2024-11-24 01:27 م

ابن سلمان و"إسرائيل": قناة مفتوحة منذ 2015

2018-12-20
صحيفة "هآرتس" / ترجمة: موقع العساس

المقال، وفقا للمترجم، يعرض تفاصيل مكالمات مسرّبة جرت بين إيهود باراك ووسطاء لمسؤولين خليجيين في وقت سابق من عام 2015 حول إبرام صفقة برمجيات تجسس.

ترجمة العساس | "سيد باراك، إنه لمن دواعي سروري أن أتحدّث إليك سيدي، بيننا فرصة استثمارية مثيرة"، هكذا أتى صوت الوسيط في حديث هاتفي كان عام 2015، ووصل من الإمارات العربية المتحدة. ويشرح الوسيط لرئيس وزراء "إسرائيل" ووزير الأمن السابق (إيهود باراك) أن "الحكومة السعودية التقت معنا قبل سبعة أسابيع في دبي، جاؤوا لرؤية عرض تقني بخصوص حلول يقدمها "السايبر"، وقد كسبت ثقة الشخص الثاني والثالث بعد الملك، أنا أقصد وزير الأمن وشقيقه"، في إشارة إلى محمد بن سلمان، الذي وُلِّي ولي العهد السعودي حينها، ويشغل الآن منصب وزير الدفاع ويعتبر اليوم الشخص الأكثر تأثيرًا في المملكة السعودية.

ويُعد موضوع استغلال هالة رجال الجيش والسياسة "الإسرائيليين" لخدمة مصالح رجال الأعمال ليس جديدًا، لكن القصة ليست مجرد فرصة استثمار، إنما الحديث يشير إلى حلف سعودي "إسرائيلي" ومساهمات صامتة ومهمة في تاريخ الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، تقوم على خلفية العداء المشترك ضدّ إيران، إضافة إلى فضل التكنولوجيا التي تطورها "إسرائيل" ويحتاجها الجيران.

وتحدث "باراك" باسم شركات معينة ضمن مجال التكنولوجيا التي تطورها وتحتاجها السعودية، ويشرح الوسيط أن الهدف هو تعيينه في منصب تمثيلي بالشركة، وهذا من أجل أن يحاول بناء صفقة بيع تكنولوجيا "السايبر" الهجومي التي ستساعد السعوديين في الوصول لمحادثات هاتفية لمواطنيها وأعدائها.

ويشرح الوسيط في المكالمة الهاتفية أن السعوديين سيضعون مبنى الصفقة ليخدم المقربين من العائلة المالكة ماليًا، قائلًا: "أنت مجبر أن تفهم، هناك تصور معين للصفقة، سأكون سعيدًا بالجلوس معك للتحدث عن طبيعة الصفقة الخاصة جدا". ويضيف أن الحديث غير ملائم عبر المكالمة الهاتفية، ويقول: "أنا بحاجة أن أشرح لك الموضوع وجهًا لوجه، يجب أن تتم الصفقة، جلالته يريد هذا لأنه يخدمه بطريقة معينة، أنا أفترض أن الأمور واضحة إلى أين تذهب، هناك دائمًا جانب من الربح الاقتصادي في هذه الصفقات".

وما احتاج باراك إلى المزيد من الرموز الإضافية، فقد فهم أن المعنى المتمثل بــ"ربح اقتصادي للأشخاص المعنيين في الصفقة كما طلب "جلالته"، وهو الأمير السعودي، فيقول: "حسنا، حسنا، فهمت"، ويرد الوسيط مرة أخرى: "هل واضح لديك إلى أين يذهب الأمر؟"، ليؤكد "باراك" مجددا: "فهمت".

ويذكر أن "باراك" يتصرف كما لو أنه رجل جماهيري يبدي آراءه المتعلقة بالموضوعات السياسية، والاجتماعية، والسياسية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل، ولكنه في الواقع رجل صفقات خاصة مع مصالح خاصة، والمعروف منها جانب صغير للجمهور وفقط. ويكشف التسجيل أن إيهود باراك متمرس في صناعة "السايبر الإسرائيلي"، ويظهر معرفته الخاصة بأنواع معينة بالمنتجات، وأغلب زبائن هذه التجارة من دول عربية لا تقيم علاقات مع "إسرائيل".

وصرّح "باراك" في الأشهر الأخيرة أكثر من مرة عن العلاقات مع الدول العربية، وادعى أن هذا يقوي العلاقات بين "إسرائيل" والدول العربية عبر الشركات الخاصة التي تسوق لها التكنولوجيا، في حين يحاول نتنياهو عبرها أيضًا التطبيع مع الدول العربية. والصفقة التي طلبت وسيطًا لمبادرة لم تخرج للنور في نهاية الأمر، ولكن من بعدها استمرت السعودية في الاهتمام بحلول "سايبر" مشابهة، وحسب ما نُشِر هذا الأسبوع في "هآرتس"، دخلت السعودية في مفاوضات مع شركة سايبر NSOفي عام 2017.

وكُشِفت المحادثات بين الوسيط وباراك مؤخرًا في تحقيق صحفي أجرته الصحافية "أوسنات نير" في برنامج في شبكة "الأخبار كان"، ولكن في الوقت ذاته لم تتمكن من النشر، لأن المفاوضات أثرت في تجارة السايبر بين "إسرائيل" والسعودية، وكذلك لعدم وجود تفاصيل المشتري ومضمون الصفقات، إضافة إلى مضمون الطلب الذي أراده "جلالته".

وقال الوسيط في المحادثة الهاتفية مع باراك عام 2015: إنه يتعامل مع محام يمثل وزارة الدفاع السعودية، وهو شخص بريطاني من أصل يهودي، مضيفًا: "لقد حظيت بثقة محاميهم، كما إنه أرسل طلبًا رسميًا لزيارة "إسرائيل"، حتى يرى كيف تعمل الأنظمة هناك، ولأنه كان عيون وآذان السعودية بهذه الصفقة".

وفي خلال المكالمة، حاول الوسيط التملّق لباراك من أجل تجنيده لإنجاز الصفقة، إذ قال: "مجرد صورتك تهز أركان الغرفة، أنت رجل أمن ذكي وسيرتك غنية"، وباراك يسأل الوسيط: "لمصلحة من تعمل؟"، وذكر عدة شركات "سايبر" يمكن أن يكون الوسيط يعمل لصالحها، لكنه ردّ بأنه "يعمل لحسابه، أو للدقة يعمل لمصلحة زوجته وضحك".

وتستمر المكالمة بسؤال جديد من باراك: "كيف عرفت أن هذه الشركات "الإسرائيلية" ملائمة لك؟"، فيجيب الوسيط: "أخذت توصيات من أشخاص مقربين لي، وقابلت أحد ممثلي هذه الشركات، فأنا أعرف أن التكنلوجيا "الإسرائيلية" وصلت إلى دول لا أستطيع ذكرها الآن لأننا على الهاتف".

والشركات المذكورة بحديث باراك والوسيط هي شركات تنصت على الهواتف تنتج تكنولوجيا للتجسس على هواتف ملايين من الأشخاص، والسعودية معنية بمنتجات شركة NSO التي وردت في تقرير "هآرتس" هذا الأسبوع، حيث طورت صناعات تكنولوجيا دقيقة تصل للهدف المطلوب، ويمكنها اختراق أي هاتف والسيطرة عليه وتشغيل السماعة والكاميرا والـ GPS لصالح المتجسسين.

وتفاخر "باراك" في المكالمة بالشركات التي من المفترض أن تكون معنية بالصفقة، وسأل: "أين الممثل القانوني الخص بك؟ في "إسرائيل"؟ لندن؟ أبو ظبي؟ سنغافورة؟"، فأجاب الوسيط أن له عدة شركات، وقدم تفاصيل عن مكانها.

ويستمر الوسيط بمحاولات تجنيد باراك لصالح الشركة الخاصة به ويقول: "اتوجه إليك لأن بيننا أصدقاء مشتركين ويقدرونك بلا نهاية، سأفسر لك عندما نلتقي وجهًا لوجه، وعندما تحدثت إلى المحامي الممثل عن وزارة الدفاع السعودية، قال لي: اسمع أنا أعرف من أنت، ولكن أريد أن أجلس مع أصحاب المناصب الرفيعة في "إسرائيل" كي أوصل رسالة لمحمد بن سلمان وأقول له: وجدنا رجلك، وهو قناتنا".

وفي نهاية المكالمة قرر "باراك" والوسيط أن يلتقيا ويستمرا في مناقشة الصفقة المقترحة في "“إسرائيل" بعد أسابيع، وفي اللقاء رفض باراك اقتراح الوسيط، وكل ما هو معروف أنه لم ينجح في تنظيم زيارة محامي وزارة الدفاع السعودية إلى "إسرائيل"، وأيضًا لم يتوصل إلى صفقة تامة أمام الجهات السعودية.

ويختلف "باراك" عن باقي الشخصيات العامة "الإسرائيلية"، إذ إنه لا يخجل من أن يصبح رجل أعمال ثري وخاصّة بعد استقالته من الحياة السياسية والجماهيرية، ومعظم أعماله الخاصة ومصادر دخله قد نُشرت على مر السنين الماضية، لكنه يتفق مع هذه الشخصيات باستخدام الهالة الأمنية والعسكرية في صناعة المال.

مع استقالة باراك من الحياة السياسية عام 2013، نشر أنه أصبح مستشارًا ماليًا في بنك يوليوس بار، وحسب ما أوضح مدير البنك عام 2014: باراك هو مستشار البنك في الشأن الجغرافي السياسي، ومن المهم للكيانات المالية أن تعرف من رجل عمل في السياسة والأمن ماذا يجري من وراء الكواليس".

وفي الأعوام 2014 و2015 عمل باراك مديرا لشركة استشارات ماليةCIFC، وكذلك عمل في مجال شركات "السايبر" بسبب هالته الأمنية والسياسية، وهو أول من استثمر بشركة السايبر الناشئة Cyberna  المتخصصة في مجال إدارة الطوارئ البوليسية التكنولوجية. وأسس "باراك" شركةToka مع الرقيب "يرون روزن"، الذي عمل في مقر السايبر في الجيش، وتتخصص الشركة في مجال السايبر وتقدم خدماتها للدول الأجنبية، وكما يمتلك باراك ما نسبته 5% من شركة انتركيور الطبية.

وبالنسبة للتحقيق الصحافي، قال باراك: إن "الحديث يدور عن زبون خاص:، وأنه لا يريد أن يكشف الكثير من التفاصيل، كما إنه غير مضطر لتفسير لذلك سوى لسلطة الضرائب، وحذا "باراك" حذو نتنياهو وهاجم وسائل الإعلام التي تتعامل مع الأموال التي لا يمكن تفسيرها ودوافعها، وقد هاجم، وجه الخصوص، الصحافي إيرل سيغال.
(مجلة العصر)