2024-11-25 09:43 م

كوشنر “يتجسس” على المواطنين العرب..!!

2019-07-25
واشنطن – ميديا نيوز – وكالات – كشفت وكالة Mcclatchydc الأمريكية للنشر، أنه بتوجيه من جاريد كوشنر، جمعت الوكالات الحكومية الأمريكية بين أدوات جمع المعلومات والخبرة الفردية للمرة الأولى لترتيب وسائل الإعلام العربية ترتيباً رسمياً، فيما يتعلق بتغطيتها لعملية السلام في الشرق الأوسط.

وأوضحت الوكالة في تقرير، الثلاثاء 23 يوليو/تموز 2019، أنه بحسب تقارير حسَّاسة بين الوكالات اطَّلعت عليها وكالة McClatchy للنشر، فقد قيَّمت الحكومة الأمريكية ما يقارب 50 مؤسسة إعلامية إقليمية، بناءً على تأثير تلك المؤسسات ونهجها إزاء سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وقال ثلاثة مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، إنَّ الغرض من مشروع كوشنر هو التواصل مع السكان المحليين بطريقة مؤثرة قدر الإمكان، للوصول لفهم أفضل «للعامل المحفز للشارع» في العالم العربي، حتى يتمكن هو وفريقه من جعل اتصالاتهم أكثر دقة.

وأضافت الوكالة نقلاً عن مسؤول كبير بالإدارة: «الفكرة القائمة هنا هي أننا أمضينا وقتاً كثيراً للغاية في وضع خطة سياسية، ووضع خطة اقتصادية، لدرجة أننا أصبحنا نرغب في إمضاء القدر نفسه من الوقت لفهم بيئة الإعلام الإقليمي».

وأضاف: «ما أردنا فهمه هو ما (العامل) المحفز للشارع، لذا فقد أردنا معرفة ماهية الأصوات المؤثرة ووسائل الإعلام المؤثرة، لذلك فقد أجرينا بحثاً عنها، ورتَّبناها. وما توصلنا إليه هو أن كثيراً من الوسائل التي كانت معادية لأمريكا أو معادية لإسرائيل في الماضي لم يكن لديها اتصال أو وصول لحكومة الولايات المتحدة».

دراسة توجهات وتأثير وسائل الإعلام العربية

وأعطى، كوشنر، وهو صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشار كبير يقود جهود السلام في الشرق الأوسط، التكليف بالمشروع في أغسطس/آب من العام 2018، بعد فترة وجيزة من انتهائه هو وفريقه المعني بالسياسة، من صياغة العناصر السياسية الرئيسية من خطتهم للإسرائيليين والفلسطينيين.

وتنقسم التقارير التي اطلعت عليها McClatchy إلى فئتين، إحداها يقيم استهلاك المواطنين للأخبار في كل بلد في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك التقسيم على حسب العمر، واستخدام الإنترنت ونسبة من يتلقون المعلومات عبر هواتفهم أو عبر الصحف أو عن طريق التلفاز.

أما الفئة الثانية من التقارير فهي تختص بتحليل وسائل إعلام محددة، لتقييم مدى حياد كل مؤسسة في طريقة تناولها لسياسة الولايات المتحدة، وتقييم تأثيرها وذكر ملكيتها بناء على تحليلات تجريها وكالتان حكوميتان عن طريق فحص المواد المتاحة للعامة.

وكانت التقارير مليئة بالتفاصيل. فعلى سبيل المثال، اكتشف فريق كوشنر أن انتشار الهواتف المحمولة بين الفلسطينيين كبير للغاية، حتى إن الغالبية يحصلون على الأخبار عبر الهواتف، أثناء الانتظار في طابور للمرور عبر نقطة تفتيش إسرائيلية.

وطريقة تغطيتها للسياسات الأمريكية في المنطقة

قال مسؤول كبير ثانٍ في الإدارة: «هذه المرة الأولى التي يجري فيها التوصل بمنهجية، إلى أن هذه هي وسائل الإعلام الأكبر من حيث الانتشار، وإلى حجم انتشارها، ونبرتها الشمولية حيال سياسة الولايات المتحدة، كانت لدينا جميع النقاط، لكنها لم تُجمع من قبل لإنتاج هذه الرؤى الدقيقة».

ويتمثل التركيز الرئيسي في فهم كيف تصف وسائل الإعلام في الشرق الأوسط الجهود الدبلوماسية للإدارة.

وخلال عملية التقييم تلك، يجري إدخال المواد الإخبارية التي تبثها وسائل الإعلام الإقليمية باللغتين الإنجليزية والعربية إلى برنامج آلي، ينسخ المحتوى ويبحث عن مجموعة من الكلمات المفتاحية. ثم بعد ذلك يجري التقاط مقطع مدته دقيقة حول كل كلمة مفتاحية، ويراجع فريق من خبراء حكوميين المواد لتعيين درجة حياديتها، ومن ثم تحديد مدى إيجابية وسلبية المحتوى.

وبعدها يجري حساب متوسط هذه الدرجات لتوفير تقييم عام لتغطية كل وسيلة إعلامية، ما يسمح للحكومة بتتبع ما إذا كانت التغطية تتحسن بمرور الوقت، وتزويد فريق كوشنر بالأدلة الملموسة لتكييف مشاركتهم. يجري تحليل كل من وسائل الإعلام المطبوعة والرقمية.

قال مسؤولون إن سفارات الولايات المتحدة الإقليمية، ومتحدثين باللغة العربية من وزارة الخارجية، يشاركون في جهود  (تحسين) عملية التواصل تلك.

وهو نهج تقوم به أمريكا منذ 50 عاماً

تجمع الحكومة الأمريكية وتترجم محتوى وسائل الإعلام الأجنبية منذ أكثر من 50 عاماً، كانت البداية عبر «مركز خدمات معلومات البث الأجنبي» (Foreign Broadcast Information Service)، ثم لاحقاً عبر «مركز المصدر المفتوح» (Open Source Center)، لتحليل المواد لأغراض استخباراتية.

وأضاف المسؤولون أن كوشنر اتَّخذ خطوة إضافية في ذلك النهج المتبع منذ 50 عاماً، بطلبه تحديثات منتظمة مبنية على البيانات، بشأن رأي وسائل الإعلام العربية، واستخدام تلك المعلومات لتشكيل مجموعة من السياسات.

وفقاً للبيانات المُجمعة، كانت التغطية تميل عموماً إلى السلبية، رغم أن بعض الكلمات المفتاحية حظيت باهتمام إيجابي متزايد في الشهور الأخيرة. وعلى الرغم من أن كلمات مفتاحية محددة ووكالات بعينها لا يزال ذكرها في التغطية الإعلامية حساساً، ثمة مصطلح بحث واحد يجري تتبعه باستمرار بطريقة سلبية؛ «صفقة القرن»، وهو اسم رمزي لخطة السلام.

قال المسؤولون إن الأولوية القصوى لكوشنر هي استهداف وسائل الإعلام العربية الأكثر تأثيراً، بغضِّ النظر عن توازن تغطيتها. لكن وفر معدل الحياد نظرة ثاقبة حول كيفية التعامل مع كبار الصحفيين والمسؤولين التنفيذيين لوسائل الإعلام.

تعكس استراتيجية الاتصالات ميل كوشنر للحلول القائمة على البيانات، وكان ذلك محور تركيزه خلال دوره الاستشاري لترامب في حملته الانتخابية عام 2016، وهي أحد المبادئ الأساسية لاستراتيجية الرئيس لإعادة انتخابه عام 2020، وغالباً ما تستخدم الشركات في القطاع الخاص هذه العملية، التي يُشار إليها غالباً في أواسط علماء البيانات بـ «تحليل الآراء»، لتتبع مدى رواج منتجاتهم والاهتمام الذي تحوزه.

لتحليل وسائل الإعلام في مختلف دول العالم

قال بينغ ليو، وهو عالم كمبيوتر بجامعة إلينوي في ولاية شيكاغو، الذي أجرى أبحاثاً وكتب على نطاق واسع عن هذه المسألة: «لم أر أحداً يحلل المؤسسات الإعلامية، لكنه أمر ممكن للغاية، لأنه يمكن تطبيقه على أي شيء، والتوسع ليس مشكلة، فهو يبحث عن مبتغى الآراء إلى جانب الآراء نفسها».

لكن العمليات التي تعتمد على البيانات البحتة غالباً ما يجري قبولها بقدر من الشك في مصداقيتها. يقول مسؤولون أمريكيون مشاركون في مشروع كوشنر إنه لم ينجح أحد، سواء في القطاع العام أو الخاص، في تحليل الرأي العام باستخدام البرامج الآلية بالكامل، ويلاحظون أن النماذج القائمة على استخدام الخبرة «البشرية» مطلوبة دائماً في مرحلة ما.

وأشار محمد عبدالعزيز، وهو خبير في وسائل الإعلام العربية عمل سابقاً لدى منظمة فريدوم هاوس، ولدى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الآن، إلى أنه يتعيَّن على مسؤولي الولايات المتحدة التعامل مع تحديات نمذجة الآراء في المجتمعات التي تعاني من القمع.

وقال محمد عبدالعزيز: «معظم الدول العربية استبدادية، ووسائل الإعلام تسيطر عليها المخابرات والأمن، وهناك عواقب إذا انحرفت الرسالة عن الخط الرسمي. لذلك فإن الطريقة الوحيدة لتغيير التغطية هي من خلال الأنظمة نفسها، لأنهم ليست لديهم إرادة لإعطاء حرية للصحافة أو اختلاف الآراء».

والهدف هو تحسين فهم سياسة الإدارة الأمريكية

لكن فريق كوشنر يقول إن المشروع كان ضرورياً لفهم وتحديد وسائل الإعلام التي تصف سياسة الولايات المتحدة بمصطلحات سلبية، وإلى أي مدى يصل هذا الوصف، لأنه يعمل على تحسين فهم سياسة الإدارة.

 وقال مسؤول كبير ثالث في الإدارة: «كان لدى الإدارات السابقة نهج شديد التخوف تجاه وسائل الإعلام سلبية التغطية، فقال كوشنر على الفور، دعونا نشارك ونجري محادثات مع وسائل الإعلام من جميع وجهات النظر لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التأثير عليهم وجعلهم يحققون توازناً في تغطيتهم في نهاية المطاف. كان نهجه يتمثل في عدم استبعاد أي وسيلة إعلامية، موضحاً أن هذه الوسائل الإعلامية تمثل أصواتاً مؤثرة في المنطقة، وتصل إلى الأشخاص الذين نحتاج إلى الوصول إليهم».

جدير بالذكر أن جهود حملة الرئيس السابق باراك أوباما حيال الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015 تشبه الآن حجم جهود الاتصالات الاستراتيجية الحالية لكوشنر، وفقاً لمسؤولي الخدمة المدنية والشؤون الخارجية الذين خدموا في كلتا الإدارتين.

لكن مسؤولاً سابقاً في إدارة أوباما شارك في إطلاق تلك السياسة التاريخية، نفى أن فريقه قضى «المئات من ساعات العمل» في رسم مخطط بتفاصيل المشهد الإعلامي في وقت مبكر، مثلما فعل فريق ترامب قبل طرح خطة السلام.

وقال نيد برايس، المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما: «الأمر الأقل أهمية من عملية رسم مخطط (للمشهد الإعلامي) التي فعلوها هو التواصل، كيف يستخدمونه، وما الذي ينشرونه. لست قلقاً كثيراً بشأن قدرتهم على التواصل أكثر من اهتمامي بجوهر اتصالاتهم. لكن عند تحميسهم وتحفيزهم، فإنهم يبعثون بالرسائل الصحيحة في الاتجاه الصحيح».

بينما يرى آخرون أن ذلك «محدود التأثير» 

واتفق دينيس روس، وهو مبعوث مخضرم في الشرق الأوسط، خدم الرؤساء السابقين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما، مع ذلك القول، مؤكداً أن الاتصالات الاستراتيجية محدودة التأثير.

 وقال روس: «هذه الاتصالات تضل طريقها ببعض الطرق، لأنه إذا كان جوهر ما تمثله غير مقبول تماماً، فلا يهم كيف يستهدفون وسائل الإعلام. ربما هذا ما كان ينبغي عليهم فعله في عام 2017، أما الآن فأنت تحاول عكس المواقف. وهذا أمر صعب للغاية، الاتصالات الاستراتيجية لا تكون موجودة في الفراغ».

لقد مهدت إدارة ترامب لإطلاق خطة السلام الخاصة بها على مدار أكثر من عامين. لكن العلاقات مع السلطة الفلسطينية انهارت في ذلك الوقت، بسبب اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإغلاق المكاتب الفلسطينية في واشنطن، وخفض المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية ووكالات الأمم المتحدة، بسبب مواقفها من النزاع.

لم يتواصل القادة الفلسطينيون مباشرة مع نظرائهم الأمريكيين منذ أكثر من عام، ورفضوا خطة كوشنر المقبلة للسلام باعتبارها مضيعة للوقت.

وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة: «نتفهم أن القادة الفلسطينيين سيواصلون انتقاد الخطة، لكننا نعتقد أنه يمكننا الوصول إلى الناس بهذه الطريقة. لقد تخلت القيادة عن الشارع».

وتابع المسؤول: «ما نفعله هو القول إن هناك فكرة لعملية سلام تقليدية تحتاج إلى التمهيد لها، وبناء الثقة وكل هذه الأشياء الأخرى التي لم تنجح. نعلم أن هذا نهج مختلف، ولكن لدينا ثقة كاملة في مضمون الخطة نفسها، والآن نحتاج فقط إلى توصيلها مباشرة إلى الناس».

والهدف الأساسي الترويج لـ «صفقة القرن»

أظهر استطلاع للرأي صدر في وقت سابق من هذا الشهر من المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن 90% من الفلسطينيين لا يثقون في الإدارة، ويرى 80% أن مشاركة الدول العربية في الجهود الأمريكية هي بمثابة «تخلٍّ عن القضية الفلسطينية».

لكن مسؤولي الإدارة يقولون إنهم لاحظوا تحولاً واعداً في بيانات أبحاثهم منذ إطلاق الجزء الاقتصادي من خطة السلام الخاصة بهم، والتي تحمل اسم «السلام من أجل الرخاء»، في البحرين الشهر الماضي.

وقال موظف حكومي في الخدمة المدنية في وزارة الخارجية، عمل سابقاً ضمن جهود السلام 2013-2014، في ظل إدارة أوباما: «بصراحة، الوضع مختلف تماماً، الجهد الأخير كان أكثر تقليدية، وكنا نقول أشياء أراد الناس سماعها. الآن أصبح من الصعب للغاية قول أشياء سيختلف الناس معها، (على سبيل المثال) تدمير الصين. من الصعب إعلان أمر مثل ذلك».

وتابع: «أعتقد أنه يصعب قياس ذلك، لأن ردود الفعل لم تكن بوضوح إيجابية حتى الآن (مثلما كانت سابقاً)، لكن إذا لم تنخرط في ذلك العمل، فمن الصعب الحكم على مقدار المعاداة الذي قد تنتج. من المهم الوصول إلى جماهير مختلفة، إذا لم يكونوا يفعلون ذلك على الإطلاق، فقد يكون ذلك غير مواتٍ للغاية».

عند افتتاح مؤتمر البحرين، بدا كوشنر أنه قد تكيف مع نتائج البحوث، وقدم ملاحظات كما لو كان يعرف جمهوره جيداً. وقال كوشنر في المنامة: «بعض الناس أطلقوا بسخرية على هذا الجهد «صفقة القرن». لكن في جوهره، الأمر لا يتعلق فقط بعقد صفقة».