الدوحة - بوابة الشرق:
لا تظهر في الأفق أي إضاءات تشير إلى قدرة المملكة العربية السعودية على غسل الفضيحة التي لحقت بها بسبب جريمة إغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من اكتوبر الماضي، جريمة نفذها فريق أمني مكون من 15 شخص بينهم مقربون من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث اجرى فريق الاغتيال في نفس يوم تنفيذ الجريمة 19 اتصالا من اسطنبول الى جهات في السعودية بينها 4 اتصالات استقبلها بدر العساكر المستشار الخاص لولي العهد. كما اتصل ماهر عبدالعزيز المطرب الحارس الشخصي لبن سلمان وقائد فرقة الموت بالمستشار بالديوان الملكي سابقاً سعود القحطاني "دليم" قال له فيه "اخبر رئيسك بان المهمة قد تمت" في اشارة لبن سلمان.
وتسببت هذه الجريمة البشعة في فقدان السعودية لثقة المجتمع الدولي واهتزت صورتها كثيرا، حيث تواجه حاليا حملت انتقادات دولية واممية واسعة نتج عنها مؤخراً اعلان ألمانيا بالتنسيق مع كل من فرنسا وهولندا وايطاليا إيقاف زياراتها الرسمية الى المملكة فيما جمدت المانيا كل صفقات السلاح مع السعودية الى حين الكشف عن ملابسات جريمة خاشقجي وتقديم مرتكبي الجريمة ومن أمر بتنفيذها الى العدالة، هذا بالإضافة إلى العزلة الدولية والإحراج الذي تعرض له بن سلمان في أول ظهور دولي له بعد جريمة قتل خاشقجي وذلك خلال حضوره لقمة العشرين التي عقدت بالأرجنتين مؤخراً حيث ظهر الأمير السعودي في الطرف الأبعد من الصف خلال التقاط الصورة الجماعية وبدى معزولاً ومهزوزاً ومرتبكاً.
وبلغت الإدانة والاستنكار الدولي لتصرفات ولي العهد السعودي ونظام المملكة ذروتها بعد ان حمل مجلس الشيوخ الأمريكي الاسبوع الماضي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسؤولية في مقتل خاشقجي، وتعهد أعضاء مجلس الشيوخ بإيقاف التعامل مع السعودية الى حين إستبدال محمد بن سلمان بشخص آخر.
ورغم ضبابية المشهد السعودي في ظل الخسائر السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي أثقلت كاهل نظام المملكة، الا أنه فيما يبدو أن النظام السعودي ما زال يدفع أموالا كثيرة لشركات العلاقات العامة ومراكز البحوث الأمريكية من أجل غسل فضيحة جريمة خاشقجي وتحسين صورة المملكة التي تلطخت للحد البعيد.
وأكدت الجزيرة نت في تقريرا لها نشرته اليوم أنه وعلى الرغم من الموقف الحازم الذي اتخذه مجلس الشيوخ بأعضائه الجمهوريين والديمقراطيين تجاه السعودية، الا انه مازالت تخرج تحليلات ودراسات لمراكز أميركية حول مستقبل العلاقات بين الرياض وواشنطن في مرحلة ما بعد خاشقجي لتشتت الانتباه عن جريمة القتل والمسؤولية عنها.
وكشفت تقارير إخبارية العلاقات الوثيقة التي تربط السعودية والامارات بهذه المراكز الامريكية من قبيل مركز الدراسات والسياسات الإستراتيجية "CSIS" ومؤسسة دعم الديمقراطيات "FDD" ومركز هادسون "Hudson Institute"، علاقات استخدمتها ابوظبي والرياض في توجيه الدراسات التي تخرج من هذه المراكز وفقا لمقتضيات أجنداتها في المنطقة والشرق الأوسط، وتحصل هذه المراكز مقابل توجيها والتأثير علي مواقفها على تمويلات سعودية أو إماراتية بصور مباشرة أو غير مباشرة تتمثل في تمويل عمليات بناء أو توسعات جديدة أو عن طريق تمويل برامج بحثية معينة والسماح لهذه المراكز بتدريب مسؤولين سعوديين وإماراتيين بعقود شديدة الإغراء.
وتتحدث هذه المراكز وغيرها عن ضرورة مراجعة علاقات واشنطن والرياض وضرورة وضع أسس جديدة لها، إلا أنه وفي النهاية لا يتحدث أحد عن محاسبة المسؤول عن قتل صحفي داخل بعثة دبلوماسية لبلاده في دولة أخرى.
وفي سياق ذي صلة، اكدت وكالة رويترز للأنباء في وقت سابق أن وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية "CIA" لديها تسجيل لولي العهد السعودي، يأمر فيه بـ"إسكات" الصحفي جمال خاشقجي "بأسرع ما يمكن".. وذكرت رويترز أيضا أن رئيسة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جينا هاسبل، ألمحت خلال زيارتها أنقرة، الشهر الماضي، إلى وجود مكالمة هاتفية، تم التنصت عليها، بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وشقيقه خالد بن سلمان، سفير المملكة لدى الولايات المتحدة، يعطي فيها "محمد" أوامر باستهداف خاشقجي، وفي نفس الوقت أثبتت تقارير نشرتها وسائل إعلام أمريكية أن خالد بن سلمان شقيق ولي العهد قد لعب دوراً رئيسياً في استدراج خاشقجي الى القنصلية السعودية في اسطنبول بعد أن قدم له ضمانات حول سلامته وعدم تعرضه للأذى في حال ذهابه الى القنصلية.
وبالرغم من ان كل الأدلة والقرائن قد أثبتت تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وصلته المباشرة بالفريق الأمني الذي نفذ جريمة قتل خاشقجي إلا أن هذه المراكز مازالت تواصل حملتها الممنهجة لإنقاذ بن سلمان من هذه الفضيحة التي لم تشهد لها المملكة مثيل منذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية التي نفذها 19 إرهابيا بينهم 15 سعودياً..
والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هل تستطيع هذه المراكز "بعد ان انكشفت علاقاتها بأبوظبي والرياض" في تلميع صورة بن سلمان ونفي الصلة التي تربطه بإغتيال خاشقجي وغسل سمعته من الفضيحة التي ستظل تلاحقه مدى الحياة ؟..