أكد مصدر مطلع لـموقع "المدن" وجود خط ساخن في هذه الأثناء بين تل ابيب والقاهرة، في سياق التعاون والتنسيق الأمني المشترك، لتدارك أي إنفجار للأمور في مناطق مختلفة من مصر بما فيها سيناء، في أعقاب وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي.
ويتابع المصدر "ثمة قلق إسرائيلي كبير حيال انفجار الأمور وإقدام الإخوان المسلمين على خطوات غاضبة"، مشيراً إلى تعاوناً معلوماتياً يجري بين الطرفين على مدار الساعة.
وتنظر الدوائر الأمنية والسياسية في إسرائيل بترقب بالغ إلى مآل الأمور في مصر، معتبرة أن الأيام القادمة وخاصة يوم الجمعة، بمثابة الإختبار الأكبر لمدى "مقدرة جماعة الإخوان المسلمين على الإنتفاض والغضب ضد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي".
وتنظر هذه الدوائر الإسرائيلية وفق ما رصدت "المدن" إلى تعاونها مع النظام المصري الحالي الذي يتصدره عبد الفتاح السيسي، بأنه "استراتيجي"، وتشدد على أنها لا تريد أي توتر في مصر وعلى أن تكون مستقرة، ولذلك ستفعل المخابرات الإسرائيلية ما بوسعها لإبقاء الهدوء في هذا البلد، وفق قراءات إسرائيلية متطابقة.
وتكشف مصادر "المدن" عن معلومات إسرائيلية قادت إلى اعتقال السلطات المصرية للعديد من أعضاء وقيادات "الإخوان" في مصر على مدار السنوات الفائتة.
ولم تتوقف المصلحة الإسرائيلية عند هذه المساعدة الإستخباراتية للنظام المصري، بل وسمحت للجيش المصري بالدخول إلى سيناء بعتاد وأعداد أكبر مما هو منصوص عليه في اتفاقية كامب ديفيد التي أبرمت عام 1979، من أجل توجيه ضربات قاسية للمجموعات المسلحة في المنطقة، فضلاً عن تقديم معلومات أمنية عن مواقع هذه المجموعات وأسماء من يُديرها.
وتكشف مصادر "المدن" أن المصلحة الإسرائيلية اقتضت أن تسمح تل ابيب للنظام المصري بإدخال طائراته الحربية لمناطق على بعد 25 كيلو متراً من خط الهدنة مع الدولة العبرية- رغم مخالفة ذلك مخالف لإتفاقية وقف إطلاق النار- من أجل ضرب المجموعات المسلحة المعارضة في تلك المناطق.
وفي السياق، ينقل محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، عن مصادر وصفها برفيعة المستوى في إسرائيل، قولها إنّ الأخيرة تُراقب عن كثب تداعيات الوفاة، وما إذا كانت ستقود إلى مواجهاتٍ بين النظام الحاكم وبين مؤيّدي حركة الإخوان المسلمون.
والواقع، أن إسرائيل ترى في هذا الأمر تحديًا لنظام الرئيس المصريّ الحاليّ عبد الفتّاح السيسي، غير أن تحليلات وتصريحات إذاعية رصدتها "المدن" تخفف من حجم هذه المخاوف، لا سيما ذلك المنسوب للصحافي الإسرائيلي المتخصص بالشؤون العربية يعقوب عيزرا، إذ يعتقد في الوقت ذاته أنّ "نظام السيسي قادرٌ على استيعاب الحدث وتداعياته وتبعاته".
وتجمع الدوائر الإستراتيجية في الدولة العبرية أن الإمتحان الكبير والمفصليّ والجوهريّ للنظام الحاكم في القاهرة هو يوم الجمعة القادم، على خلفية صلاة الجمعة في مساجد مصر، مُوضحة أنّه من المُتوقّع أنْ يقوم النظام في القاهرة بتعزيز قوّات الأمن في المدن المصريّة الكبيرة.
وتزعم هذه الدوائر، أنّ محاولات من قبل حركة الإخوان ستجري خلال الأيام القادمة لتنظيم تحركّات احتجاجٍ في جميع أرجاء مصر، مضيفة " وبالمُقابِل فإنّ قوى الأمن المصريّة، بمُختلف أذرعها ستعمل على وأد كلّ تحرّكٍ احتجاجيّ جماهيريّ".
وحاولت إسرائيل أن تسهم ولو إعلامياً في تخفيف وطأة ردود الفعل الشعبية المصرية وحتى العالمية إزاء واقعة قتل مرسي وكأنها طبيعية، عبر الترويج بأن "التقدير السائد في إسرائيل يشير إلى أنّ مرسي توفي إثر نوبةٍ قلبيّةٍ ألّمت به في قاعة المحكمة".
بالإضافة إلى ذلك، أوضحت المصادر في تل أبيب، أنّ الحكم في القاهرة يستعّد لمواجهة لإمكانية انطلاق مظاهراتٍ في مصر أو صلوات جماعية ستقام على روح الرئيس الراحل مرسي في أكثر من منطقة بمصر وتحديدًا في المدينتين المركزيتين، القاهرة والإسكندريّة. وبالتالي قام مُباشرةً بتعزيز قوّات الأمن المصريّة في الشوارع لدرء هذا الخطر.
وبالتالي، فإن المراقبة الإسرائيلية للوضع في مصر الآن، تجمع بين القلق الإسرائيلي الكبير إزاء أي تفجر للأمور في هذه الدولة، وبين الثقة الكبيرة لدى تل أبيب في "قدرة السلطات المصرية وقوتها وسيطرتها بيد من حديد بقيادة السيسي" على قمع أي تحرك احتجاجي وإنفلات للأمور.