القدس/المنـار/ لم تؤكد أو تنفي الأطراف ذات العلاقة ما نشرته صحيفة (يسرائيل هيوم) من بنود تتضمنها صفقة القرن المبادرة الامريكية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ويبدو أن ما جاء في هذه الصحيفة المقربة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هو تسريب متعمد له أهدافه ومراميه، باتجاه الساحتين الفلسطينية والاسرائيلية لمعرفة رد الفعل على هذه البنود في الساحتين المذكورتين، الموقف الفلسطيني، وموقف الكتلة اليمينية المتطرفة التي يتزعمها نتنياهو، وحتى باقي الاحزاب في اسرائيل، وايضا تعليقات بعض الدول التي وردت اسماؤها فيما نشرته الصحيفة المشار اليها.
في بنود الصفقة، حسب الصحيفة الاسرائيلية، أدوار لدول عربية، واخرى غير عربية، مشاركة لامريكا في التمرير وأثمانا مدفوعة، وتمويل مالي للصفقة، ولا نعتقد أن هذه الدول ليست على علم بما ستطرحه ادارة البيت الابيض في حزيران القادم.
دول الخليج هي الممول الأكبر للصفقة وفي مقدمتها السعودية والامارات، وهذا ليس مفاجئا فهذه الدول هي الممول دوما لحروب امريكا العسكرية والاقتصادية والسياسية، وذراع استخباري لواشنطن وتل أبيب، واداة طيعة خدمية مهمتما تمرير المشاريع والمخططات المعادية للازمة العربية وقضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهناك في البنود ما يشير الى دور مصري في هذه الصفقة.
وهنا، يمكن القول أن أدوار هذه الدول قد استقر التكليف بشأنها، وحامليها في مرحلة الاستعداد للتنفيذ تسويقا وتمريرا مع الاستعانة بأساليب مدروسة بدقة من التهديد والضغط والترهيب والابتزاز، الى درجة التدخل لضرب الاستقرار واشعال الفوضى الى درجة استخدام العنف في الساحات الرافضة، والساحتان الفلسطينية والاردنية هما الان في دائرة التهديد والوعيد ودفعهما الى دفع الاثمان.
والتسريب المنشور في الصحيفة الاسرائيلية المقربة من نتنياهو مما ينفي عنها احتمال الكذب والخطأ يأتي بعد تصريحات عدة لصهر الرئيس الامريكي ومستشاره الأول والمتزعم طاقم اعداد الصفقة المشؤومة، وكوشنير نفسه هو الذي يقضي الساعات الطوال في لقاءاته واتصالاته مع ولي العهد الوهابي السعودي محمد بن سلمان المستعد لبيع الحرمين مقابل البقاء في الحكم، وهو ايضا الذي دعا حلفاء واشنطن لفتح أذهانهم وفهم مبادرته.
ما نشر من بنود صفقة واشنطن يدعو الفلسطينيين الى مباركة الاحتلال والتسبيح بحمده والقبول بكل الاثمان المطلوب منهم دفعها لارضاء اسرائيل، والعرابون جاهزون لانتزاع هذه الاثمان ، هكذا استعدوا لواشنطن على قاعدة السمع والطاعة.
والاخطر في هذه البنود، انها تخاطب قيادتين فلسطينيتين، حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، أي تكريس الانقسام وتعميقه وعليهما القبول و "الا".. مع التوقف عن الحديث عن السيادة، والتصفيق لانتزاع الأغوار والابقاء على المستوطنات سواء أكانت كتلا او عشوائية، ونسيان الأغوار وعدم الاقتراب من القدس، وبقاء ما تبقى من الارض تحت جناح الاحتلال، انه المفهوم الجديد الذي تتحدث عنه الصفقة تحت اسم "فلسطين الجديدة".
الان، لماذا ينتظر البعض شهر حزيران القادم، قد يمتد موعد طرح المبادرة الامريكية الى ما بعد ذلك، ما دام، هناك تطبيق فعلي لبنودها على الارض، بمعنى ماذا أعدت القيادة الفلسطينية لمواجهة هذه الكارثة، ولماذا تتلكأ في ترتيب البيت الداخلي، هناك خطوات كثيرة القيادة مدعوة لاتخاذها، للوقوف صفا واحدا في مواجهة مبادرة هدفها تصفية القضية الفلسطينية وبمعنى أدق وأوضح وبصراحة، هناك ضرورة للارتقاء الى مستوى المسؤولية باستراتيجية جادة مدروسة، من حيث دوائر صنع القرار وكفاءتها، والقدرة على مواجهة الاخطار الزاحفة.. فلم يعد مفيدا، ما تتحدث عنه قيادات فلسطينية عن مبعوثين سيتم ايفادهم الى هذه العاصمة أو تلك، هذا ليس مجديا، والأسلم هو تحصين الساحة، فهي في دائرة الحطر، ويبرز هنا أن تكون الى جانب القيادة حكومة ظل غير مخترقة أو مرتبطة بعيدة عن المصالح الشخصية والمنافع الذاتية، ولتسأل القيادة نفسها، هل الساحة محصنة؟! وأن تبحث عن مكامن الخلل والثغرات، والتوقف عن الكلام الانشائي واجترار البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأن يتوقف الكثيرون عن لعب دور الناطق باسم القيادة، والمطلع على الامور، فما ينطلق من افواههم يثير الاستهزاء، يضر ولا ينفع.
في الاقليم دول مشاركة في تصفية القضية الفلسطينية وممولوة لهذا الغرض، وهي ستتخذ من المواقف الضاغطة الكثير ضد الشعب والقيادة وحصارها، اما اقصاؤها واما القبول والاذعان.
لحظة المواجهة تقترب، فماذا أعدت القيادة الفلسطينية، أما حركة حماس التي تضعها الصفقة طرفا، فهي أمام امتحان صعب ومفترق طرق خطير.. فاما أن ترفض هذا التقسيم وتعلن صراحة وبصدق أن هناك قيادة شرعية واحدة لشعب فلسطين هي منظمة التحرير، واما ان تنحدر وتنزلق، لهاثا وراء عناوين كاذبة ومنجزات كرتونية.