2024-11-27 05:54 م

"التهدئة" المرحلة الثالثة في تطبيق صفقة القرن؟!

2018-08-28
القدس/المنـار/ التلاعب في الاعلان عن موعد طرح الرئيس الأمريكي وأركان حكمه لما يسمى بـ "صفقة القرن" أمر متعمد ومدروس، فالصفقة بنودها واضحة، وأهدافها معروفة والاصطفاف الداعم لها عناصره مكشوفة و "المسوقون" لها لم تعد الأقنعة والادعاءات قادرة على اخفاء أدوارهم.
عنوان الصفقة، تصفية القضية الفلسطينية، واللاعبون أخذوا مواقعهم، والبنود يجري تطبيقها تباعا، ولا داعي للاعلان عنها، انها تترجم على أرض الواقع.
البند الأول، كان الاعلان الأمريكي عن أن القدس عاصمة لاسرائيل، وللتأكيد على ذلك نقلت واشنطن سفارتها من تل أبيب الى القدس، مسقطة بذلك مسألة القدس من قضايا الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الجوهرية، ولا داعي لطرحها على طاولة المفاوضات ئنائية كانت أم أكثر.
هذا البند الرئيس في صفقة القرن، لم يلق اعتراضا حقيقيا من الجانب العربي، باستثناء "بيانات كلامية" لا قيمة لها، ثم صمتت دول هذا الجانب، صمت مريب، يخفي وراءه الكثير فأدوات أمريكا في المنطقة، أو ما يطلق عليها القوى والدول المعتدلة، تشارك في عملية التسويق والتمرير، ضغطا على القيادة الفلسطينية وتهديدا بحصارها، واغراءات رفضتها هذه القيادة بشدة، وتجري حاليا اتصالات للقاء يجمع "المعتدلين" بحضور القيادة الفلسطينية لاقناعها بالموافقة على صفقة تصفية القضية الفلسطينية، وفتح الابواب لعلاقات علنية بين اسرائيل ودول الاعتدال، خاصة تلك التي تنتظر اشهار العلاقات مع تل أبيب، ولن تتردد هذه الدول في استخدام كل الوسائل والأساليب لاقصاء القيادة الفسطينية في حال استمرت في رفضها لصفقة ترامب.
محور الاعتدال العربي، وتلك الدول التي تسير في ركابه ابتزازا أو تهديدا، لن يتمكن من تمرير أية حلول تستهدف القضية الفلسطينية، هو أعجز من أن يفتح أبواب التطبيع مع اسرائيل، ما دامت القيادة الفلسطينية، ترفع "لا" كبيرة في وجه الطاغوت الامريكي وزبانيته، وبالتالي، المرحلة القادمة سوف تشهد حربا ضارية ضد القيادة الشرعية الفلسطينية، وهذا ما تستعد له دول الاعتدال، وما تقوم به من تحركات وتعقده من لقاءات تهيئة واستعدادا للحرب المرتقبة.
أما البند الثاني، فهو اسقاط حق العودة، وتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" ومحاصرتها ماليا، ووقف أموال الدعم لها، والتحريض عليها، الى أن وصل الأمر بواشنطن التهديد باعلان قرار رفض حق العودة.
والبند الثالث، هو ما توصلت اليه دول عربية في الحضن الامريكي مع اسرائيل وحركة حماس بشأن انجاز تهدئة مؤقتة، قد تمتد الى هدنة دائمة، وهذا تكريس للانفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية، واغلاقا لباب المصالحة في الساحة الفلسطينية، والتوصل الى تهدئة بين حماس واسرائيل، بصب في صالح صفقة القرن التي يجري تطبيقها بأيدي عربية، نجحت لعوامل عديدة في جر حركة حماس الى هذا المنزلق الخطير، التي تسعى منذ سنوات طويلة الى ضرب المشروع الوطني الفلسطيني، وهذا ما يفسر تصلب الحركة في حوارات المصالحة، التي تنثلت في أكثر من عاصمة دون تحقيق أية نتائج ايجابية.
والملاحظ، أن دولا عربية تبذل كل جهودها لانجاح التهدئة بين حماس واسرائيل، رغم ادراكها خطورة ذلك على القضية والحقوق الفلسطينية، في حين أنها لم تبذل مثل هذه الجهود عند تناولها ملف المصالحة في الساحة الفلسطينية، والمثير للاستغراب أن هناك تلاق كامل بين دول بعينها حول مسألة التهدئة والدفع باتجاه انجازها، مع أنها متباينة في المواقف ازاء ملفات عديدة في المنطقة، والعلاقات الدبلوماسية بينها مقطوعة، وكل منها في محور متصارع مع الآخر.. انه التلاقي على تصفية القضية الفلسطينية وفتح أبواب التطبيع وتحطيم المشروع الوطني الفلسطيني.
وبالنسبة لحركة حماس، فان قبولها بانجاز تهدئة مع اسرائيل لعوامل انسانية، وتحقيق مطالب معيشية لا أكثر، يمنح اسرائيل فرصة كبيرة، لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، وتكثيف تهويد القدس وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وحصار منظمة التحرير الممثل الشرعي لكل الفلسطينيين.
وبشأن المصالحة، فان حماس بموافقتها على التهدئة، التي ستتحول الى هدنة دائمة، لم تعد معنية بالمصالحة، بمعنى أن الانقسام سيتجذر ويتعمق، وهذا ما تسعى اليه اسرائيل وأمريكا ودول الاعتدال التي تتحدث نفاقا وكذبا عن ضرورة انجاز المصالحة، فلو كانت حقيقة معنية بذلك، لانجزت المصالحة قبل التهدئة وأوكلت كل الملف بكافة جوانبه الى القيادة الشرعية الى منظمة التحرير الفلسطينية.
والواضح، بما لا يقبل مجالا للشك أن صفقة القرن وان لم يعلن عنها امريكيا بعد، يجري تطبيقها على الارض، ودول عربية مشاركة، وحركة حماس انجرفت خلفها، لتحمل معها معول هدم الحقوق الفلسطينية.