2024-11-25 12:59 م

سلة عملات بديلة لمواجهة الغطرسة الأميركية

2018-08-22
تناولت اوساط وشخصيات سياسية واقتصادية واعلامية عراقية وغير عراقية مؤخرا، اهمية ايجاد بدائل للعملة الاميركية (الدولار) في مجمل التعاملات التجارية على الصعيد العالمي، تجنبا للوقوع في فخ الغطرسة والهيمنة الاميركية، التي تسعى مراكز القرار الاميركي الى فرضها عسكريا وسياسيا واقتصاديا في كل انحاء العالم.

وجاءت تاكيدات الاوساط والشخصيات العراقية على هذا الموضوع الحيوي والمهم، ارتباطا بالعقوبات الاقتصادية الاخيرة التي فرضتها واشنطن على الجمهورية الاسلامية الايرانية قبل اسبوعين، وقبلها العقوبات على روسيا ودول اخرى.

وطبيعي ان ينشغل العراق بتداعيات العقوبات الاميركية على ايران، ارتباطا بعلاقاته ومصالحه المتشعبة والمتداخلة معها، وهو ما يحتم عليه وضع كل الاحتمالات في الحسبان، والبحث عن خيارات واقعية وعملية تجنبه الاثار والانعكاسات السلبية، في ذات الوقت الذي ينبغي عليه الحرص على عدم الاستسلام لضغوطات واشنطن، وتجنب التفريط بعلاقاته الاستراتيجية مع طهران.

وفي هذا السياق يؤكد مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، انه بحكم العلاقات الخاصة التي تربط بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق، فأن الاخير من الطبيعي ان يتأثر  بالعقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة الاميركية ضد ايران.

ويشير صالح الى "أن أية دولة يسوء وضعها الاقتصادي، فأن جيرانها يكونون اول المتأثرين، ولا شك أن العقوبات الأمريكية على إيران ستكون لها تأثير على العراق، اذ الاخير ليس جزيرة أو مقاطعة، بل مجاور لدولةٍ له معها علاقات متجذرة اقتصادياً وثقافياً، إلى جانب أن العلاقات العراقية ـ الإيرانية ذات طبيعة خاصة، تتلخص بثلاثة محاور، يتمثل الأول بالسياحة الدينية حيث يتدفق نحو ثلاثة ملايين زائر من إيران إلى العراق سنوياً، إلى المدن المهمة ككربلاء المقدسة والنجف الاشرف وسامراء، ولا شك أن المواطن يتأثر بالمستوى المعاشي والوضع الاقتصادي، ما ينعكس على الجانب السياحي أيضاً، ويترك نشاطاً سلبياً مؤثراً".

والمحور الثاني، بحسب محمد صالح، يتمثل بأن إيران تجهز موارد الطاقة للعراق، ومسؤولة عن نحو خمسة الى ستة الاف ميغا واط، عبر تزويدها للعراق بالتيار الكهربائي مباشرة أو عبر تزويد المحطات بالغاز، والأمر فيه معاملات مالية لا شك أنها تتأثر، وينعكس ذلك على وضع الطاقة في العراق ويجعله صعباً، ما لم يبحث العراق عن بديل بالأجل القصير أو المتوسط أو البعيد".

في حين يتمثل المحور الثالث، بالعلاقات التجارية المتأصلة منذ الحصار الاقتصادي على العراق في عام 1990، حيث أن الأسواق الإيرانية مفتوحة على العراق ذات السلع الاستهلاكية البسيطة، كالمواد الغذائية والاحتياطية والبناء".

ويوضح المستشار الاقتصادي للعبادي، "ان الشعب العراقي يرغب بالسلع الإيرانية لرخص اسعارها ومجاراتها للذوق العراقي، وإذا ما تعثرت التجارة بسبب تعثر المعاملات المالية والوضع الاقتصادي الإيراني، فأن ذلك سيترك مشاكل اقتصادية وتبديل أسواق وزبائن، واختلاف الأسعار".

وبأتجاه مقارب يؤكد خبراء ومختصون بالعلاقات العراقية ـ الايرانية، "ان العراق يشترك مع ايران بحدود برية تمتد من اقصى الشمال الى ادنى الجنوب، ولمسافة (1458 كم)، وهذا يعني ان العلاقات والمصالح الاقتصادية بين الطرفين كبيرة ومتشعبة ومتداخلة في عناوينها ومجالاتها، وما يؤكد ذلك هو حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين، الذي ناهز العشرة مليارات دولار".

ويشير هؤلاء الخبراء والمختصين الى انه "الى جانب ازدهار السوق العراقي بمختلف السلع والبضائع الايرانية، وتصدير الوقود والكهرباء الى العراق، هناك الكثير من الشركات الايرانية، التي تعمل وتستثمر في سوق العمل العراقي بمحافظات الجنوب والوسط والشمال، ومن خلالها تتوفر الاف الفرص للمواطنين العراقيين، وكذلك فأن حركة السياحة الدينية تدر على الجانبين موارد مالية ضخمة، مضافا اليها السياحة الطبيعية ـ الترفيهية، فضلا عن مجالات الدراسة والعلاج الطبي".

وهذا يعني ان العقوبات والضغوطات الاميركية، لاسيما النقطة المتعلقة بحظر التعامل مع ايران بالعملة الصعبة(الدولار)، ستلقي بظلالها الثقيلة على مجمل الحراك التجاري الاقتصادي بين الجانبين، وهو ما يوجب البحث الجاد عن صيغ اخرى للتعامل بعيدا عن خيار الدولار الاوحد!.

ويتطرق تقرير نشرته بعض وسائل اعلام عراقية، تحت عنوان "حرب جديدة للجم غطرسة الغبي ترامب: دول عديدة تستعد للتخلي عن الدولار في تعاملاتها التجارية وغير التجارية"، الى نية دول عديدة التخلي عن الدولار الاميركي في تعاملاتها الاقتصادية، واستبداله بعملاتها الوطنية وعملات عالمية اخرى كاليورو.

ويتحدث التقرير، عن عزم روسيا على التخلي عن الدولار في معاملات النفط، وذلك من أجل خفض الاستثمارات في السندات الأمريكية إلى الحد الأدنى.

وينقل التقرير عن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، قوله "إن العملة الأمريكية أصبحت أداة محفوفة بالمخاطر". فضلا عن ذلك، فأن "وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، اكد في وقت سابق، أن الحكومة مستعدة للنظر في إمكانية تحويل تعاملات النفط إلى العملة الوطنية، وخاصة مع تركيا وإيران، دون اللجوء إلى الدولار".   

وفي هذا السياق كان عدد من خبراء الاقتصاد في البنك الدولي، قد اكدوا في شهر حزيران/ يونيو الماضي على ضرورة البدء بعملية التخلص من الدولار في العالم، علما ان نسبة التعاملات بالدولار في الوقت الحالي تبلغ 70%، واليورو 20%، وتتقاسم العملات الآسيوية النسبة المتبقية فيما بينها، وخاصة اليوان الصيني، الذي يعتبر ثالث أهم عملة في صندوق النقد الدولي.

وكانت الصين قد وجهت ضربة قوية للدولار في سوق الطاقة العالمية في شهر آذار/ مارس الماضي، على خلفية الحرب التجارية مع الولايات المتحدة الاميركية، وذلك من خلال فتح التداول بالعقود الآجلة للنفط بالعملة المحلية، ما أدى إلى تقليل دور الدولار في العلاقات التجارية الثنائية بين الشريكين الماليين الأكبر، موسكو وبكين"، علما ان الجانبين كانا قد اتفقا في شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2014، على استخدام العملة المحلية الروسية(الروبل) في التعاملات التجارية، الأمر الذي استبعد مشاركة البنوك الأمريكية والبريطانية والأوروبية، وقلل من اعتماد الأنظمة المالية لروسيا والصين على دول ثالثة".

ونفس الشيء بالنسبة لايران، الذي يؤكد التقرير، انها "أدارت ظهرها للدولار، ردا على تشديد العقوبات عليها، فقد تخلت في شهر نيسان-أبريل الماضي عن العملة الأمريكية ونقلت جميع التعاملات المالية الدولية لليورو".

وبذات الاتجاه ذهبت تركيا، التي يؤكد التقرير المذكور انها "طالما خططت للتخلي عن الدولار، وقد زاد حاليا احتمال انتقالها إلى العمل بذلك، إذ أن الليرة التركية انهارت أمام الدولار بنسبة 18%، في العاشر من شهر اب/ اغسطس الجاري، بسبب تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، حيث أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن استعداد بلاده للانتقال إلى العملة الوطنية في المعاملات مع الشركاء الرئيسيين، الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا، مؤكدا انه في حال قررت أوروبا أيضا كسر الأغلال، فإن أنقرة مستعدة للانتقال إلى العملة الوطنية".