2024-11-27 11:30 م

كارثة مخيم "الركبان".. صناعة أمريكية وأهداف مفضوحة

2019-03-23
منذ 1781 يوماً وكوارث بالجملة تخيّم على مخيم “الركبان”، هذا المخيّم الذي نشأ نهاية العام 2015 نتيجة لظروف استثنائية فرضتها الحرب السورية وتوسع دائرة سيطرة “داعش” الإرهابي آنذاك ما أجبر عدداً كبيراً من المواطنين السوريين على الفرار من مناطق الرقة ودير الزور وريف حمص الشرقي ليتجمّعوا ضمن نطاق حدودي ضيق بين الأردن وسوريا والعراق في منطقة صحراوية تقع أقصى الشمال الشرقي للأردن.

ولكون أمريكا كانت تبحث عن موطئ قدم لها في سوريا وجدت في هذا المخيم فرصة لإبراز نفسها هناك عبر الادعاء بحماية المدنيين في هذا المخيم...

لكن ذريعة واشنطن لم تطل، إذ أظهرت محاولات الفرار المتكررة لسكان هذا المخيم مدى زيف ادعاءات واشنطن، حيث حوّلت الأخيرة المخيم إلى سجن كبير لا يدخله سوى الهواء الساخن المليء بالغبار في الصيف والهواء البارد في الشتاء مع غياب كامل لأدنى متطلبات العيش هناك.

اليوم تعود تفاصيل حياة السكان في مخيم “الركبان” إلى الواجهة من جديد بعد أن وصلت الظروف المعيشية هناك إلى طريق مسدود وسط حالة من الفقر والعوز وقلة المياه ما ينذر بانتشار جوائح مرضية قد تأتي على الكثيرين من الأطفال وضعاف البنية مع غياب كامل لتواجد مراكز علاجية وطبية لإسعاف المصابين في ظل تجاهل تام من قبل القوات الأمريكية التي تدّعي حماية المواطنين السوريين هناك، لما يجري داخل المخيم، وكأنها تستمتع وتتلذذ بتعذيبهم، وما يؤكد ذلك المحاولات المستمرة لسكان المخيم للفرار من الجحيم الذي يعيشون فيه مقابل 2000 دولار يجب أن يدفعها الشخص الواحد ليتمّكن من الهروب.

ونتيجة للظروف المأساوية التي يمرّ بها المخيم توفي طفلان الأربعاء الماضي، في مخيم الركبان بسبب سوء التغذية ونقص الرعاية الطبّية اللذين رفعا معدل الوفيات بوتيرة متصاعدة هذا العام.

ونتيجة للكارثة الإنسانية التي تحلّ بسكان المخيم أصدرت الهيئتان التنسيقيتان السورية والروسية بياناً حول عودة المهجرين السوريين يوم أمس أكدتا فيه أن أمريكا تتحمل مسؤولية الوفيات بين الأطفال في مخيم الركبان وخصوصاً بعد وفاة طفلين منذ يومين جراء نقص التغذية بسبب الموقف غير البناء لواشنطن وعدم اكتراثها بحياة الأطفال الأبرياء في (مخيم الموت) الذي تحتجز فيه آلاف السوريين فيما يشبه “الغيتو”.

وأكدت الهيئتان في بيان مشترك استمرار تدهور الأوضاع في مخيم الركبان نحو الأسوأ في ظل تعنّت قوات الاحتلال الأمريكية “التي تواصل عبر مجموعاتها الإرهابية احتجاز المواطنين السوريين في المخيم ومنعهم من مغادرته ما يشكل قلقاً كبيراً من تفاقم حدّة الأوضاع الصحية حيث لم يوافق الجانب الأمريكي على عبور قوافل الحافلات التي نظمتها الحكومة السورية إلى منطقة التنف المحتلة ولم تبدِ استعدادها لإجلاء سكانه بأمان”.

ومع شحّ المعلومات حول أعداد المواطنين الذين لقوا حتفهم نتيجة الأوضاع المأساوية التي يعيشونها تبرز صور الأقمار الصناعية وجود مقبرة على الجهة الجنوبية للمخيم فيها 300 قبر و3 مقابر قريبة من المخيم على جهة خزانات المياه تضم رفات نحو 700 شخص أو ربما أكثر بسبب الحاجة لاستيعاب أكثر من جثمان في المدفن الواحد.

وما يزيد الحالة مأساوية في المخيم رفض واشنطن تقديم ضمانات لتأمين حركة قوافل إنسانية في منطقة التنف حيث توجد قوات احتلال أمريكية ومرتزقة يعملون بإمرتها منهم “مغاوير الثوار” وهذا ما أكدته الهيئتان السورية والروسية المعنيتان بعودة المهجرين السوريين.

ماذا قدمت الحكومة السورية؟

على الرغم من أن الحكومة السورية كانت تصبّ جلّ اهتمامها على تحرير المدن الكبرى وتطهيرها من الارهاب لإعادة شريان الحياة إلى الدولة السورية، إلا أنها في الوقت نفسه لم تتجاهل معاناة أي مواطن سوري في أي نقطة تستطيع الوصول إليها، فعلى الرغم من أن واشنطن كانت وما زالت تضيّق الخناق على مخيم الركبان إلا أن الحكومة السورية وبالتعاون مع الجانب الروسي فتحت معبرين إنسانيين في الـ 19 من شباط الماضي في بلدتي جليب وجبل الغراب على أطراف المخيم.

محاولات الحكومة السورية لمساعدة اللاجئين السوريين في مخيم الركبان لم تنتهِ، إذ تتحضر محافظة “اللاذقية” لاستقبال النازحين العائدين من مخيم “الركبان” وفق ما أعلنه مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في المدينة “بشار دندش”.

“دندش” كشف في لقاء مع قناة “روسيا اليوم” أن “المديرية جهزت 30 غرفة في أحد المراكز لاستقبال 500 شخص مجاناً وتوفير جميع المستلزمات الأساسية لهم إضافة إلى تجهيز ورشات خياطة تساعد النازحين على كسب رزقهم”.

بينما قال رئيس إدارة النقل في “اللاذقية” “نورس علومي” إن “الإدارة سترسل 6 حافلات إلى المخيم تتسع كل منها لـ50 شخصاً وسيتم إرسال من 20 إلى 30 حافلة في الدفعة الثانية لنقل المزيد من النازحين”.

واشنطن ونفاق لا ينضب

أعلنت أمريكا، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أنها ستسحب كامل قواتها من سوريا، قبل أن تعلن لاحقاً عن الإبقاء على 200 جندي في شمال شرقي البلاد، إلا أنها لا تزال حتى اللحظة تدير قاعدة لها بالقرب من التنف على مساحة 55 كلم وتقف حاجزاً منيعاً في وجه أي مساعدات إنسانية تحاول الوصول إلى نازحي مخيم “الركبان”، ولا يمكن تفسير ضغطها على سكان المخيم ومنعهم من الخروج منه سوى لإبقاء ذريعة مقنعة لنفسها أمام المجتمع الدولي للبقاء في سوريا على الرغم أن الحكومة السورية دعت واشنطن مراراً وتكراراً لسحب قواتها من سوريا وتعتبرها قوات محتلة وتتعامل معها على هذا الأساس.

في الختام.. يبدو أن أمريكا لا تتغير في فكرها الاستعماري الاستغلالي ورغبتها المستمرة في تحويل جميع مناطق الشرق الأوسط إلى سجن كبير على شاكلة غونتانامو ولا تعبأ بحياة أو أرواح سكان هذه المنطقة مقابل مصالحها التي تبنيها على دماء شعوب هذا الشرق وتدمير حياتهم وكل سبل العيش الكريم لهم.

المصدر / الوقت