوقية، يعيش حوالي 27.000 لاجيء فلسطيني وافد من سوريا على أرض لبنان، ولم يسافر إلى السعودية من بينهم خلال العام الماضي لأداء مناسك الحجّ سوى 100 شخص.
فضلاً عن ذلك، لا يُسمح لهؤلاء بالعمل، ويخاطرون بعدم السماح لهم بالعودة إلى لبنان إذا غادروه، ويعيش الكثيرون منهم في البلاد مستخدمين تأشيرة السياحة التي تسري لمدّة شهور قليلة فحسب.
وخلال العام الماضي، ذهب 1500 لاجئ فلسطيني من لبنان للحجّ، من أصل 174422 شخصاً، بحسب الإحصاء الرسمي الأوّل والوحيد.
وعلاوة على ذلك، يواجه الفلسطينيون المُسجّلون لدى السلطات في لبنان أيضاً قيوداً صارمة، ويقتصر توظيفهم على مهن كثيفة العمالة.
الحجّ في وقت الحرب
منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، قطعت الرياض جميع العلاقات مع حكومة بشار الأسد، بما تضمّن إصدار تأشيرات الحج، وفي المقابل تنسق السلطات السعودية مع الائتلاف الوطني السوري (SNC)، وهو هيئة معارضة مقرها تركيا.
ويحتّم على السوريين الذين يرغبون في أداء فريضة الحج التسجيل لدى المجلس الوطني السوري، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون في سوريا.
في يوم الثلاثاء 6 أغسطس/آب 2019، وصل 2500 سوري إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، حيث توافدوا من أماكن مثل عمان، وإسطنبول، وإربيل، ودبي، والكويت، والقاهرة. وجاء نحو 6000 شخص من دمشق عبر مطار بيروت.
وتشير تقديرات مجموعة العمل إلى أن حوالي 350000 لاجئ فلسطيني يعيشون حالياً في سوريا. بينما يعيش ما بين 80 إلى 100 ألف لاجئ فلسطيني من سوريا في بلدان الاتحاد الأوروبي، ويعيش نحو 14000 في الأردن ونحو 8000 في تركيا.
يشار إلى أن موقع Middle East Eye قد تواصل مع السفارتين السعودية والفلسطينية في بيروت لطلب التعليق ولم يتلقّ ردّاً من جانبهما.