2024-11-25 05:32 م

واشنطن بوست: خلايا البيت الأبيض النائمة تستيقظ

2018-09-07
أكدت واشنطن بوست أن ردة فعل الرئيس ترامب ومساعديه كانت شديدة اللهجة على ما نشر في مقال رأي غير موقَّع من مسؤول أمريكي كبير ينتقد "انعدام الأخلاقيات" لدى الرئيس، وعليه تم إطلاق مطاردة محمومة لمعرفة الكاتب الذي يدعي أنه جزء من "مقاومة" سرية داخل الحكومة تعمل على حماية الأمة من قائدها العام.

وظهر المقال الاستثنائي، الذي نُشر بشكل مجهول في صحيفة نيويورك تايمز، بعد يوم واحد من ظهور المقتطفات الأولى من كتاب بوب وود وورد الجديد، الذي رسم فيه صورة مدمرة للرئيس ووصفه بالمجنون داخل البيت الأبيض على حد وصف الصحيفة.

استنفار في البيت الأبيض

حسب الواشنطن بوست، فإن رد ترامب على المقال كان غضبا "بركانيا" هو "غاضب تمامًا" على ما اعتبره خيانة وأبلغ المقربين منه بأنه يشك بأن كاتب المقال يعمل في وحدة قضايا الأمن القومي أو في وزارة العدل. وكان ترامب قد تساءل على "تويتر" ما إذا كان المسؤول "مصدرا زائفا" وكتب أنه إذا كان "الشخص موجودا بالفعل، فيجب على نيويورك تايمز تسليمه إلى الحكومة حالا لحماية الأمن القومي!".

جزء من المقاومة

وفي مقال بعنوان "أنا جزء من المقاومة داخل إدارة ترامب"، يصف الشخص الذي تحدده التايمز بأنه "مسؤول كبير" أسلوب قيادة ترامب بأنه "متهور" ويتهمه بالتصرف "بطريقة تضر بصحة جمهوريتنا".

ويكتب المسؤول أن أعضاء مجلس الوزراء شهدوا عدم الاستقرار في القرار من قِبل رئيسهم، وكان هناك "همسات مبكرة" حول إمكانية استخدام التعديل الخامس والعشرين لإزاحة ترامب من منصبه، ولكن تم الاتفاق على تجنّب الأزمة الدستورية والعمل داخل الإدارة لاحتوائه.

وأقرت الصحيفة أن المقال أنتج هزات أرضية في البيت الأبيض وأطلق لعبة تخمين محمومة، حيث قام المساعدون المتفاجئون بإلغاء الاجتماعات والتجمع خلف الأبواب المغلقة لوضع إستراتيجية للاستجابة. حيث يقوم المساعدون بتحليل أنماط اللغة لمحاولة تمييز هوية المؤلف أو على الأقل الإدارة التي يعمل فيها.

خلايا نائمة

وقد تم تعميم عبارة "الخلايا النائمة" على الرسائل النصية بين المساعدين والحلفاء الخارجيين. "إنه أشبه بأفلام الرعب عندما يدرك الجميع أن المكالمة تأتي من داخل المنزل"، قال مسؤول سابق في البيت الأبيض على اتصال وثيق مع زملائه السابقين.

وأضاف التقرير: "كان التحذير الصارم والمجهول حدثًا مبهرا لم يسبق له مثيل في تاريخ الرئاسة الحديث". أن يقول شخص ما داخل البيت الأبيض إن هناك مجموعة مِنَّا تدير المقاومة، مع التأكد من أن رئيس الولايات المتحدة يفعل أشياء غير عقلانية وخطيرة، إنها لحظة محيرة للعقل"، حسب تصريح المؤرخ دوغلاس برينكلي.

وقال السيناتور الأمريكي بوب كوركر للصحفيين: "هذا ما فهمناه جميعًا منذ اليوم الأول ...لهذا السبب أعتقد أننا جميعًا نشجع الناس الجيدين حول الرئيس على البقاء".

وعيد ترامب

ذكر التقرير أن ترامب أول من تحدث وانتقد صحيفة نيويورك تايمز لقرارها بنشر المقال قائلا في حديث مع الصحفيين في البيت الأبيض: "نيويورك تايمز الفاشلة لديها افتتاحية مجهولة المصدر - هل تصدقها؟ ... مجهولة المصدر، افتتاحية لا معنى لها". كما ذهب الرئيس إلى التباهي بشعبيته، على الرغم من أن جميع استطلاعات الرأي العام تقريبا تظهر أن المزيد من الأمريكيين لا يوافقون على أدائه الوظيفي. رغم ذلك أكد ترامب "أرقام الاستطلاع لدينا كبيرة لا أحد يستطيع هزيمتي في عام 2020". ثم قام الرئيس بالتغريد في وقت لاحق بكلمة واحدة تدَّعي أنها خيانة محتملة؟

وما أثار غضب ترامب في محادثاته الخاصة مع المستشارين والأصدقاء هو مدح الكاتب المجهول للراحل جون ماكين، الذي يعتبره ترامب عدوًا شخصيًا، وفقًا لأشخاص مطلعين على تفكيره، حيث أعاد العمود إشعال إحباط ترامب بذكريات الأسبوع الماضي للتوديع الشعبي لماكين.

تساؤلات واتهامات

وواصلت الصحيفة: كان الرئيس يشعر بالفعل بالضعف بشكل خاص - وشعور عميق بالبارانويا، على حد تعبير أحد المقربين - بعد تصويره المدمر في كتاب بوب وود وورد. وقال مسؤول كبير في الإدارة إن ترامب شعر بالفعل أن لديه دائرة متضائلة من الأشخاص الذين يمكن أن يثق بهم. ووفقًا لأحد أصدقاء ترامب، فقد شعر بالقلق بعد المقال، وقال أنه لا يثق إلا بأولاده.

كما شجبت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز كاتب المقال في بيان شديد اللهجة شبيهة بغضب رئيسها وبعض هجماته المفضلة على وسائل الإعلام. وقالت في بيانها "إن الشخص الذي يقف خلف هذا المقال اختار أن يخدع، بدلاً من أن يدعم الرئيس المنتخب للولايات المتحدة". "إنه لا يضع في اهتمامه البلاد أولاً، بل يضع نفسه وغروره أمام إرادة الشعب الأمريكي، هذا الجبان يجب أن يفعل الصواب ويستقيل".

كانت هناك مكالمات من نقاد ترامب كي يتقدم المؤلف ويتبادل المزيد من المعلومات مع الجمهور، بما في ذلك ربما يشهد أمام الكونغرس، حول أحقية ترامب بمنصب الرئاسة.

وسواء داخل البيت الأبيض أو في المدار الأوسع لترامب، سارع المساعدون والمقربون إلى التعرف على المسؤول المجهول، في غضون ساعات قليلة من النشر، عرضوا بشكل خاص ما يقرب من اثنتي عشرة نظرية مختلفة واقترحوا عددا من الأسماء.

وقالت المتحدثة باسم الصحيفة إنها لم تتمكن من تقديم أي توضيح إضافي حول كيفية تعريف الصحيفة لمسؤول كبير في الإدارة. وامتنع جيمس بينيت رئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز عن تقديم مزيد من المعلومات عن موقف الكاتب أو هويته، لكنه قال إن الصحيفة تلقت المقال قبل نشر أخبار عن كتاب بوب وود وورد الجديد. وقال إن الصحيفة "ما كانت لتستطيع النشر" إذا لم تقبل عدم الكشف عن هويته لمؤلفها.

حماية الجمهورية

وجاء المقال المثير للجدل المنشور في نيويورك تايمز بعنوان "أنا جزء من المقاومة داخل إدارة ترامب"، وأكد المسؤول الذي كتبه أنهم في الإدارة الأمريكية ملتزمون بأجندة الحزب الجمهوري، ولم يتحاوروا مع الديمقراطيين المعارضين. معتبرا: "نعتقد أن واجبنا الأول هو حماية هذا البلد، بينما يواصل الرئيس التصرف بطريقة تضر جمهوريتنا".

وكشف أيضا أن "كثيرا من كبار المسؤولين في حكومة ترامب يعملون بجد من الداخل لإحباط أجزاء من برنامجه ورغباته." وأضاف أنه جزء من عدد من المسؤولين ويعلم ما يدور بالداخل، ويعرف جيدا، أن مقاومتهم ليست المقاومة الاعتيادية التي يتبعها اليساريون.

ووصف المسؤول الرئاسة الأمريكية بأنها "ذات مسارين"، الأول هو ما يقوله وما يفعله ترامب والمسار الثاني هو ما يفعله مساعدوه عن وعي، على سبيل المثال فيما يتعلق بما وصفه بـ "تفضيل ترامب للحكام المستبدين والديكتاتوريين".

واعتبر أن جذور المشكلة تتمثل في "عدم أخلاقية الرئيس"، وهذا ما يجعل عددا من الموظفين يعملون بنشاط لعزل أنفسهم عن أسلوب القيادة "المتعجرف، المتناقض وغير الفعال" لترامب، لهذا السبب تعهد عديد من المعينين في إدارة ترامب ببذل كل ما في وسعهم للحفاظ على مؤسساتنا الديمقراطية في الوقت الذي أجهضوا فيه دوافع السيد ترامب المضللة حتى يخرج من منصبه".

واحد من 4 كتب المقال

ونشرت مجلة "ويكلي ستاندرد" الأمريكية أسماء 4 مسؤولين محتملين وراء مقال نيويورك تايمز.

والشخصيات المحتملة هم لاري كودلو، الرئيس الجديد للمجلس الاقتصادي القومي، أو كيفين هاسيت، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، أو دان كوتس رجل الدولة الأقدم في ولاية إنديانا، والذي يعمل مديراً للمخابرات الوطنية، أو مايك بومبيو وزير الخارجية، وهو ما نفته وزارة الخارجية.