2024-11-25 07:56 م

فلول داعش في العراق.. خطر أمني وورقة في صراع النفوذ

2019-02-06
 ضعف الجدار الأمني للعراق واستمرار حاجة قواته للدعم في مواجهة تنظيم داعش والقضاء على فلوله، سواء من قبل جيوش أجنبية أو ميليشيات محلّية، من أكبر العوائق التي تمنع استقلالية القرار وحماية السيادة الوطنية، فلا أحد يضمن عدم توظيف محاربة التنظيم سياسيا في معركة النفوذ الشرسة القائمة في البلد ومن حوله.
بغداد - أُعلن  في العراق عن إطلاق عملية عسكرية واسعة للتصدّي لتحرّكات عناصر تنظيم داعش في مناطق حسّاسة تربط بين محافظتي نينوى وصلاح الدين، وذلك في وقت تُسجّل فيه عودة التنظيم إلى ساحة الأحداث في العراق، ليس فقط كخطر أمني يهدّد الاستقرار الهشّ المتحقّق بعد النصر العسكري على تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن كورقة سياسية في صراع النفوذ المتصاعد في العراق والمنطقة.

وتواترت خلال الأيام الماضية التقارير الأمنية المحذّرة من وجود داعش في سوريا والعراق على شكل خلايا نائمة تعمل في الخفاء على إعادة تنظيم صفوفها استعدادا لمرحلة جديدة دامية.

وحذّر تقرير صدر عن وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، من أن تنظيم داعش يعمل على استعادة وضعه السابق في المناطق الريفية في العراق وسوف يظل يشكّل تهديدا كبيرا يتسم بالتمرّد والإرهاب، مع إمكانية العودة في غضون ستة أشهر من الهدوء.

كما أفاد تقرير لوكالة أنباء بلومبيرغ الدولية، بأنّ داعش يستعد للظهور مجدّدا بعدما خسر الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، لكن في أشكال أخرى ستحافظ على التهديد الإرهابي في جميع أنحاء العالم.

وتخدم مثل هذه التقارير التي لا تخلو من سند واقعي، بشكل مباشر، منظور الدوائر الأميركية المناهضة لتوجّه الرئيس دونالد ترامب نحو سحب قوّات بلاده من سوريا، وتهيئ في نفس الوقت الأرضية لدعم الحضور العسكري الأميركي على الأراضي العراقية، وتطوير مهام القوات الموجودة هناك، من مجرّد المساعدة في مواجهة داعش وتأهيل القوات العراقية لمحاربة الإرهاب، إلى مراقبة التحركات الإيرانية في سوريا والعراق، مثلما أشار إلى ذلك ترامب نفسه.

وعلى الطرف المقابل يعطي خطر داعش الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران، المبرّر لمواصلة تمدّدها في مناطق سنيّة بشمال وغرب العراق، ومن ضمنها مناطق الحدود مع سوريا والتي تمثّل مدارا أساسيا لصراع السيطرة والنفوذ لاسيما بين طهران وواشنطن.

وبدورهم يلوّح أكراد العراق بورقة التنظيم، لاستعادة مكاسب وامتيازات كبيرة كانوا حصلوا عليها أثناء مشاركة قواتهم (البيشمركة) في الحرب ضدّه، ومن ذلك سيطرة تلك القوات على مناطق متنازع عليها، غير أنّها طُردت منها على يد الجيش العراقي إثر الاستفتاء الذي جرى خريف سنة 2017 على استقلال إقليم كردستان عن الدولة العراقية.

وحذّر رئيس وزراء إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، في وقت سابق، من استمرار تهديدات داعش في المناطق التي اعتبرها كردية خارج إدارة الإقليم في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها، إلى جانب بعض المحافظات العراقية، مؤكدا استعداد قوات البيشمركة لكافة أشكال التعاون مع التحالف الدولي ضد داعش والقوات العراقية لمواجهة هذه التهديدات.

وقال المسؤول الكردي إنّ “قوات البيشمركة أوقفت الهجمات الإرهابية وحطّمت داعش في مخمور وسنجار بمساعدة التحالف الدولي، وهي على استعداد لكافة أشكال التعاون مع التحالف والقوات العراقية من أجل القضاء على وجود ومخاطر الإرهابيين بشكل نهائي في العراق”. ويأتي على رأس أهداف القيادة في كردستان العراق، إعادة قوات البيشمركة إلى محافظة كركوك، المنطقة الأكثر قيمة ضمن المناطق المتنازع عليها نظرا لغناها الشديد بمخزونات النفط.

وتتداول أوساط عراقية أنباء عن صفقة بين حكومتي بغداد وأربيل لإعادة البيشمركة إلى كركوك، الأمر الذي يثير غضب التركمان الذين يشكّلون جزءا من مكونات المحافظة.

وكثيرا ما يحذّر ساسة وقادة رأي عراقيون من أنّ لضعف الجدار الأمني للبلد، بما في ذلك التراجع الشديد في مستوى قوّاته المسلّحة بفعل ما اخترقها من فساد واعتبارات مناطقية وطائفية، تأثيرا مباشرا على الأوضاع العامّة في البلد ومدخلا من مداخل التدخّل الخارجي في شؤونه.

ويذكّر هؤلاء بأنّ انهيار القوات العراقية صيف سنة 2014 أمام زحف تنظيم داعش على الموصل، تسبّب بكوارث ومآسي سيعاني العراق تبعاتها لسنين طويلة، لكّنه أوجد الحاجة للاستعانة بميليشيات غير نظامية وبقوات أجنبية، لم يخل تدخّلها من مآرب سياسية للأطراف التي توظّفها.

واستعادت القوات العراقية جزءا من عافيتها، لكن ما يزال على قيادتها السياسية والعسكرية بذل المزيد من الجهد للوصول بها إلى مرتبة القدرة الذاتية الكاملة على مواجهة الإرهاب دون استعانة بالخارج.

كما أنّ على هؤلاء القادة إنهاء التداخل بين تلك القوات وبين ميليشيات هي في الأصل غير نظامية، حتى وإن أُلحقت صوريا بالقوات المسلّحة.

وأمام العراق طريق طويل للقضاء على داعش بشكل نهائي، ومن وراء ذلك قطع الطريق أمام استغلال التنظيم سياسيا من قبل القوى المتصارعة على النفوذ. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، الأربعاء، أن قواتها أطلقت عملية عسكرية مشتركة بإسناد جوي، لملاحقة عناصر تنظيم داعش، ضمن المناطق الحدودية الفاصلة بين محافظتي صلاح الدين ونينوى شمالي البلاد.

وجاء في بيان أصدره مركز الإعلام الأمني أنّ “قوات مشتركة وبإسناد من طيران الجيش، نفذت عملية أمنية في منطقة كنعوص على الحدود الفاصلة بين محافظتي صلاح الدين ونينوى، لملاحقة العناصر الإرهابية”.

ومن جهته، قال الملازم في شرطة صلاح الدين، نعمان الجبوري، إنّ “قوات الأمن العراقية رصدت تحركات مريبة لعناصر تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة المحصورة بين محافظتي صلاح الدين ونينوى”. وأوضح متحدّثا لوكالة الأناضول أنّ “العملية العسكرية التي انطلقت، الأربعاء، تهدف إلى قطع طرق الإمدادات لخلايا تنظيم داعش بين المحافظتين، ومنع أي مخططات لإعادة تنظيم صفوفه مرة أخرى”.