هذا التوتر له جذوره وأسبابه وتداعياته الخطيرة، ويفتح المزيد من نوافد وأبواب التدخل والبعث في الساحة الفلسطينية، ويفضي الى اشهار علاقات وبناء تحالفات مع اسرائيل على حساب القضية الفلسطينية وصولا الى تصفيها، خاصة بعد القرارات الأمريكية في اطار الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد الفلسطينيين.
بين فتح وحماس حرب كلام واجراءات وحملات اتهام وادعاءات، حرب تنذر بصدامات ذات نتائج رهيبة، وكل طرف ينظر الى الاخر بريبة والاقصاء عنوان هذه الحرب ومدخلها، وما آلت اليه الأحوال المؤلمة في الساحة، مترتبة على الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في قطاع غزة، ووضع اللبنة الأولى في جدار الانفصال الذي يواصل ارتفاعه وطرفا الصراع في خندقين، ولكل منهما داعموه، وانصاره ومحرضوه، ولكل من فتح وحماس مشروعها الخاص بهما، ولا تلاقي بينهما، والتنازل محظور، الى درجة أن كلا يريد اقصاء الاخر، والأخطر أن حركة حماس باتت تهدد مشروع الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني منظمة التحرير وهذا ما تقاومه فتح العمود الفقري بشدة، والمؤكد أن حركة حماس، لا يمكن أن تبتعد ولو قليلا عن الجماعة الام، وهذه الجماعة بعد خسارتها الفادحة في الساحة العربية، وفشلها في تمرير مشروع ربيع التدمير والتخريب، معنية أن لا تخسر قطاع غزة، الذي ترى فيه موطىء قدم لها، وقواعد لبناء امارة تحلم بها منذ سنوات طويلة، وهذا ما يفسر مراوحة ملف المصالحة في محله، دون تقدم أو انجاز، والحرص على تحقيقها من جانب حركة حماس غير وارد، والصريحات الخاصة بذلك من قياداتها فقط للاستهلاك الداخلي.
في الاونة الاخيرة ظهر واضحا أن حركة حماس بدعم من بعض الدول في الاقليم وخارجه تسير باتجاه فصل قطاع غزة، والتفرد بحكمه واخماد كل تحرك باتجاه منع تحقيه، كذلك، أخذت الحركة تتصرف وكأنها الممثل الشرعي للفلسطينيين، وزيارات قادتها الى هذه العاصمة وتلك، ما يدل على ذلك ويؤكده، وما يجري من اتصالات ولقاءات حول انجاز تهدئة مع اسرائيل، دليل آخر، تريد الحركة من ورائها التفرغ لمشاريع التسلل والامتداد، نحو الضفة الغربية، وهناك الكثير من الاشارات الدالة على ذلك، وتبقي في يدها سلاح الاشتعال وجر القيادة الى صدام مع اسرائيل على أرض الضفة الغربية، وهي في هذا السياق تدير عمليات ذات أهداف واضحة، تتركز حول دائرة صنع القرار في رام الله، وليس بغريب أو بعيد عن حماس أن تستأنف نشاطا مسلحا في الضفة الغربية، وهذا ما تحشاه فتح والسلطة الفلسطينية، من هنا، جاءت اجراءات السلطة ضد هذه التحركات والخطط والمشاريع، اجراءات شملت أهدافا عد في الضفة والقطاع على حد سواء، وقد تزداد في الايام والاسابيع القادمة والنتدخل لوف الاجراءات المتبادلة يزداد تعقيدا، فالانقسام الفلسطيني سمح لدول متخاصمة بالتصاع في ساحة تعاني من هذا الانقسام مما يغلق الأبواب في وجه الجهود الرامية لنتحقيق مصالحة جادة في الساحة الفلسطينية.
وعلاوة على أن هذه الحرب المستعرة بين حماس وفتح، وامكانية تصعيدها، قد جرت الويلات والكوارث للساحة، فهي شجعت دولا عربية على نسج علاقات تحالفية بينها وبين اسرائيل في توجه تطبيعي واضح.
هذا التصارع، وضع الجميع أمام مفترق طرق، تفرض اتخاذ قرارات حاسمة تمنع التدهور، وتوقف خطوات الانفصال وتبعد العابثين عن الساحة الفلسطينية فهم عامل تأجيج واشعال بعيدا عن أية صدامات وأعمال عنف تحركها وتمولها وتخطط لها قوى خارجية فمصلحة الشعب الفلسطيني قبل وفوق مصالح العابثين والمرتدين، وأي ابطاء في اتخاذ قرارات حاسمة يعني اقتراب تصفية القضية الفلسطينية.
ومن يبحث عن التزعم وادارة دفة الحكم، عليه أن يخطو عن طيب خاطر ونوايا حسنة نحو صناديق الاقتراع فهي التي تقرر لمن الفوز ومن يستحق القيادة، ومن يرفض ذلك، يفرض عليه الحصار والحرمان، ويخضع لقصاص الشعب، وللتذكير فان دقة الاختيار في ادارة دفة هذه الانتخابات هي عامل الحسم والفوز، واستخلاص العبر والاتعاظ من تجارب الماضي أحد عوامل تشكيل الخارطة والفوز في أية معركة انتخابية قادمة!!
خلاصة القول، أن مشروع حماس يتعارض مع المشروع الوطني الفلسطيني مشروع منظمة التحرير الفلسطينية، وهي لن تتخلى عنه، وأمام القيادة الفلسطينية خيار واحد للحفاظ على منظمة التحرير، وهو تنفيذ قرار المحكمة الدستورية بجدية ودون لف أو دوران باجراء الانتخابات التشريعية في وقت قريب، افشالا للمشروع الاخواني، وقطعا لأيدي العابثين من الاقليم في الساحة الفلسطينية، مع ضرورة أن تتجه القيادة الفلسطينية لترتيب البيت الداخلي، ووقف التجاوزات والانتباه الى المظالم، عندها فقط، يتحقق الحلم، ويتعزز الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وعندها أيضا، يفرض الشعب قراره، ويعاقب الخارجين عليه، أيا كانت انتماؤه.