جمال محسن العفلق
لعبة الأغتيالات السياسة ليست بالجديده ، وفرق الأغتيالات تنتقل من مطار الى مطار حول العالم ولا أحد يعرف عنها شيء ومنذ أغتيال الرئيس الأمريكي السابق جون كيندي وإعلان الشرطة الأمريكية في حينها أنها قتلت القاتل والشكوك كثيرة حول هذه الروايات إلا أن هذه القضايا تنتهي وتوضع الملفات في خزائن حديدية وبأمر قضائي يمنع الأقتراب منها الا بعد خمسين او سبعين سنة لتدخل الجريمة طي النسيان وتنتهي وتقفل القضية .
وكما جريمة أغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي استثمرت اسوء استخدام سياسي وأصبحت المحكمة الخاصة بلبنان مقر ابتزاز سياسي حاول من يديرها استثمارها سياسيا فقط ولم نجد في الأتهامات أو التحقيقات التي تمت في حينها إلا أهداف سياسية تعمل على تشوية صورة المقاومة ومحاصرة سورية وتصفية حسابات سياسية بين الفرقاء السياسين الذين تركوا الشق الجنائي من القضية وصنعوا الأدلة للنيل من خصومهم السياسيين فقط ، وكما هي العادة تغيب القضية وتعود من جديد ، فعلى إثر أختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا هناك من أعلن أن لدية مستندات تثبت أن قاتل خاشقجي هو نفسة الذي تورط في جريمة أغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري .
وبالعودة لموقع الأختفاء ، علينا أن ندرك وحسب ما جرت العادة أن جميع القنصليات والسفارات رغم الأعراف التي تعتبر هذه الأماكن أرض للدولة صاحبة البعثة ولا يحق للدولة المضيفة دخولها أو تفتيشها او التعرض لها الا أن جميع هذه الأماكن مراقبة من قبل الدول المضيفة ومخترقة أمنيا وهذا ليس بسر فكيف إذا كانت هذه القنصلية أو السفارة لدولة منافسة مثل السعودية ؟ صديقة مره وحليفة مرة وخصم مرات .
فمن الطبيعي أن تركيا تملك اجهزة تجسس او على الأقل لديها رجلها داخل القنصلية وتعلم تماما ما حدث داخل القنصلية وهي الأن في وضع لا تحسد علية ، فإما ستكشف عميلها أو أجهزتها وتخبر العالم ما حدث أو تساوم في الغرف المغلقة على تلك الورقة وتساوم على إحراج السعودية وإجبارها على تنفيذ طلبات أردوغان بترك الساحة الإسلامية له ، فالحرب بين الأخوان والوهابية لم تتوقف منذ سنوات وخصوصا بعد وصف أردوغان لما حدث بمصر بالإنقلاب ودخولة على خط الخلاف الخليجي مع قطر ، وانقسام المشهد السياسي بين حلفاء الأمس بالحرب على سورية لتصبح المصالح الخاصة لكل دولة هي العنوان الأبرز .
فالتقارب التركي الروسي حول الحرب في سورية ازعج السعوديين كما الأمريكان ، والخلاف التركي الأمريكي المفتعل الذي اضر بالعملة التركية والاقتصاد التركي يجبر اردوغان على استثمار ورقة أختفاء الرجل من القنصلية السعودية ، ولا أعتقد اي من الفرقاء الأن يهمة الحقيقة بقدر ما يريد ان يستثمر هذه الورقة الى ابعد الحدود .
حتى الساعة السعودية هي المتهم الوحيد بالأمر ، فالأختفاء تم على أرض سعودية هي القنصلية ، وما يمكن أن تفعلة المملكة اليوم بهذه القضية ورقة إثبات تؤكد خروج الرجل من باب القنصلية كما دخلها ، أما الأميركي والذي لا يغيب عن أي حدث أجرامي في العالم فقد يستغل الورقة بطريقتة التي عودنا عليها والتي يتحدث عنها ترامب صباحا ومساء فالمال عند الرئيس الأميركي هو الحل الوحيد لكل القضايا ، وبعد الإعلان الصريح أن الملك سلمان بدون القوة الأمريكية لن يصمد في الحكم لأسبوعين أتت هذه القضية لتثبت كلام ترامب وهذا ماسوف يحدث في قادم الأيام حيث سوف يتلاعب الأمريكان بالملف وتدفع السعودية ما عليها من إتاوة للبيت الأبيض ليصار الى ايجاد مخرج لها حسب النمط الهوليودي ، فالأصوات التي تتحدث عن وقف صفقات السلاح مع السعودية والخاصة بحربها على أطفال اليمن لن تلقى اي صدى في ادارة ترامب ، ومعاقبة ولي العهد السعودي لن تكون أكثر من فرض غرامة مالية كبيرة علية وبعض النقاط السوداء التي سيمحيها الزمن ، فولي العهد الذي سجن عشرات الأمراء واخذ اموالهم وسجن رئيس حكومة لبنان وأجبره على الأستقالة في سابقة لم تحدث في العالم من قبل استطاع ارضاء الأمريكان بالمال وحتى الفرنسيين استفادوا من افعالة الشاذه بعالم السياسة . وليست الولايات المتحده بأفضل حال من السعودية في مثل هذه الملفات فجرائم الاستخبارات الأمريكية في العالم كثيرة وكان أخرها محاولة أغتيال الرئيس الفنزويلي ، ولن تكون قضية أختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي بالقضة الأهم التي ستشغل العالم رغم تعاطفنا الأنساني مع عائلتة فنحن لم نعتد على الشماتة أو التشفي بالخصوم وهنا نذكر أن خاشقجي رحب بجرائم داعش بحق الجنود السوريين وأعتبرها ضرورة الحرب كما نسب الية من أجل وصول الأسلاميين للحكم .
وبالعوده للتركي الذي تمت العملية على أرضه ، فأردوغان وفريقة السياسي وإعلامة دخلوا في دوامة التصريحات المتناقضة حول القضية والأكيد بالأمر أنهم يريدون معرفة القرار الأمريكي وبماذا ستعود عليهم هذه القضية فإذا حدث ما يخدم مصلحتهم فطبيعي أن تعلن التحقيقات انها لم تمتلك اي دليل جنائي بالقضية وسيعلن عن طرف ثالث مجهول نفذ العملية والشرطة التركية تبحث عنه . وسيكون الثمن إخراج السعودية من المشهد السياسي فيما يخص قضايا إقليمية كثيرة وتخسر السعودية دورها في العالم الإسلامي لصالح تركيا ، وترضى بالتقارب التركي الإيراني الذي ازعجها ، وسيتم الأمر بالتأكيد تحت رعاية أمريكية بعد قبض الثمن من السعودية وترضي تركيا لكي تتم الصفقة .
وتبقى جرائم الأغتيال للسياسيين والأعلاميين هي ثاني اسوء الجرائم التي تمارسها الدول ، بعد جرائم قتل الأطفال والمدنيين العزل الذين يقتلون في الحروب كما أطفال اليمن والعراق وسورية وفلسطين الذين لم يسمع بهم العالم وتقتلهم القنابل الأمريكية والرصاص الصهيوني والمال العربي المشبوه والحصار الاقتصادي الظالم .
خاشقجي قربان التقارب التركي الأميركي وورقة أبتزاز جديده للسعودية ؟
2018-10-27