كشف معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب عن مداولات أجراها عدد من كبار باحثيه مؤخرا حول مستقبل العلاقة بين إسرائيل ودول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية.
يوآل جوزينسكي الضابط الإسرائيلي السابق المتخصص في قضايا دول الخليج، قال إنها "تواجه تحديات كبيرة داخلية وخارجية، لكنها قد تعتبر بمثابة فرص أمام إسرائيل، مما يجعلنا نشهد بأم العين محاولات تقارب جدية على سبيل المثال بين إسرائيل والسعودية، ويطرح التساؤل حول تأثير الفلسطينيين على هذا التقارب، أو تأثرهم به".
ونقل ضمن هذه المداولات المطولة التي ترجمتها "عربي21" عن مارتين إنديك السفير الأمريكي السابق في إسرائيل قوله إنه "من زاوية النظر الأمريكية فليس هناك من فرق كبير بين سياستي الرئيسين باراك أوباما والحالي دونالد ترمب فيما يتعلق بالتقارب الإسرائيلي الخليجي، بل هناك حالة من التشابه الكبير في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بين الإدارتين، ولو وجد فيهما بعض التباين والاختلاف".
وأضاف أن "الإدارات الأمريكية المختلفة لديها ثوابت استراتيجية في هذه المنطقة من العالم بعيدة المدى يزيد عمرها عن خمسين عاما، أهمها أمن إسرائيل واستقرار الدول العربية: مصر والسعودية والأردن والمغرب ودول الخليج، وفي ظل التوجه الأمريكي بالانسحاب التدريجي من المنطقة فإن ذلك يقلق إسرائيل، رغم أنها صاحبة الوزن العسكري الأكبر في المنطقة، لكنها مقيدة في حركتها بسبب القضية الفلسطينية التي تتسبب بعرقلة جهودها الإقليمية".
وأشار إلى أن "السعودية ودول الخليج تعتبر دولا معتدلة، وهي الوحيدة القادرة على العمل بفعالية، وهناك تشارك إسرائيل خليجي غربية في النظر إلى التهديدات التي تشهدها المنطقة، سواء من التنظيمات الإسلامية المسلحة، أو إيران، لكن السؤال يبقى في كيفية ترجمة هذه المصالح المشتركة واقعا على الأرض، ولا مجال أمام إسرائيل لزيادة تعاونها مع السعودية إلا بحل القضية الفلسطينية".
وأكد إنديك أن "محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في حال فشل بتحقيق تطلعاته السياسية، وحصلت في المملكة حالة من عدم الاستقرار فإن ذلك سيلقي بتأثيرات سلبية على كل المنطقة، وستكون إسرائيل أمام مشكلة في هذه المسألة بالذات".
وأشار إلى أن "السعودية ودول الخليج متورطة في حرب اليمن، وباتت بالنسبة لها مثل فيتنام بالنسبة لأمريكا، وما زالت عالقة في ذلك المستنقع، كما أن موضوع خاشجقي يستمر في تعكير صفو علاقاتنا، السعودية مطالبة بإنهاء أزمتها مع قطر، ووقف حرب اليمن".
وأكد أن "كل هذه السياسات السعودية متعلقة بشخصية واحدة لديها أطماع كبيرة وقسوة لا متناهية، أمامنا مرحلة ليست سهلة من العلاقات مع السعودية، مع العلم أن القناة الوحيدة القائمة اليوم هي بين جيراد كوشنير مستشار الرئيس ترمب، وابن سلمان فقط، ونحن بحاجة لمزيد من القنوات الرسمية".
دوري غولد السفير الإسرائيلي الأسبق في الأمم المتحدة قال إن "هناك شبكة واسعة جدا من المصالح المشتركة بين إسرائيل ودول الخليج، والتهديد المشترك هو إيران، لكن السؤال ليس في البحث عن هذه المصالح، لأنها واضحة، وإنما الأهم في كيفية تحسين علاقات الجانبين، خاصة مع السعودية، صحيح أن الغرب يسعى لأن تكون هناك تصريحات علنية حول هذا التقارب، لكن الواقع لا يقول ذلك".
وأضاف غولد، الوكيل السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن "هناك تعاونا كبيرا مجديا وعمليا يحصل تحت الطاولة بين إسرائيل والسعودية، لأن لديهما مصالح متبادلة منذ زمن بعيد، هذا ليس جديدا، وهو يستمر اليوم، لكن الوضع القائم في السعودية اليوم ربما يتطلب من إسرائيل إعداد خطة بديلة في حال حصلت قلاقل أمنية داخل العائلة المالكة".
وأشار إلى أن "ما تشهده السعودية اليوم يصعب على أي جهة وضع تقدير موقف دقيق حول ما سيحدث، فقد كانت في الماضي معقلا للوهابية، لكنها اليوم تدخل طور التحديث".
جيرالد فيرشتاين قال إن "محمد بن سلمان يواجه تحديات عديدة، سواء تقوية موقعه السياسي أو الحصول على شرعية دولية له في اليوم الذي يلي وفاة والده الملك سلمان، مع العلم أن الأنظمة العربية، ومنها الخليجية تخشى من التهديدات على استقرار حكمها".
وأضاف أن "ابن سلمان قام بعدة خطوات في السنوات الأخيرة، بعضها إيجابي مثل رؤية 2030، تطوير الاقتصاد السعودي، البحث عن موارد أخرى غير النفط، تغيرات اجتماعية كقيادة النساء للسيارة، وإصلاحات تحديثية في الدولة، ومنح مساحة إضافية للتوجهات الليبرالية، لكنه رغم كل ذلك أكثر ميلاً للأنظمة الاستبدادية".
وأشار إلى أن "مظاهر استبداد ابن سلمان تتجلى في قتل خاشقجي، وحملات الاعتقالات الشهير في الفندق الملكي، وملاحقات رجال المجتمع المدني، وهي أساليب قمعية وتهديد لحرية التعبير عن الرأي، فهل هذا النموذج من الحكم يصلح للسعودية، ويكتب له النجاح".
وختم بالقول إن "تلاحق التطورات المتعلقة بالسعودية ستلقي بتأثيراتها على استقرار المملكة، وربما يكون من المبكر الحكم على مدى موافقة المجتمع السعودي على هذه التغييرات، ولا نعلم هل سيكون هناك ربيع عربي قريب قادم في السعودية".