2024-11-01 08:35 ص

من سيخلف السلطان قابوس في الحكم؟!

2019-03-23
لم يقرر سلطان عمان قابوس بن سعيد الذي ولد في 18 نوفمبر 1940م  من سيخلفه في الحكم ويعتقد المراقبون أن القرار بشأن ولاية العهد في حال وفاة السلطان قابوس سيحدد من خلال وصية على ما يبدو.

ويعتبر السلطان قابوس بن سعيد حالياً أحد أقدم الحكام حول العالم، إذ يتربع على عرش سلطنة عمان منذ عام 1970. الا ان حالته الصحية غامضة في الوقت الحاضر. ولذلك يزداد القلق على ما قد يحدث في تلك الدولة التي حكمها السلطان قابوس لمدة طويلة، خصوصاً مع عدم وجود ابن يخلفه.

كما أن هناك حديثاً عن وصية سرية سجل فيها السلطان اسم من سيخلفه، إلا أن من غير الواضح ما إذا كان ذلك كافياً لتمر عملية ولاية العهد دون تعقيدات.

عندما وصل السلطان قابوس إلى الحكم، كانت عُمان إحدى أكثر الدول تخلفاً في العالم العربي، إذ كان عدد مدارسها - التي كانت تستقبل الذكور فقط - قليلاً. كما كانت أغلبية الشعب فقيرة. قابوس بن سعيد كان وقتها شاباً ينحدر من الأسرة الحاكمة ودرس في الأكاديمية العسكرية البريطانية "ساندهيرست" وعمل كضابط في الجيش البريطاني المتمركز في حوض الراين بألمانيا. لكن خلال العقود التي حكم فيها بلاده، حول السلطان قابوس البلد إلى دولة غنية وعصرية، وساعدت في ذلك ثروة النفط ثم السياحة في وقت لاحق.

حافظ السلطان قابوس على سلطاته السياسية. ويعتبر البروفسور أندرياس كريغ، أستاذ جامعة "كينغز كوليج" في لندن والخبير في الشؤون الخليجية، أن السلطان قابوس تمكن من إقامة نظام يتمتع فيه بصلاحيات التدخل المباشر في أغلب الوزارات بحيث "لا يوجد أي توزيع للسلطة بين أفراد الأسرة الحاكمة" .

من جانبه، يرى جورجيو كافيرو، مدير معهد دراسات دول الخليج الفارسي، أن جمع كل السلطات في يد واحدة هو ما قد يساهم في تعقيد موضوع خلافة السلطان. ويؤكد كافيرة، في تصريحات لموقع "Al-Monitor"، الذي يعنى بقضايا الشرق الأوسط: "إن وجود كل السلطات في يد قابوس يؤدي إلى تكهنات بشأن عدم وجود شخص قوي ثان يعتمد على شرعية مشابهة لشرعية السلطان". ويعني ذلك أن من الصعب على أي شخص الحكم تحت الظل القوي للسلطان قابوس.

رسمياً، يعتبر مرض السلطان قابوس بن سعيد موضوعاً سرياً ويقال أنه مريض بالسرطان. وحسب الدستور، يجب على الأسرة الحاكمة أن تتفق على خلف خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام من يوم الوفاة. ولا يعتقد البروفسور كريغ ذلك، ففي مثل هذا الوضع، هناك إمكانية العودة إلى مجلس الدفاع، الذي يعتمد في قراره على رسالة السلطان بهذا الشأن. ويرى الخبير في الشؤون الخليج الفارسي أن قرار السلطان قابوس جاهز وهناك شائعات بوجود نسختين من هذه الرسالة، إحداها في قصر السلطان بالعاصمة مسقط وأخرى في صلالة، جنوب عُمان.

ويبقى من غير الواضح سبب حكم السلطان البلاد دون تحديد ولي للعهد. وقد يعود ذلك إلى ماضيه، ففي عام 1970 قام السلطان قابوس بخلع والده من العرش. ولم يعلم سكان عمان، البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة، الأسباب التي دعته للقيام بهذا العمل. وبحسب البروفسور كريغ، الذي يدرّس عسكريين في قطر، فإن العمانيين لا يعرفون إلا القليل عما يحدث داخل القصر، ويثقون في قيادة حاكمهم، مضيفاً: "العمانيون يثقون في كل قرار بشأن اختيار قابوس أو أسرته لمن ستناط بهم هذه المهمة، وبالتالي الاستمرار على نفس نهج العقود الأربعة الماضية".

وهذا ما تأمله أيضاً دول الجوار، فقد انتهج السلطان قابوس سياسة خارجية ذكية جعلت منه حليفاً للغرب ومحاوراً لإيران. كما أن عُمان عضو في مجلس التعاون الذي تلعب فيه السعودية دوراً مؤثراً. إلى ذلك، تتقاسم إيران وعمان مضيق هرمز، الذي يؤمن جزءاً كبيراً من النفط العالمي. إذن، ليس هناك من يرغب في دولة غير مستقرة ولا يحسب لها حساباً. لذلك، لا ينتظر المحلل السياسي كافيرو حدوث تغيير في توجهات البلاد. ويقول: "ليس هناك من سبب يدعو إلى احتمال قيام الحاكم المقبل بتغيير جذري في السياسات الخارجية، حتى مع احتمال حدوث اضطرابات داخلية كثيرة".

لكن التحديات الكبيرة التي سيواجهها حاكم البلاد المقبل ترتبط بقضايا داخلية في البلاد. فالأزمة الاقتصادية تلقي بظلالها على البلاد، وبالتالي سيكون من الصعب المحافظة على رضى الشعب الذي يزداد عدده باستمرار. كما ليس من المنتظر أن ترتفع المرتبات، بالإضافة إلى وجوب الحد من مستويات دعم النفط والمواد الغذائية، ما سيزيد عدد العاطلين عن العمل، حسب أندرياس كريغ. كل ذلك قد يساهم في حدوث اضطرابات داخلية. ويخلص الخبير البريطاني إلى أنه "بصرف النظر عمن سيخلف السلطان قابوس، فإن ظروف العمل ستكون صعبة على كل حال".

كما نشرت صحيفة ” لوفيغارو”، الفرنسية، تقريرا تساءلت فيه عن موضوع خلافة السلطان قابوس حاكم سلطنة عمان، التي قالت انها “تبدو غامضة حتى الآن”، في ظل عدم وجود ابن ولا ولي للعهد، للسلطان قابوس بن سعيد، الذي يحكم البلاد منذ نحو نصف قرن، والبالغ من العمر اليوم من العمر 79 عامًا .

وقالت الصحيفة إن السلطان قابوس وضع رسالة داخل خزانة ، بقصره الملون الذي يشبه معبدا يابانيا، تحتوي على إسم خليفته؛ ولا أحد غيره يعرف من سيكون سعيد الحظ الذي تم اختياره ليكون حاكم البلاد القادم.

ولتعقيد معادلة الخلافة على رأس هذه الدولة الاستثنائية في جنوب شبه الجزيرة العربية؛ أكدت “لوفيغارو” أنّ السلطان قابوس وضع رسالة ثانية في خزانة أخرى بقصره بصلالة في منطقة ظفار، مسقط رأس والدته. ويرجح الدبلوماسيون الغربيون في مسقط، احتواء الرسالتين على نفس الاسم الذي اختاره السلطان قابوس لخلافته.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن نحو ثلاثة ملايين عُماني يتجنبون تماماً الخوض في هذه القضية الحساسة – ناهيك عن المليونين من العمال الاجانب المقيمين في البلاد – خاصة وأن وضع السلطان الصحي يبدو أفضل منذ عودته قبل نحو عامين من رحلة علاج طويلة في ألمانيا من مرض سرطان القولون. وقد استقبل قبل أسبوعين في قصرة “بيت البركة” في السيب؛ جيريمي هانت ، وزير خارجية بريطانيا، القوة الاستعمارية السابقة التي تحتفظ بنفوذ كبير مع السلطان الذي تم تدريبه في أكاديمية ساندهيرست العسكرية.

“لوفيغارو”؛ أشارت إلى أن السلطان قابوس، ورغم أنه يتميز بكونه صديقا للجميع وحتى الاسرائيليين؛ لكنه يبدو حذراً جداً من جيرانه السعوديين والإماراتيين، الذين لديهم أطماع في إيجاد موطئ قدم لهم في السلطنة، ما بعد رحيله.

ويفسر أحد الباحثين، استقبال السلطان قابوس لرئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على أنه ربما يكون بهدف الحصول على حماية اسرائيلية في حال أرادت السعودية والإمارات مهاجمة السلطنة بعد وفاة قابوس الذي ظل ضامناً لاستقرارها لـ49 عاماً.

وتابعت الصحيفة الفرنسية التوضيح أن القرارات المصيرية في سلطنة عمان، يتم اتخاذها حالياً في “مكتب السلطان” الذي يترأسه اللواء سلطان النعماني، الرجل الثاني الحقيقي في النظام، والذي سيتولى المهمة الثقيلة لفتح الرسالتين السريتين في حال لم تتفق العائلة الحاكمة على تسمية خليفة للسلطان. حيث سيكون أمام 40 من الأمراء ثلاثة أيام بعد وفاة السلطان قابوس، لاختيار خليفة له بالتوافق.

وأكدت “لوفيغارو” أنه يتم حالياً تداول ثلاثة أو أربعة أسماء: ابن عم السلطان قابوس، أسعد بن طارق ، الذي تمت ترقيته لمنصب نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الدولية. ثم اخوة الرئيس غير الشقيقين هيثم وشهاب. وأيضا الشاب تيمور نجل أسعد بن طارق؛ الذي قد يكون “ الشباب” على غرار ما تم في قطر والسعودية، والذي من شأنه أن يضمن استمرارية في السلطة على المدى الطويل.

وخلصت “لوفيغارو“ إلى القول إن الُعمانيين وإن كانوا واثقين من أن العائلة الحاكمة في بلادهم ليست غبية لتمزيق نفسها بعد رحيل السلطان قابوس الذي يحكم البلاد منذ 49 عاماً؛ إلاّ أنّ العديد منهم يفضّل أن يتنازل قابوس عن العرش ويعين خليفة له قبل وفاته؛ وذلك تجنباً لأي شكوك.