أغلقت جنوب أفريقيا الباب في وجه السعودية مجدداً، خوفاً من السمعة السيئة للمملكة في المحافل الدولية، مؤكدة أن شركة "دينيل" لصناعة السلاح لن تبيع أسهماً أو تتنازل عن حقوق ملكية فكرية للرياض.
وتسعى السعودية لإبرام شراكة موسعة مع دينيل تشمل الاستحواذ على حصة الأقلية التي تملكها الشركة في مشروع مشترك مع راينميتال الألمانية، علماً أن ألمانيا جمدت صادرات السلاح للرياض إلى أن توضح ملابسات جريمة قتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، في حين تسعى السعودية لبناء صناعة سلاح محلية في ظل قلق الموردين التقليديين من سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وبعد مرور أقل من عام على فشل السعودية في الاستحواذ على نسبة من الشركة الجنوب أفريقية المملوكة للدولة وتعثر المفاوضات، عاودت الرياض مجدداً الوقوف على باب "بريتوريا" التي قالت العام الماضي إنها تخشى السمعة السيئة للرياض بعد فضيحة قتل جمال خاشقجي.
وقالت رويترز اليوم إن الشركة السعودية للصناعات العسكرية تواصل إجراء محادثات الشراكة التجارية مع "دينيل" التي قالت هذا الشهر إنها لن تبيع حصة للشركة السعودية، فيما نقلت عن داني دو توا الرئيس التنفيذي لشركة دينيل قوله إن الشركة المملوكة للدولة منفتحة على الدخول في شراكات لكنها لن تبيع أسهماً أو تتنازل عن حقوق ملكية فكرية للشركة السعودية للصناعات العسكرية التي قدمت عرضاً قيمته مليار دولار العام الماضي من أجل شراكة واسعة.
وقال أندرياس شوير الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لرويترز اليوم الإثنين "المحادثات مستمرة"، مضيفاً "الاستحواذ على حصة هو مجرد خيار لكن لا تزال هناك خيارات متعددة"، مردفاً أن هذا يشمل الشراكة في برامج أو العمل على مشروعات في مجالات جديدة.
وفي نوفمبر الماضي حللت رويترز بيانات صادرات السلاح الجنوب أفريقية على مدى 5 سنوات، وتحدثت مع موظفين سابقين وحاليين في شركة "دينيل" كما حصلت على عروض توضيحية داخلية في "دينيل" بشأن خطط لإنقاذ الشركة. واتضح من ذلك أن السعودية وحلفاءها حصلوا على نحو نصف صادرات السلاح الجنوب أفريقية في الفترة الأخيرة فضلاً عن تقديمهم جزءاً كبير من الطلبيات المستقبلية.
وقال هيلمود هيتمان المحلل في الشؤون الدفاعية في تصريح لرويترز: "يعتمد مصير دينيل على الصفقة. الصناعة بأسرها تتوقف على الصفقة"، مضيفاً "أعتقد بأن فرص إتمامها 50%. من يتبنون نهجاً عملياً يريدون المضي قدماً، لكن قضية خاشقجي ألحقت السمعة السيئة بالسعودية".
وكانت رويترز حذرت في تقريرها في نوفمبر 2018 من أن الاتفاق قد يتحول إلى قضية سياسية، وذلك قبل دخول الرئيس سيريل رامابوسا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم الانتخابات، منوهة بأن حزب المعارضة الرئيسي في البلاد "التحالف الديمقراطي" يؤكد على ضرورة رفض العرض السعودي.
وقال رامابوسا للصحفيين رداً على سؤال بخصوص قتل خاشقجي العام الماضي: "نأمل أن يتعاملوا مع الأمر سريعاً حتى تظهر الحقيقة"، فيما رفض ستيفنز موكجالابا عضو البرلمان عن التحالف الديمقراطي الشراكة مع السعودية، قائلاً: "وضع شركتنا الدفاعية التابعة للدولة تحت تصرف طاغية قاتل من شأنه أن يجعل الدولة كلها متواطئة في الفظائع التي يرتكبها نظام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد حقوق الإنسان"..
وأكدت وزيرة الخارجية لنديوي سيسولو أن أي مشاورات بخصوص اتفاق محتمل ستستند إلى قيم جنوب أفريقيا، قائلة: "ديننا المشترك هو حقوق الإنسان. لقد عانينا طويلاً جداً بدرجة تمنعنا من الانحراف عن هذا الاعتقاد الديني". غير أن قتل خاشقجي سبب معضلة.
وتؤكد رويترز أن "هذا هو رد الفعل الذي طالما كانت تخشاه الرياض، التي تواجه انتقادات منذ 2015 بسبب حربها في اليمن، كما يفسر سبب بناء الحكومة لصناعة السلاح لديها. وهذا أيضاً سبب اختيارها لجنوب أفريقيا".
وأظهر تحليل أجرته رويترز نوفمبر الماضي أن مبيعات جنوب أفريقيا للسعودية والإمارات اللتين تقودان التحالف باليمن بلغت في 2013 نحو 9% من إجمالي صادراتها من الأسلحة. ومنذ بدء حرب اليمن، باعت جنوب أفريقيا للبلدين عتاداً عسكرياً- يشمل عربات مدرعة وبنادق قنص وقنابل وقذائف مورتر ومعدات مراقبة- بقيمة 4.6 مليار راند أو ما يعادل 44 % من إجمالي صادراتها من الأسلحة. غير أن ما قد يبدو كترتيب طبيعي لإنقاذ دينيل بات الآن محفوفاً بالمصاعب.
وأشارت رويترز إلى أنه "برغم حماس الحكومة الواضح للتعامل مع السعودية وحاجة دينيل الملحة لإنقاذ وضعها المالي، فإن البعض غير متجاوب مع التعامل مع السعودية"، لافتة إلى حملة الرفض والانتقاد للسعودية في مواقع التواصل الاجتماعي في جنوب أفريقيا رداً على أنباء عروض الشراء السعودية لجزء من حصة الأقلية التي تملكها شركة "دينيل" لصناعة السلاح في مشروع مشترك مع راينميتال الألمانية.