ميرفت عوف
في نهاية أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، وصل رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأذربيجانية نجم الدين صادقوف إلى إسرائيل لإجراء صفقات أمنية بين الطرفين. استُقبل الرجل بحفاوة من قبل نظيره الإسرائيلي، الجنرال غادي أيزنكوت، والذي اصطحبه لزيارة وحدات مختلفة من قوات الدفاع الإسرائيلية، لتحلّ هذه الزيارة النوعيّة ضمن إطار العلاقات العسكرية والأمنية الاستثنائيّة بين تل أبيب والعاصمة الأذربيجانيّة باكو، والتي تحظى بدعم أمني عسكريّ كبير على حدودها مع الغريم إسرائيل الأكبر في المنطقة: إيران.
هذا التقارب بين أذربيجان وإسرائيل يجعل كلًّا من إيران، بالإضافة إلى الجارة أرمينيا المتنازعة مع أذربيجان على مشاكل حدوديّة، في حالة تخوّف دائم من فاتورة هذا التقارب على كليهما، فإيران ترى أن أقلّ ما يمكن أن ينالها هو التجسس الإسرائيلي عليها من الأراضي الأذربيجانية القريبة، فيما ترى أرمينيا الأسلحة الإسرائيلية المورّدة للأذربيجانيين قد تغيّر معادلة الصراع لصالح عدوها الأذربيجاني.
كيف أصبحت أذربيجان أقرب شريك إسلامي لإسرائيل؟
ترتبط إسرائيل بعلاقات توصف بـ«العميقة» مع أذربيجان منذ أكثر من 25 عامًا؛ إذ سرعان ما أقدم الاحتلال الإسرائيلي على الاعتراف مبكّرًًا باستقلال أذربيجان، كان ذلك في العام 1991 بعد وقت قصير من انسحابها من الاتحاد السوفيتي، ثم افتتحت بعد عامين سفارتها في العاصمة باكو؛ لتصبح زيارة المسئولين الإسرائيليين على أعلى المستويات لأذربيجان أمرًا لا ينقطع.
وقد كان عرّاب هذه العلاقات هو وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ويذكر تقرير صحيفة «جيروسالم بوست» الإسرائيلية أن «الكثير من الفضل في زيادة الدفء يذهب إلى ليبرمان، الذي ساعدت استراتيجيته في السياسة الخارجية على تحويل أذربيجان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى شريك استراتيجي لدولة إسرائيل، أدرك ليبرمان الأهمية الإستراتيجية والجيوسياسية لأذربيجان في المنطقة»، ويضيف التقرير أنه « البراجماتي الذي يدافع بشدة عن مصالح بلاده، يسعى ليبرمان إلى أصدقاء حقيقيين لإسرائيل واهتمامه بالمنطقة له ما يبرره، فهذه هي زيارته الرسمية الأولى لأذربيجان كوزير للدفاع، وتفاعلاته الدافئة والمخلصة تعزز هدف تعزيز العلاقات».
وتضيف الصحيفة في تقرير آخر: «تبقى أذربيجان واحدة من الدول القليلة ذات الأغلبية المسلمة التي تعترف بإسرائيل بشكل كامل، وتطبع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة اليهودية، حتى أنه قيل أنه لا يوجد بلد في أوراسيا تربطه علاقات أوثق أو أكثر دفئًا مع إسرائيل من أذربيجان، وقد ذهب العديد من خبراء السياسة الخارجية أبعد من ذلك ليشمل العالم عندما وصف أذربيجان بأنها أقرب شريك إسلامي لإسرائيل».
وتتويجًا لهذه العلاقات الدبلوماسية، أدركت الحكومة الإسرائيلية أهميّة التعاون مع هذا البلد المسلم الذي تقع على حدوده الجنوبية إيران في المجالات الاقتصادية والثقافية والأمنية، وهرولت نحو نفط أذربيجان حتى أصبحت تحصل على ثلثي نفطها المستهلك من هذا البلد، ما يعادل 40