وقبل تناول هذه الدلالات والرسائل، نعرض للاهدف الخطيرة التي حملها المشروع الامريكي، فهو في الدرجة الاولى وصم المقاومة بالارهاب الذي يجب محاربته واجتثاثه، فمقاومة الشعوب حسب المفهوم الامريكي تعد ارهابا، وليس حقا لهذه الشعوب الباحثة عن الحرية والاستقلال والكرامة وصون وحماية الثروات والمشروع الامريكي يمنح اسرائيل حق شن حرب على قطاع غزة، وبالتالي تتفادى اسرائيل انتقادات المجتمع الدولي، بينما يكون رد المقاومة على العدوان يصبح محط انتقاد واستنكار من جانب الرأي العام الدولي، وهدف آخر للمشروع الأمريكي يتمثل في تأجيل الانقسام وسد المسالك والطرق أمام جهود المصالحة المتعثرة، بحيث تغلق أبوابها الى الابد والمشروع الخبيث يفتح الطريق أمام انظمة الردة للاصطفاف اسنادا لأية حرب عدوانية على قطاع غزة، امتثالا للقرار في حال اقراره من جانب الجمعية العامة للامم المتحدة، وبالتأكيد لو قيض للمشروع الامريكي النجاح لاضاف أزمة جديدة وتهديدا للساحة الفلسطينية، وحمل معه تداعيات خطيرة، في مقدمتها عزل المقاومة الفلسطينية بتياراتها واشكالها ودفعت بالقوى المعادية والمتربصة الى حصارها ومحاربتها، والأخطر من ذلك، أن مشروع ادارة ترامب خطوة جديدة على طريق محاولات تصفية القضية الفلسطينية وتمرير صفقة القرن.
ان فشل المشروع الأمريكي، بهذا الفارق البسيط، يشير الى أن هناك دولا تقف مع الحق الفلسطيني، وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وسلوك نهج المقاومة لكنس الاحتلال، هذا الفشل يشكل صفعة لأمريكا واسرائيل ورفض لسياساتهما..
لكن، ما شهدته الجمعية العامة، وفارق التصويت البسيط، انذار للفلسطينيين وشعوب الامة العربية، فالتصويت اثبت أن هناك دولا عديدة من القارات الخمس، لم تعد على قائمة الداعمين للقضية الفلسطينية، وانساقت وراء واشنطن وتل أبيب، وهذا التراجع له أسبابه، ومنها: أن حركة حماس مكا تزال ترفض الالتصاق بالشرعية ومنظمة التحرير وتقف في الخندق المقابل للشرعية الفلسطينية، حاملة أجندة غريبة لاتخدم المصالح الفلسطينية، وبالتالي، أصبحت سهلة الافتراس في كل المحافل. ومواقفها من المصالحة، وغيرها من المسائل في الساحة الفلسطينية ساهمت في تجميعه الاعداء ضدها، والقادم أخطر في حال تمسكت بهذه المواقف التي لا تنطلق من البستان الفلسطيي وتلحق اضرارا بالقضية الفلسطيية، ربما تصعب على الدبلوماسية الفلسطينية عمليات وقف اختراق اسرائيل للعديد من الساحات.
فشل مشروع القرار الامريكي في الجمعية العامة للامم المتحدة، لا يدعو الى التفاؤل، ولا يعتبر نصرا كبيرا مؤزرا، فالتصويت عليه أفرز حقيقة لا أحد ينكرها أو يتجاهلها، وهي ضعف التأييد الدولي وتراجع الدول الداعمة للحق الفلسطيني، لذلك حركة حماس مدعوة الى اتخاذ خطوات جادة عملية، لسد الثغرة التي اتضحت في جدار التأييد الدولي، وأهمها وأولها، أن تقوم الحركة بقراءة دقيقة متأنية وبنية طيبة لمواقفها، كما جاء في تعليق القيادة الفلسطينية على لسان عضو مركزية فتح حسين الشيخ، متابعا، لا بد لحركة حماس من الالتصاق بالشرعية، متسائلا ألم يحن الوقت لانهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية، فهو الطريق الوحيد والأسلم لخروج الحركة من دائرة الخطر الجدي، خطر فقدان التأييد، واستمرار الانقسام ومؤامرة الانفصال ولعبة التهدئة الخبيثة.