ما أشبه الليلة بالبارحة، الإخوان الذين قفزوا على ثورة 25 يناير فى مصر، وأشاعوا الفوضى والاضطرابات، بتعليمات من الشيطان التركى فى أنقرة، حتى تمكنوا من الاستحواذ على السلطة، يكررون خطتهم في الجزائر، والتى تظهر عليها أيضا بصمات رجب إردوغان.
تحاول حركة مجتمع السلم، المعروفة اختصارا بـ"حمس" سرقة مكتسبات الجزائريين، والاستيلاء على السلطة، بتوحيد صفوف جماعة الإخوان المسلمين، التي تعرضت لانقسامات كبيرة فى السنوات الماضية، وتلعب أنقرة دور الوسيط لحل هذه الخلافات، للتوافق حول مرشح إخواني، تجمع عليه جميع الأحزاب والحركات الإسلامية، للدفع به إلى الانتخابات الرئاسية.
حركة مجتمع السلم، التي أسسها الشيخ محفوظ نحناح (1942 - 2003) سنة 1990، نجحت في استقطاب بعض الأحزاب والحركات والكيانات السياسية الإسلامية الأخرى، لتعطيل خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس المؤقت، عبد القادر بن صالح، 77 عامًا.
أعلنت الحركة، أمس الثلاثاء، ضمن تحالفا للأحزاب الإسلامية سمي "فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب" عن مقاطعتها للانتخابات الرئاسية المزمعة في الرابع من يوليو القادم، حيث اشترطت تأجيلها فترة مناسبة، دون أن تحددها، قاصدة من وراء ذلك ضمان المزيد من الوقت لتوحيد صفوفها، والتنسيق مع الجهات الداعمة لها فى الداخل والخارج، لاختيار شخصية إخوانية، تخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تعكس هذه الخطوة تخوف إخوان الجزائر من ضياع فرصة السطو على حكم البلاد، كما تشير إلى استمرار الانشقاقات الخطيرة التي يعانيها أذناب التنظيم الدولي في بلد المليون شهيد، حيث ينقسم إخوان الجزائر بين "حركة مجتمع السلم" بزعامة عبد الرزاق مقري، 68 عامًا، و"جبهة العدالة والتنمية" بزعامة عبد الله جاب الله، 62 عامًا، للدرجة التي غاب بسببها زعيم حركة "حمس" عن هذا الاجتماع المهم للقوى الإسلامية والإخوانية، نتيجة خلافاته الشديدة مع حزب جبهة العدالة والتنمية، الذي استضاف الاجتماع، فضلًا عن خلافاته مع حزب البناء الوطني، الذي أسسه عبد القادر بن قرينة، بعد انشقاقه عن الحركة في 2008.
وهذه المناورة التي تقوم بها "حمس" حليفة حزب العدالة والتنمية" الحاكم في أنقرة، ليست الأولى من نوعها، فسبق أن انسحبت في 2012 من التحالف الرئاسي، الذي كانت تشارك فيه مع حزبي التجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة التحرير الوطني منذ 2004.
انسحاب "حمس" جاء بتعليمات من أنقرة، التي رأت فيما سمى بالربيع العربي، فرصة سانحة لخروج الحركة الإخوانية من تحالفها مع السلطة، وتقطع حبال الود معها، طمعًا في الانقضاض على الحكم منفردة، في حال نشوب أي مظاهرات في المجتمع الجزائري، وهو بالضبط ما حدث مع بداية الاحتجاجات الجزائرية في 22 فبراير الماضي.
نشرت "الأناضول" بيان التحالف الإخواني الرافض لخارطة الطريق التى أعلنها الرئيس الجزائرى المؤقت، ووصفته الوكالة التركية بأنه بيان قوى المعارضة.
وأكد البيان على مقاطعة الانتخابات، سواء بالترشح أو الإشراف أو التنظيم، واصفين السلطة السياسية الحالية بأنها "فاقدة للشرعية" وأنها تحاول استنساخ نفسها، من خلال "تزوير الانتخابات"، داعين إلى تغيير جميع الآليات القانونية المعمول بها في البلاد، دون أن يحددوا طبيعة هذه الآليات، أو تحديد بدائل لها.
بيان التحالف الإخواني المسمى "قوى التغيير لنصرة خيار الشعب" صدر عقب تنظيم لقاء جمع الأحزاب الإسلامية، تزعمته حركة "حمس" في مقر حزب جبهة العدالة والتنمية، وحضره ممثلون عن عدة أحزاب إسلامية، وهي، النهضة (أسسه عبد الله جاب الله في 1990)، وطلائع الحريات (أسسه علي بن فليس في 2015) فضلًا عن حركة " البناء الوطني"، والأخيرة تعد من أشد المنافسين لحمس على زعامة الإخوان الجزائريين، إلى جانب "جبهة العدالة.
وضم اللقاء كذلك بعض الشخصيات المعروفة بولائها للتنظيم الدولي للإخوان، مثل عبد العزيز رحابي، وزير الإعلام السابق، والمعروف بولائه لتركيا، وتولى الدفاع عنها في يناير 2012 ، بعد تصريحات رئيس حكومته أحمد أويحيى، التي اتهم فيها أنقرة بالإساءة للشعب الجزائري.
حاول تحالف" قوى التغيير" الإخواني إحداث انشقاق في الجيش الجزائري، بعد توجيه دعوة للقوات المسلحة، للاستجابة لما وصفوه بـ"مطالب الشعب" وعصيان القيادة السياسية الحالية للبلاد، وهو الأمر الذي يسعون من ورائه لصب مزيد من الزيت على النار، لإحداث فوضى عارمة، تمكنهم من التسلل إلى القصر الرئاسى، إذا فشلوا في الوصول إليه عبر الصناديق.
بيان التحالف الذي يضم حركتين إخوانيتين، وثلاثة أحزاب إسلامية أخرى، يأتي متزامنا مع سعى الإخوان لحشد أنصارهم، وتأليب الشارع الجزائرى على الرئيس المؤقت، بعد دعوتهم لتنظيم مظاهرات واحتجاجات، بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع.
دعا الإخوان إلى رفض التعامل مع الحكومة المؤقتة، برئاسة نور الدين بدوى، 59 عامًا، الذي تولى رئاسة الوزراء في 11 مارس الماضي، والتي أعلنت منذ يومها الأول عن نيتها تسليم السلطة، بعد فترة انتقالية لا تتجاوز ثلاثة أشهر، لسلطة منتخبة، وفق قواعد اللعبة الديمقراطية، الأمر الذي أربك صفوف الإسلاميين وعناصر التنظيم الدولى.
وتعد حركة "حمس" أكبر تنظيم للإخوان المسلمين، وتعتبرها أنقرة المتحدث باسم الإخوان الجزائريين، وتدعمها بشكل غير محدود، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي، التي بدأت في تونس في ديسمبر 2010، كان الإخوان وقتها يعانون من حالة تفكك وتشرذم، وصراع على التحدث باسم الجماعة، إلى أن استتب الأمر لعبد الرزاق مقري.
وبعد انهيار نظام الإخوان المسلمين في مصر، في يوليو 2013، زادت حدة الانقسامات والخلافات بين صفوف إخوان الجزائر، الذين شعروا بالضياع، نتيجة سقوط قيادة التنظيم الدولي في القاهرة، غير أن أنقرة سرعان ما استدركت الأمر، وتسلمت اللواء، وأصبح مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة، كعبة جميع الإخوان في أرجاء العالم، وشمل برعايته حركة "حمس" الجزائرية على نحو خاص، طمعًا في الاستحواذ على ثروات الجزائر، حيث دعا الحزب في أغسطس 2015، زعماء الحركة، وعلى رأسهم مقري، إلى ملتقى العدالة والديمقراطية في إسطنبول، بذريعة مناقشة دعم إرادة الشعوب في الحصول على الحرية والديمقراطية، بينما كان الهدف الحقيقي من الملتقى، الذي وصف بمحفل إخواني عالمي، هو التخطيط لكيفية وصول الحركة إلى سدة الحكم، بعد تجهيزها وإعدادها للمعترك السياسي.
الديرة