2024-11-26 12:41 ص

4 مصادر لتمويل التنظيمات المسلحة.. كيف انتشر الإرهاب في القارة السمراء؟

2018-12-15
في ظل ضعف مؤسسات بعض الدول، وضعف الإمكانيات الأمنية لديها بخلاف ما تعانيه القارة السمراء من مستويات فقر منتشر بفضل عوامل بيئية وغير ذلك، كان بديهياً أن يكون الإرهاب في القارة السمراء أخطر عما دونه من دول العالم.

 

فشعارات الرنانة حول الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، كانت محركاً للعديد من الكيانات والتنظيمات الإرهابية لارتكاب جرائمها ما بين تفجير وسفك للدماء، واغتصاب وخطف وغير ذلك في دول القارة السمراء، التى كان بعضها أرضاً خصبة لظهور تلك الجماعات، خاصة فى أعقاب ما عرف إعلامياً بثورات الربيع العربي. 

 

ورغم تعدد مسميات الإرهاب، وأهدافه، ومصادر تمويله، بين القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والساحل الإفريقي، إلى السلفية الجهادية بموريتانيا والجزائر، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، مرورًا بتنظيم الدولة وانتهاءً ببوكو حرام في نيجيريا، تناثرت أشلاء القتلى الأبرياء على حدود وفي قلب قارة إفريقيا.

 

وكشفت دراسة بحثية إفريقية، انتشار جماعة أنصار الشريعة، في دولة مالي هي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، والمرابطون في منطقة الساحل الإفريقى، وحركة أنصار الدين و حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، وحركة أزواد الإسلامية، وتنظيم الدولة في الصحراء الكبرى.

 

وبحسب الدراسة، ففي موريتانيا توغل تنظيم القاعدة والسلفية الجهادية، وفي الجزائر اجتاح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجند الخلافة، وتنظيم الدولة الإسلامية، والسلفية الجهادية، أما بوكو حرام وتنظيم الدولة غرب أفريقيا، فذاع صيت جرائمها في نيجيريا، وبدولة تشاد ظهرت سرايا الدفاع عن بني غازي، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وخلايا تنظيم الدولة.

 

وتوغلت أيضا السلفية الجهادية، والسلف الجهادي في بلاد النيلين، وتنظيم الدولة في السودان، وفى كينيا كانت جماعات، الهجرة، وتنظيم شباب المسلمين، وجبهة شرق أفريقيا، وفي الصومال ظهرت حركة شباب المجاهدين،  وتنظيم الدولة الإسلامية بالصومال.


وفى ليبيا ظهرت جماعات  أنصار الشريعة الليبية في بنى غازي، ومجلس شورى مجاهدى درنة، وتنظيم الدولة الإسلامية ولاية بارقا ولاية فيزان ولاية طرابلس، والقاعدة في بلاد المغرب، وتنظيم الجماعة الليبية المقاتلة.

 

وفي تونس توغل إرهاب كتيبة عقبة بن نافع وشباب التوحيد، وأنصار الشريعة التونسية، وجند الخليفة  بالتوازي مع جماعات مقاتلي الخلافة والقاعدة في بلاد المغرب، كما ظهرت في السنغال جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم الدولة.

 

 

ويقول الدكتور أيمن شبانة، الأستاذ بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، عن تاريخ الانتشار، ودور تلك الجماعات في نشر الفوضى داخل القارة السمراء، إن الحركات السلفية الجهادية في أفريقيا، ظهرت في التسعينات وانتشر الحديث عنها في دوائر صنع القرار السياسي والأمني وأجهزة الإعلام الأفريقية والعالمية.

 

وأوضح شبانة، في تصريحات صحفية في وقت سابق من يوم الجمعة، أن ذلك يعود إلى أسباب مرتبطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدول الأفريقية، أهمها التسلط السياسي وقمع المعارضة والفساد وموالاة الغرب على حساب مصالح الشعوب وعدم قدرة المؤسسات الدينية المعتدلة على مواجهة التطرف، أو بالأحرى عدم قدرتها على طرح خطاب ديني واقعي، قادر على تفهم واستيعاب متطلبات العصر ومتغيراته الهيكلية المتسارعة.

 

وبحسب شبانة، فإن هناك قدر كبير من الغموض بشأن مصادر تمويل الحركات السلفية الجهادية في أفريقيا، سواء المصادر الداخلية أو الخارجية، بسبب رغبة تلك الجماعات في عدم الإعلان عن حلفائها في الداخل، لأسباب عديدة منها الحرص على أمنهم الشخصي، وعدم رغبتها في الكشف عن روابطها الخارجية، خوفاً من أن تتهم بالعمل لحساب جهات خارجية ضد مصالح الوطن.

لكن رصد ممارسات تلك الحركات يكشف إلى حد ما عن 4 مصادر تمويل، وهي عوائد إدارة المرافئ التي تقع في نطاق نفوذها، وضلوعها في التجارة غير المشروعة وتهريب البضائع، ومنها السلاح والمخدرات، واختطاف الأجانب والمسئولين المحليين، للمساومة من أجل الإفراج عن المعتقلين من أعضائها وبمقابل فدية أيضاً، معتبرين ذلك بمثابة «غنائم الحرب»، بالإضافة إلى التبرعات التى يتلقونها من جهات عديدة فى الداخل والخارج، وفقا لما ذكره أستاذ معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة.

 

وأكد شبانة أن آليات مواجهة الحركات السلفية الجهادية، تراوحت بين الضربات الأمنية من جانب الحكومات فى الدول المعنية، والحلفاء الإقليميين والدوليين، والمواجهة الإعلامية، وتدعيم الجماعات الإسلامية المعتدلة.

 

في غضون ذلك، أوضح تقرير مجلس السلم والأمن الأفريقي، أن الإرهاب والتطرف العنيف اللذين يستمدان تمويلهما من موارد الجريمة المنظمة العابرة للقارات بمختلف أشكالها بما فيها المتاجرة بالمخدرات والاتجار بالبشر والأسلحة يمثلان «أكثر تهديدات السلم والأمن والاستقرار خطورة» في القارة الأفريقي.

 

ويوصى التقرير، بالتركيز على الوقاية والتسيير وتعزيز الأمن والاستقرار من خلال سياسات إعادة البناء والتطوير ما بعد النزاع المكيفة مع كل بلد عرف مؤخرا نهاية أزمة أو نزاع عنيف، بما يتطلب استثمارات ثقيلة لا سيما من الناحية المالية التي غالبا وللأسف ما يصعب تعبئتها في القارة، داعيا  فى توصياته التى أعلنها بعد انتهاء قمته فى أديس أبابا بداية  العام الحالى، تسخير الجهود لتجنيد القطاعين العام والخاص والمؤسسات المالية الدولية وكذا الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي في إطار مبادرة التضامن الأفريقي بغرض تقديم دعم ثابت للدول الافريقية التي انتهت فيها النزاعات مؤخرا.

وتحدث العميد خالد عكاشة، عضو  المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، عن  الحزام النارى الواقع في القلب الأفريقى، قائلًا: لن يتخلى عنه تنظيم داعش بسهولة ولا القاعدة من قبله، بل ربما سيشهد لاحقاً المزيد من تكثيف العمليات، باعتباره نموذجياً لنقل العمليات إليه تعويضاً عمّا أصاب المركز في سوريا والعراق.

 

ويوضح عكاشة، أن الانشقاق الذي وقع في جماعة «بوكو حرام»، منتصف عام 2016، ولم يؤدِّ إلى ضعف التنظيم كما هي العادة فى التنظيمات التي تتعرض لمثل تلك الشروخ، بل  تضاعف الخطر في المنطقة الواقعة في الشمال الشرقى لنيجيريا حيث تتعرض المنطقة الحدودية الواقعة على حدود أربع من الدول ذات الأهمية، هي نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون إلى العديد من مخاطر التهديدات المسلحة، التي ينفذها بين الحين والآخر كلا الفصيلين اللذين خرجا من رحم بوكو حرام.

 

ويضيف عكاشة، أن ما يمكن اعتباره متغيراً كبيراً، ظهر بصورة لافتة فى الأداء القتالى لهذا التنظيم، منذ وقت ولاية أبوبكر الشكوى قبيل عملية الانشقاق هو أن داعش تمكن من تغيير عقيدة بوكو حرام وتطويرها، من خلال تنامي العمل العسكري المنضبط من الناحية التكتيكية، في أساليب الهجوم والدفاع والمناورة لدى عناصره، مع استبدال عمليات الإغارة والتخفي، إلى أخرى تتمسك بالأرض ومنها تشن هجمات مدعومة بالقصف المدفعى، واعتماد أساليب العمليات المركبة على نسق عمليات الأسلحة المشتركة للجيوش النظامية، يسبقها جهد معلوماتي استخباراتي تمكنت عناصر التنظيم من إتقانه مؤخراً.

 

ويشير عكاشة، إلى أن تلك القفزة النوعية في مهارة عناصر التنظيم، تعود على الأرجح لتناقل الخبرات المكثف الذي كان يجرى عبر المواقع الإلكترونية، التي صارت قادرة على تعويض غياب المدربين، أو التفافاً على عدم قدرتهم على الوصول بسبب الملاحقات والتضييق الأمني والعسكري.