2024-11-23 06:47 م

«جايسون».. مجموعة غامضة من صفوة العلماء الامريكيين,, لديهم مهام سرية، ماذا يفعلون؟

2019-05-11
من بين النخبة العلمية في الولايات المتحدة، هناك مجموعة من العلماء تحيط بهم هالة من الغموض، في حياتهم اليومية، هم أساتذة وباحثون في أعرق جامعات الولايات المتحدة، لكنَّهم في الوقت نفسه يقومون بمهام سريَّة يتوقف عليها الأمن ليس فقط في بلادهم، لكن في العالم كله.

تقرير لموقع BBC Mundo التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، استعرض كل ما هو معروف عن مجموعة «جايسون»، الفريق المكون من حوالي 50 باحثاً يقدمون المشورة لوزارة الدفاع الأمريكية وغيرها من أجهزة الدولة.

أكثر من نصف تقاريرهم سرية 

بناءً على طلب الأجهزة الوطنية، يجري أعضاء «جايسون» دراساتٍ تستند إلى البيانات العلمية، لاتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن القومي. أكثر من نصف هذه التقارير سريّة، وتتناول قضايا مثل الترسانات النووية، وأقمار التجسس الصناعية، والحرب البيولوجية، وتكنولوجيا الليزر، والصواريخ البالستية، والاستخبارات، والدفاع ضد الهجمات الإرهابية.

تشكَّلت المجموعة في عام 1960، لتقديم المشورة العلمية للبنتاغون بصورةٍ مستقلة.

ومنذ ذلك الحين، قدّموا أيضاً خدماتهم إلى الأجهزة والوكالات الحكومية الأخرى، لكنَّ مستقبلهم الآن يُعدُّ غامضاً.

ما الذي يجعلهم مميزين؟

من الشائع أن تكون للهيئات الحكومية مجالس استشارية، لكنَّ «جايسون» تعمل بشكلٍ مختلف؛ فهي لا تعمل تحت إمرة أي وكالة بعينها، لكن تقدم خدماتها لكل من يطلبها.

وفي حديثها مع BBC Mundo، قالت آن فينكباينر، مؤلفة كتاب «جايسون: التاريخ السري للنخبة العلمية في فترة ما بعد الحرب»: «إنَّهم مثل المستقلين».

وتابعت: «إنَّهم فريدون من نوعهم، لم تُنشأ مجموعتهم على يد قائدٍ ما، وهذا يجعل من الصعب عليهم أن يكون لديهم تضارب في المصالح».

وفي مقالٍ نشر بمجلة Nature، وصفتهم فينكباينر بأنَّهم: «مستشارو الدفاع العلميون الأكثر استقلالاً في العالم».

يختار الفريق أعضاءه، ولا يسمح للوكالات التي يعمل معها بمحاولة تعيين شخصٍ ما ليكون جزءاً منه.

ما سبب غموض هذه المجموعة؟

يتعهد العلماء للوكالات التي تدعمهم أو يعملون لحسابها بعدم التحدث عن الدراسات التي يقومون بها، ما لم تأذن هذه الوكالات بذلك.

بالإضافة إلى ذلك، لن ينظر إليهم العديد من زملائهم بصورةٍ جيّدة؛ كونهم يقدِّمون المشورة للحكومة بشأن قضايا الدفاع، لذلك يفضلون التواري عن الأنظار.

أخيراً، نظراً لأنَّهم يعملون مع مثل هذه الموضوعات الحساسة، تقول فينكباينر إنَّهم «لا يريدون جذب انتباه الأشرار».

وحتى اسمهم يسبب جدلاً. وهناك العديد من النظريات حول أصل الاسم، والبعض يقول إنَّه يمكن أن يكون اختصاراً.

ومع ذلك، تؤكد فينكباينر أنَّ الاسم يشير إلى جايسون، بطل الأساطير اليونانية وزعيم بحارة الأرجو، الذي كان يبحث عن الصوف الذهبي.

لديها إنجازات واضحة وبعض تصرفاتهم تثير جدلاً

وفقاً للكاتبة، من الصعب قياس التأثير الناتج عن دراسات مجموعة «جايسون»، لأنَّه نادراً ما يمكن معرفة ما يعملون عليه، ولا تُفصح العديد من دراساتهم عن نفسها أبداً، ولا يُحتفظ بسجل رسمي لنتائج تقاريرها.

وعلى الرغم من ذلك، لديهم إنجازات واضحة، مثل تطوير تقنية الليزر التي تسمح للمراصد الفلكية بالحد من التشويه الناتج عن الغلاف الجوي عند مراقبة النجوم.

لكنَّ بعض تصرفات المجموعة الغامضة أثارت جدلاً.

ففي حرب فيتنام، طوَّر فريق جايسون تقنية استشعار، وظيفتها اكتشاف القوات أو المركبات التي تحاول التسلل إلى شبكة الطرق. 

من حيث المبدأ، تم تصميم هذه التقنية للحد من التسريبات، لكن وفقاً لفينكباينر، استخدمها سلاح الجو الأمريكي فقط في تنفيذ المزيد من عمليات القصف الجويّ.

وكان هذا الاختراع بمثابة نموذج أولي للتطبيق الإلكتروني في ساحات القتال.

ووفقاً للكاتبة، أعرب كثيرون عن أسفهم لأنَّ فريق «جايسون» قد شاركوا في ذلك.

مستقبلهم مجهول ودراساتهم تكلف 8 ملايين دولار

في نهاية مارس/آذار، أعلنت الحكومة الأمريكية أنَّه بحلول 30 أبريل/نيسان، سيتم تعليق الدعم التشغيلي لفريق «جايسون» وعدم تجديد عقدهم مع Mitre، وهي شركة غير ربحية تدير مراكز الأبحاث التي تتلقى أموالاً من الحكومة لدعم أجهزتها.

ومن جانبه، نشر الفريق العلمي بياناً يحوي القليل من الأمل: «هناك احتمال حقيقي أن تُحل مجموعة جايسون فعليّاً بعد فترةٍ وجيزة من اجتماع الربيع، في ظل ظروف من شأنها أن تجعل عودتها غير مرجّحة».

ويؤكد نفس البيان أنَّ التكاليف السنوية لفريق «جايسون»، بما في ذلك الدعم التشغيلي وتنفيذ الدراسات، تقل عن 8 ملايين دولار أمريكي.

ووفقًا لما نقله موقع Gizmodo عن هيذر باب، المتحدثة الرسمية باسم البنتاغون، فإنَّه على الرغم من هذه القرار، فإنَّ وزارة الدفاع لا تزال مهتمة بتلقي المشورة التقنية والعلمية، في حين تتطلع إلى الحصول على أكبر فائدة اقتصادية للوزارة، وأقصى قيمة لكل دولار تُحصِّله الدولة من دافعي الضرائب لإنفاقه على مهام الدفاع.

وبعد أيام، أعلنت الإدارة الوطنية للسلامة النووية أنَّها منحت جايسون عقداً لمدة 8 أشهر لإنهاء الدراسات الجارية، وإيجاد وكالة فيدرالية جديدة لرعايتهم اعتباراً من فبراير/شُباط 2020.

لكن ترى فينكباينر أنَّ فريق جايسون «باقٍ»، وأنَّ الوكالات الحكومية ستظل مهتمة بالبيانات وطلب المشورة، وهو ما يبرر وجود مثل هذا الفريق.

وفي النهاية، تقول الكاتبة: «هذا البلد يحتاجهم بشدة».


عرب بوست