2024-11-30 06:28 م

حل التشريعي بين حذر القيادة والردود المجنونة

2018-12-26
القدس/المنـار/ بعيدا عن قانونية وشرعية حل المجلس التشريعي، ودون الخوض في التفسيرات المتباينة لهذه الجهة أو تلك، ومع التأكيد هنا، على أن المجلس التشريعي معطل ومغيب ولا يمارس دوره، ولذلك أسبابه التي لا نريد التطرق اليها.. فان هناك عوامل عجلت في اتخاذ قرار حل التشريعي، وسط ظروف مستجدة وقطعا لطرق ومسارات استباقا لقرارات وخطوات تردد الحديث عنها منذ أكثر من عام، في اطار ما يمكن تسميته بـ (معركة كسر العظم).
انه التوقيت الذي وجدت فيه القيادة الفلسطينية الأسلم والأكثر ملائمة للاعلان عن حل المجلس التشريعي استنادا الى قرار المحكمة الدستورية الذي يفتح الطريق لاتخاذ خطوات اخرى، كانت مؤجلة أو انها تنتظر التوقيت المناسب لاتخاذها.
القرار اتخذ بعد التيقن بأن أبواب المصالحة مغلقة، وعدم جدية الدول التي رعت واستضافت هذا الملف، وحجم المصالح التي سعت اليها هذه الدول ثمنا لرعايتها، وهناك الاتصالات حول تفاهمات التهدئة في غزة وعبث دول عديدة في ساحة القطاع يجمعا هدف واحد، وهو فصل القطاع عن الضفة الغربية، وفتح الطريق أمام زحف أكبر لحركة حماس نحو الضفة الغربية، خطوة على طريق انجاح مشروعها الذي يتعارض مع المشروع الوطني الفلسطيني، وما يتطلبه ذلك من أساليب ومنها العنف، وادارة العمليات المسلحة في هذه المرحلة الصعبة من الضفة الغربية رغم خطورة ما يترتب على ذلك، وعامل آخر، شكل السبب الأهم للاسراع في قرار حل المجلس التشريعي، وهو ما شهدته رام الله وقرارها مؤخرا من عملية خلط للاوراق معروفة الأهداف، باشعال الحريق في بيت القيادة ومركز حكمها.
كما جاء القرار في ظل جولة يقوم بها أعضاء من حركة حماس في المجلس التشريعي الى عدد من الدول في الاقليم والساحة الدولية، كايران وجنوب افريقيا، وما تتلقاه الحركة من دعوات تحت يافطة المجلس التشريعي غير المفعل منذ سنوات، وكأن الحركة هي القيادة ورأس السلطة، واصرارها على عقد جلسات لاعضائها في غزة، تفعيل من جانب واحد، الى درجة أن دولا على رأسها الولايات المتحدة باتت تتعاطى مع الحركة على أنها الممثل للفلسطينيين، كخطوة متفق عليها بين بعض العواصم بهدف اسقاط الممثل الشرعي الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية.
وكان واضحا لدى القيادة الفلسطينية أن حماس بدأت عمليات خطوات لهز الحكم في رام الله، من خلال عمليات مسلحة تنطلق من رام الله، وعزز هذا التوجه ما أعلنه اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عندما أعلن في الذكرى الـ 31 لتأسيس حماس بأن الضفة الغربية هي الساحة الأهم للاحداث والساحة الاعمق لحسم الصراع مع اسرائيل. كانت رسالة تلقفتها القيادة الفلسطينية وأدركت معانيها وأهدافها وخطورتها، فجاءت زيارة الرئيس محمود عباس الى العاصمة الاردنية على خلفية ذلك للتباحث في التداعيات الخطيرة لما تخطط له حماس في الضفة الغربية.
الآن، أغلقت تماما أبواب المصالحة، واتضحت جيدا ما تسعى اليه حركة حماس التي تدير معها بعض الدول اتصالات شجعتها لـ (العبث) في الضفة بعيدا عن التنسيق والقراءة الجيدة لظروف هذه الساحة تساندها في ذلك بعض العواصم والتيارات.
لكن، حركة حماس لن تقف مكتوفة الأيدي أمام قرار حل المجلس التشريعي التي تحتفظ فيه بالاكثرية، وهي لن تقبل ما يطرح عليها من اشتراطات تتعلق بانتخابات تشريعية جديدة، ما دامت ترى في قرار حل التشريعي ضربة موجهة لها، وقطعا للطريق التي تجرأت وسلكته لاحراج القيادة الفلسطينية، وأن تكون الطرف الأكثر مركزية في السعي لاقصائها..
حركة حماس سوف تستأنف عملية خلط الأوراق وقلب الطاولة في رام الله، من خلال عمليات مسلحة، قد تستغلها اسرائيل لترجمة الكثير من المخططات على أرض الواقع، وقد يتطور الأمر الى أعمال عنف، وفوضى، تتعاون حماس في خلقها واشعالها مع تيارات خارجة على الصف الوطني، وبأموال أنظمة مرتدة، وليس أمام القيادة الفلسطينية، الا أن تفتح حوارا جادا مثمرا بعيدا عن التعالي والهيمنة مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والاتفاق على برنامج يلتزم به الجميع، وتحذير حماس من اللجوء الى خطوات وردات فعل قد تجلب الكوارث والأخطار للجميع، وأيضا القيادة الفلسطينية، وخاصة في هذه المرحلة المفصلية مدعوة الى ترتيب البيت الداخلي، ووقف التجاوزات ومعالجة المظالم وهي كثيرة، وأن لا تصم اذانها عن معاناة، ومطالب الشارع بعيدا عن التضليل والتغييب والاستزلام والتقارير الكيدية الكاذبة.