2024-11-25 11:58 م

لقاء اللواء علي مملوك مع العاروري هل كسر الجليد بين سورية و”حماس”؟

2019-06-05
ابراهيم شير
خلال الايام القليلة الفائتة تداولت عدة وسائط انباء عن لقاء جمع رئيس مكتب الامن القومي في سورية اللواء علي مملوك، مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، الذي التقى ايضا بشكل منفصل مع مستشار الرئيس السوري بثينة شعبان. وبحسب المعلومات التي تسربت، ان اللقاءات جرت بوساطة ايرانية و حزب الله، وان اكبر انجاز يحسب لهذه المباحثات هي نقل العلاقة بين سورية والحركة من مرحلة العداء الى المهادنة، بحسب ما تأمل حماس.
وخلال السنوات الثمانية الماضية، وقفت الحركة ضد سورية بصورة واضحة وحاربتها عسكريا ايضا في مخيم اليرموك، حيث ان فصيل اكناف بيت المقدس كان تابعا لحماس بصورة او بأخرى خصوصا وان مرافقين لخالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة، كانوا من قادة هذا الفصيل في المخيم مثل مأمون بشر الجالودي، ومحمد زغموت الملقب بأبو أحمد المشير، اضافة الى توفير الدعم السياسي للمعارضة السورية لاسيما المسلحين، وتقليب الشارع الفلسطيني ضد الدولة السورية خصوصا بعد رفع اسماعيل هنية للعلم الذي يمثل التيار المضاد لدمشق في قطاع غزة، ورفع مشعل لنفس العلم ايضا وحضوره لعدة مؤتمرات للمعارضة.
اذا لماذا العودة الان بعد كل هذا التطرف ضد دمشق؟
عند سقوط الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، اصيبت حماس بضربة موجعة، فمنذ ذلك الوقت تكشفت عدة حقائق على السطح امام الحركة.
اولها ان الدولة السورية لن تسقط وان مراهنات حماس باءت بالفشل، خصوصا بعد ان اكتشفت الكذبة التركية بان الدولة السورية ستسقط خلال اشهر.
وبعد خروج الحركة من سورية ضاقت بها الارض بما رحبت، خصوصا وان قطر وتركيا قد منعتا قيادات حماس من التصريح باي امر يخالف وجهة نظرهم وهم على ارضهم، ومن ثم تم طرد عدد من قيادات الحركة من الدوحة وانقرة، واستقر بهم المطاف في لبنان منذ عامين وعلى راسهم العاروري.
ويذكر ان خلال عمل حماس في سورية لم يفرض عليها شيء من القيادة في دمشق، بل على العكس تماما اعطيت الحرية بالتحرك والتصرف كما تريد، ففي عام 2007 رفضت دمشق اجتماع مكة المكرمة بخصوص المصالحة الفلسطينية، لانها رأت انه مجحف بحق المقاومة ويفرض عليها الهدوء بوجه الاحتلال الاسرائيلي الذي يمارس التصعيد، الا ان حماس ذهبت للمؤتمر ووقعت الاتفاقية وعندما عاد مشعل الى دمشق لم يلمه احد على هذا الموقف. اما قطر بعد خروج الحركة من سورية فرضت عليها قاعدة “ما نبغى توتر نبغى هدوء تام”. وكل ذلك بكفة وما يحدث في هذا العام في كفة اخرى، فالآن لم يعد يفصلنا عما يسمى صفقة القرن إلا ايام قليلة على اعلانها، في وقت تمارس فيه السعودية اقصى درجات الحزم والحسم ضد اعضاء حماس او المتعاطفين معها، سواء بالاعتقال او الطرد او مصادرة الاموال، هنا يمكننا التنبؤ انه لم يبق امام الحركة سوى الحضن السوري للعودة، فدمشق لم تخذلهم يوما.
دمشق قد تقبل عودة الحركة الى سورية ولكن وفق استراتيجية جديدة وشروط. اولها ان حماس لن تكون معصومة كما كانت في السابق، خصوصا في ملفات الامن القومي السوري. ثانيا علاقة حماس مع الخارج لا يجب ان تكون متعارضة مع علاقة سورية مع الخارج. ثالثا التخفيف من خطابات الادلجة الدينية لدى الحركة وقواعدها. رابعا ان يكون سلاح المقاومة وفكرة وعقيدتها وقواعدها ضد الاحتلال الاسرائيلي فقط. خامسا ان يكون وجودها في سورية وفق قيود ابرزها الندوات وخطب الجوامع والمنشورات والاعلام.
اما عن شكل العلاقة فيمكن ان تكون خلال الفترة المقبلة عبارة عن مرحلة هدنة الى ما شاء الله او حتى تثبت حماس التغير فعليا حتى تبدأ العلاقة بالتحسن تدريجيا.
دمشق والشارع السوري اغلقوا ملف عودة حماس نهائيا خلال السنوات الماضية، الا ان الوساطات من قبل اعضاء محور المقاومة وعلى راسهم ايران وحزب الله وحركة الجهاد، فتحت هذا الباب، خصوصا وان الوقت القادم هو وقت مهم وحاسم بوجه صفقة القرن التي سترسم معالم المواجهة القادمة، لذلك (قد تضع دمشق على جرحها ملحا) وتقبل بعودة الحركة من اجل القضية الفلسطينية واحباط الصفقة.
الحركة خلال الفترة الاخيرة حاولت بشكل واضح وصريح تغيير مسارها مع دمشق وان تعطي لشارعها جرعات من هذا التغيير تمثلت بتصريح مهم لنائب رئيس الحركة في غزة خليل الحية، الذي قال إن سورية داعم أساسي للمقاومة. ومن ثم تصريح القيادي في حماس اسماعيل رضوان، بان حركته حريصة على استعادة دمشق دورها الريادي في دعم القضية الفلسطينية، فهي كانت ولا تزال وستبقى داعمة للقضية ومكاناً لمرابض المقاومين ضد الاحتلال. واعتبر انه ليس بين حركته ودمشق اي عداء وان هناك حاجة ملحة لعودة العلاقة من أجل مواجهة صفقة القرن.
هذه التصريحات قد تعتبر بداية لتغيير حماس لمنهجها، ولكن المهم هو رسالتها لشارعها بعد حملة التشويه الكبيرة التي قامت بها خلال السنوات الماضية بحق الدولة السورية والسيد الرئيس بشار الاسد، فان نجحت بهذا الامر ربما ستنجح بما سبق من امور.
دمشق كانت ولا تزال قلب العروبة والمقاومة النابض، وهي البوصلة بين تمام الحق وتمام الباطل.
كاتب واعلامي سوري
المصدر/ رأي اليوم