قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير مطول لها أعده عدد من صحافييها، إنه يوجد حالة قلق كبيرة وتخوف داخل حكومة الاحتلال من إمكانية الإطاحة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان الحليف المقرب لتل أبيب بسبب قضية خاشقجي التي تشهد تطورات خطيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن “المملكة لا تتدخل كثيرا في مجريات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم أنها أعدت المبادرة السعودية للسلام، وحظيت بدعم الدول العربية، حتى كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن جزء من منظومة العلاقات الإسرائيلية-السعودية دون إنذار مسبق، وبتعبيرات صارخة معتاد عليها”.
وتابعت أنه “بغض النظر عن مدى صحة تصريحات ترامب، فإن تطرقه المباشر للعلاقات السعودية الإسرائيلية شكل كشفا لخبر لا يعرف طريقه إلى عناوين الأخبار، فإسرائيل لا تحب التطرق لهذه العلاقات مع السعودية بصورة علنية، وكذلك المملكة، لكن السؤال يبقى بأي شكل سيقرأ العالم هذه العلاقات عن قرب”.
عاموس هارئيل وياردين ميخائيلي الكاتبان في الصحيفة، قالا بحسب ترجمة “عربي21” إن “لقاء المصالح العلني بين إسرائيل والسعودية هو أحد الممرات الإلزامية المهمة في الشرق الأوسط، نحن أمام تحالف ثنائي سعودي إسرائيلي ضد إيران، وعداؤهما لهذه الدولة يعمل على التقريب بين تل أبيب والرياض”.
وأضافا أن “السعودية تقدم نفسها زعيمة للعالم العربي، لكن وضع الفلسطينيين القائم حاليا يجعل من الصعوبة عليها الحديث علانية عن العلاقات الودية تجاه إسرائيل، لأن العلاقات السعودية الإسرائيلية قائمة على شبكة مصالح أمنية وتجارية، تبدوان مرتبطتين بصورة عضوية”.
وأوضحا أن “رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يرى في السعودية طرفا قادرا على توفير البضاعة التي تحتاجها الولايات المتحدة لعزل النظام في إيران، والمصلحة المشتركة بينهما ما زالت قوية، لأن نتنياهو أصبح أحد الزعماء القلائل حول العالم الذي يدافع عن السعودية في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي”.
وأشارا إلى أن “موقف نتنياهو المساند للسعودية له سبب آخر، فإسرائيل، كما الولايات المتحدة، قلقة جدا من إمكانية الإطاحة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في أعقاب هذه القضية المتدحرجة، وانهيار النظام السعودي قد يسفر عنه تطور خطير في الشرق الأوسط، لأن السعودية تحوز منظومات أسلحة متطورة من تصنيع أمريكي، وفي حال وقعت هذه الأسلحة في الأيدي الخاطئة، فإنها ستعرض أمن إسرائيل للخطر”.
وأوضحا أن “العلاقات بين تل أبيب والرياض تأخذ المسار الأمني والاستخباري، حيث التقى رئيس الموساد يوسي كوهين مع أطراف أمنية سعودية، كما أن السعودية والإمارات وإسرائيل تتقاسم معلومات أمنية لمواجهة التهديدات، وهناك تنسيق سياسي في استبدال السيطرة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير، ونقلها للسعودية في البحر الأحمر”.
وأشارا إلى أن “التنسيق السعودي الإسرائيلي تجلى في 2012 حين تعرضت حواسيب شركة النفط السعودية الكبرى-أرامكو لهجمات قرصنة ، مما دفع الرياض لإجراء اتصالات مع شركات حواسيب إسرائيلية، ومن حينها نشأت علاقات وطيدة بين شركات البلدين في مجال السايبر، خاصة حين أصبح محمد بن سلمان الرجل الأقوى في المملكة”.
وكشف الكاتبان أن “السعودية وافقت مؤخرا على منح تأشيرات دخول إليها خاصة برجال أعمال إسرائيليين، دون إظهار جواز السفر الإسرائيلي، مع العلم أن المسؤولين السعوديين الاثنين عن توطيد العلاقات السعودية مع إسرائيل، هما سعود القحطاني وأحمد العسيري فقدا مواقعهما السيادية بعد قضية خاشقجي”.
وختما بالقول بأن “مستقبل العلاقات السعودية الإسرائيلية مرهون بمدى قدرة محمد بن سلمان على المحافظة على قوته، فإن نجح باستعادة نفوذه وتأثيره في المملكة، فسوف تزداد فرصة التقارب من جديد مع إسرائيل”.