2024-11-01 02:35 م

45 عامًا على حرب أكتوبر: صورة "إسرائيل" في عيون المصريين لم تتغير

2018-10-07
45 عامًا مضت على حرب أكتوبر المجيدة 1973، تلك الحرب التي أعادت رسم الخريطة السياسية والجغرافية لمنطقة الشرق الأوسط بصورة حطمت الكثير من الأساطير الوهمية التي صدرها الصهاينة عن قوتهم التي لا تقهر وعتادهم الذي لا ينهزم، وأعادت الكرامة العربية التي أُهدرت على أقدام جيش الاحتلال فوق تراب سيناء والسويس وصولاً إلى القاهرة.

أربعة عقود ونصف على تلك المعركة العسكرية التي كان النصر فيها حليف المصريين والعرب، قطعت فيها تل أبيب والقاهرة أشواطًا كبيرة من التأرجح بين التقارب والتباعد، شهدت خلالها موجات متلاطمة من المد والجذر على شاطئ التطبيع الذي تهرول له دولة الاحتلال بهدف خلق أمر واقع في المنطقة.

هل ما زال المصريون ينظرون إلى "إسرائيل" على أنها الدولة العدو؟ سؤال بات يطرح نفسه خلال السنوات الأخيرة على وجه الخصوص في ظل القفزات السريعة التي يقفزها النظام المصري الحاليّ بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإحداث التقارب مع الجانب الإسرائيلي، لتتحول العلاقات بين الجانبين من تطبيع "الضرورة" كما كانت تُوصف، إلى شيء أكبر من ذلك؛ يُمكن وصفه بالشراكة الوثيقة بين البلدين.


مسار التطبيع المتعرج

منذ حرب أكتوبر وتوقيع اتفاقية "كامب ديفيد" اتخذت العلاقات السياسية بين مصر و"إسرائيل" مسارًا متعرجًا اختلف في كل مرحلة سياسية عن تلك التي سبقتها، حيث شهد زخمًا غير متوقع في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بصفته من وقع على الاتفاقية، إذ رفع شعار "خطوة من جانب إسرائيل بخطوتين من جانب مصر".

ومع تولي حسني مبارك مقاليد الأمور عقب اغتيال السادات شابت العلاقات مع تل أبيب بعض مظاهر التوتر، استهلها الرئيس بالتحفظ على دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة القدس لاستئناف مفاوضات الحكم الذاتي واشترط إجراء المفاوضات خارج القدس المحتلة، واستدعاء السفير المصري من تل أبيب بسبب اعتداء "إسرائيل" على لبنان عام 1982، وإن  أعيد مرة أخرى بعد عودة طابا لمصر.

وظلت العلاقات بين البلدين أسيرة ما يعرف بـ"السلام البارد" حتى عام 2004، حيث دخل التطبيع بين البلدين مرحلة جديدة من التطور، إذ وقعت مصر اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) واتفاق تزويد "إسرائيل" بالغاز الطبيعي، وظلت ترفضهما منذ عام 1996، وذلك رغم استمرار اعتداءات "إسرائيل" على الشعبين الفلسطيني واللبناني آنذاك، وهو ما قوبل بموجة اعتراضات وانتقادات شعبية وسياسية.

وقد انطوى التطبيع على ثلاثة مستويات شملت التطبيع السياسي والتطبيع الاقتصادي والتطبيع الثقافي، وكان لكل منها آلياته ومراحل تنفيذه، حسبما أشارت الدكتورة عواطف عبد الرحمن، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، في مقال لها تحت عنوان "التطبيع بين مصر وإسرائيل.. الحصاد المر والتحديات".

عبد الرحمن أشارت إلى أن التطبيع تدرج ابتداءً بالمستوى السياسي مع دول المواجهة: مصر وفلسطين والأردن، ثم المشروع الإسرائيلي للتطبيع مع سوريا من واقع ما عبرت عنه المفاوضات إلى التطبيع مع العراق في ظل الاحتلال الأمريكي ثم الدول العربية التي أقامت علاقات رسمية مع "إسرائيل" وشملت المغرب وتونس وموريتانيا وعمان وقطر، متجاوزًا ذلك إلى التطبيع الاقتصادي والثقافي.

حميمية العلاقة

بعد ثورة 25 نياير دخلت العلاقات بين القاهرة وتل أبيب نفقًا آخر من التأرجح، حيث حبست الدبلوماسية الإسرائيلية أنفاسها طوال فترة حكم المجلس العسكري ثم حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث اتسمت العلاقات بين البلدين وقتها بفتور حذِر، بلغ ذروته إبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2012، حين أرسل مرسي رئيس وزرائه هشام قنديل إلى هناك في رسالة ضمنية مفهومة المعنى.

لكن ومع وصول عبد الفتاح السيسي للحكم في يونيو/حزيران 2014 تغيرت موازين العلاقات بصورة غير متوقعة، إذ أبدى وقتها انفتاحًا كبيرًا على توطيد العلاقات مع "إسرائيل"، تجاوز ما استقر عليه الوضع إبان توقيع "كامب ديفيد" لتتحول العلاقات بين الجانبين من تطبيع وصف في السابق بـ"الضرورة" إلى آخر أطلق عليه "الشراكة الوثيقة".

في الـ6 من سبتمبر الماضي، قال رئيس وزراء "إسرائيل" بينامين نتنياهو: "التعاون مع الدول العربية أكبر من أي فترة كانت منذ إقامة "إسرائيل"، وما يحدث اليوم لم يحدث مثله في تاريخنا والتعاون قائم بقوة وبمختلف الأشكال والطرق والأساليب، رغم أنه لم يصل للحظة العلنية، لكن ما يجري تحت الطاولة يفوق كل ما حدث وجرى بالتاريخ".

وكانت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للقدس ولقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي في يونيو 2016 بمثابة تدشين لمرحلة جديدة من العلاقات المصرية الإسرائيلية لا يعرف مداها أحد غير القائمين على صنع القرار في البلدين، إلا أن الجانب الاقتصادي سيظل أحد المنافذ التي تتلاقى فيها علاقات البلدين.

هذا بخلاف لقائي السيسي ونتيناهو العلنيين على هامش المشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة، أحدهما قبل عام والآخر قبل عدة أيام، فضلاً عن اللقاءات الأخرى السرية التي جمعتها في العقبة الأردنية والقاهرة حسبما كشفت بعض الصحف الإسرائيلية ذلك، في إطار التنسيق بين مصر و"إسرائيل" والأردن لما يسمى بـ"صفقة القرن".

التفاهم بين الجانبين تجاوز السياسة بمراحل، ورغم العقيدة العسكرية المصرية المبنية على العداء لدولة الاحتلال، فإنه خلال السنوات الأخيرة حدثت بعض التفاهمات بين جيشي البلدين، عندما وافق الجانب الإسرائيلي على تقدم القوات المصرية بشمال سيناء لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في المناطق التي يحظر فيها وجود كثيف للقوات المسلحة المصرية طبقًا لاتفاقية كامب ديفيد، هذا بخلاف ما أثير بشأن قيام جيش الاحتلال ببعض العمليات المساندة للقوات المصرية في تلك المنطقة.

مقالات:45 عامًا على حرب أكتوبر: صورة "إسرائيل" في عيون المصريين لم تتغير