2024-11-24 07:02 م

الاقتصاد السعودي يدفع الثمن باهظًا لمقتل خاشقجي

2018-11-01
سيمون كونستابل

ترجمة حفصة جودة

سوف يدفع الاقتصاد السعودي الثمن غاليًا بسبب مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، هذا العمل الخسيس الذي أشعل غضبًا عالميًا، مما يدفع لاتخاذ الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأخرى عدة إجراءات ضد المملكة.

ومع ذلك فالمشكلة طويلة المدى هي أن المستثمرين سيتجنبون السعودية لأن جريمة القتل تسلط الضوء على عدم الاستقرار السياسي في البلاد، فهذه الزعزعة تدفع المستثمرين للهرب بعيدًا.

يقول ديفيد روبرتس أستاذ الدراسات الدفاعية بكلية كينغز لندن: "هذه الجريمة تشكل مصدر قلق لجميع المشاركين في السعودية"، انتشرت أخبار مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول يوم 2 من أكتوبر بعد تسريبات الحكومة التركية، وانتشرت التفاصيل المروعة ببطء لكنها كانت مؤكدة وصاحب ذلك تحول تدريجي من إنكار السعودية إلى اعترافها ببعض الذنب.

كان إحجام السلطات السعودية عن كشف تفاصيل الموضوع وفي الوقت نفسه الإصرار التركي على أن القضية أصبحت عامة، ساهم في أن تصبح القضية متصدرة للأخبار العالمية، وأدت التغطية الشاملة إلى تفاقم مشكلة العلاقات العامة السعودية أكثر من ذي قبل.

جاءت عملية القتل في أعقاب الاعتقال الجماعي العام الماضي الذي طال العديد من الأمراء السعوديين في فندق ريتز كارلتون الرياض، وفي مطلع هذا العام أفرجت السلطات عن أشهر المستثمرين السعوديين الأمير الوليد بن طلال بعد أن وافق على التخلي عن جزء من ثروته الضخمة.

ورغم أن حملة الاعتقالات تلك كان هدفها المعلن القضاء على الفساد فإن افتقارها للشفافية أدى إلى إخافة الممولين خاصة المستثمرين الأجانب، يقول روبرتس: "أدت اعتقالات ريتز إلى تشكيك الكثير من المستثمرين الأجانب في قوة النظام القانوني السعودي وهل ينبغي عليهم الاستثمار في تلك البلاد أم لا".

مفتاح الاستثمار الأجنبي لـ"رؤية 2030"

يعد المستثمرون الأجانب المفتاح الرئيسي في "رؤية 2030" للمملكة، وهي الخطة التي تقودها الحكومة لإبعاد الاقتصاد عن اعتماده على النفط، هذه الرؤية دفع بها الحاكم الفعلي للبلاد ولي العهد محمد بن سلمان، لكن منتقدي الرياض يتهمون ابن سلمان بالتورط في مقتل خاشقجي، وتقول الشائعات إن هناك جهودًا لإبعاده أو على الأقل تقييد سلطته.

يقول التقرير الصادر عن شركة الاستشارات "Capital Economics": "الخطر الرئيسي الناتج عن إبعاد محمد بن سلمان هو أن رؤية 2030 سوف تتوقف تمامًا"، بمعنى آخر، إذا تمت معاقبة ابن سلمان بإبعاده عن السلطة فلننس تحرك الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط وتحوله إلى اقتصاد مختلط.

يضيف التقرير: "لكن الضرر الأهم يقع على إمكانات المملكة على المدى البعيد، فقد وضع ابن سلمان تركيزًا كبيرًا على جذب الاستثمارات الأجنبية لتعزيز نمو الإنتاج، لكن هذه الإصلاحات لم تحقق التأثير المطلوب على الأقل حتى الآن".

يشير التقرير إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة انخفضت إلى نحو 2.% من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي بعد أن كانت 9% عام 2009، ويشير الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاستثمارات في الشركات وبناء المصانع بدلاً من شراء الأسهم والسندات في البورصة، كذلك رغم ارتفاع أسعار النفط في العامين الماضيين، كان أداء الاقتصاد السعودي ضعيفًا.

في عام 2017 عانى الاقتصاد السعودي من الانخفاض كل 3 أشهر، وخلال الربعين الأول والثاني من هذا العام لم يتجاوز نمو إجمالي الناتج المحلي 2% وفقًا لبيانات موقع "TradingEconomics.com".

هذا النمو الضعيف يأتي على خلفية تضاعف أسعار النفط 3 مرات الذي يعتمد عليه اقتصاد المملكة، كانت أسعار النفط الخام قد انخفضت لأقل من 30 دولارًا للبرميل في يناير 2016 قبل أن ترتفع إلى 76 دولارًا مؤخرًا، ويمثل النفط والطاقة تسعة أعشار الصادرات السعودية ونحو 46% من إجمالي الناتج القومي للبلاد.

إذا لم تتمكن المملكة من الحصول على استثمارات أجنبية فلن تتمكن من إصلاح الاقتصاد، فالاستثمار الأجنبي يوفر رأس المال ويسمح بالوصول لتكنولوجيا تعزيز الإنتاج، والسعودية تحتاج لكليهما على المدى البعيد من أجل مستقبل الاقتصاد.

تزايد غضب المستثمرين

هذه الخلافات المتعلقة بالمملكة أدت إلى توتر المستثمرين، يقول تقرير شركة "TS Lombard" المالية ومقرها لندن: "هذه المخاوف تتعلق بشكل أساسي بالمخاوف السياسية الكامنة، مثل القلق بشأن استقرار البلاد، ويؤثر ذلك على رؤيتنا لوضع الاستثمار في البلاد على المدى البعيد"، ويضيف التقرير أن عدم الاستقرار الحكومي المزمن من شأنه أن يضعف عائدات المستثمرين، وهذا السوق لا يمكنه تجاهل فوضى واضطرابات الحكومة.

هذه الأفكار أيضًا سوف تتوارد على عقول المستثمرين المحتملين في شركة النفط المملوكة للسعودية "أرامكو"، في بداية 2016 قالت البلاد إنها ترغب في طرح الشركة للاكتتاب العام بقيمة تريليوي دولار، وحتى ذلك الوقت كان الثمن يبدو مرتفعًا، لكن لا شك أن الأحداث الأخيرة ستدفع المصرفيين لخفض تقييمهم للشركة.

يقول روبرت رايت أستاذ الاقتصاد العالمي بجامعة أغوستانا في سو فولز بداكوتا الجنوبية: "يجب على المستثمرين الأجانب في السعودية أن يضعوا في اعتبارهم المخاطر السياسية، التي من الصعب قياسها لكنها ستزداد مع كل حادثة مثل حادثة خاشقجي".

لكن ببساطة، عندما يقرر المستثمر الاستثمار في السعودية بشكل عام أو أرامكو بشكل خاص فالمخاطر يتم حسابها أيضًا سواء كانت الأصول بأيدي الحكومة أم لا، وكلما زادت المخاطر انخفضت التقييمات.

هذا الأمر من سوء حظ الرغبة السعودية في بيع شركة أرامكو، الأمر الذي كان يعتبر محور الإصلاح الاقتصادي للبلاد.

المصدر: ميدل إيست آي