2024-11-28 01:45 م

المواطنة الحقة ليس بأغلبية أو أقلية..

2018-07-28
بقلم: د. شاكر كريم 
العراق قال تعالى في كتابه الكريم (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) هود 61. ومنذ كان الإنسان على الأرض، وهو مقبل للعيش مع الأخر يقول جلت قدرته( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُو)ال عمران 103. من هنا يبين الله تعالى ان العمل على الوحدة بين الناس فريضة شرعية عظيمة، والفرقة معصية ونقمة ، لهذا أردت من الآيتين الكريمتين مدخلا لمقالي، وهو ان الإنسان يتأثر بالأرض التي ولد فيها، ونشا على ترابها وعاش من خيراتها، فان لهذه الأرض عليه بمن فيها من الكائنات، وبما فيها من المكونات حقوقا وواجبات كثيرة، ومنها حقوق المواطنة التي يتحدث عنها الغيارى، من ابناء العراق الجريح اليوم، تعمل على رفع الخلافات والاختلافات الواقعة بين ابناء المجتمع، والدولة في إطار الحوار، واقصد بالدولة بعبارة مختصرة الدولة القوية هى المتحررة من الضغوط فى صنع قراراتها وفى إنفاذها وهى التى تحظى بالشرعية من جانب مواطنيها ولديها معرفة عن اسباب عزوف المواطنين عن المشاركة بالانتخابات وعن التاييد لمؤسساتها التشريعية ومجلس وزرائها وللقائمين على مجالس المحافظات وعلاج هذه الاسباب بما يسمح من تقوية وحدة ولحمة المجتمع ، وارتباط المواطن بوطنه ودولته، وتدفعه إلى تطوير مجتمعه عامة ووطنه خاصة، والدفاع عنه أمام الملمات المختلفة، خارجية ام داخلية ،والتي تحتم ان يعيش الناس في ثقافتها متساوون، في كل شيئ ،ليعيش المواطن في وطنه بعيدا ،عن النزعات الأنانية والاستبداد والإقصاء، للإفادة من هذا التنوع في تمتين قاعدة الوحدة الوطنية. بحيث يشعر الجميع بأن مستقبلهم مرهون بها، وأنها لا تشكل إلغاءاً لخصوصياتهم، وحسب رأيي المتواضع ان طرح بعض الساسة بأغلبية سياسية أو أغلبية توافقية، لايتماشى مع هذا المفهوم "المواطنة الحقة" لان شعاراتهم شيء وتطبيقها شيئا خر ،وفقا لمفهوم كل حزب او كيان ، في نزعاته الأنانية وحب الذات ، ولهذا نرى ان شعوب العالم المتمدن ،هي الأكثر التزاما بهذه القيم الإنسانية والأخلاقية ،فلا يتعدى مواطن على آخر، ولا فئة على غيرها، ولا طائفة على طائفة، نتيجة فهمهم لمفهوم المواطنة، انه نقيض الظلم والتعسف والإقصاء، وانتهاك الحقوق، ولهذا أصبح ارتباط الناس بأوطانهم كبيرا، وتعزيز التلاحم والتجانس بينهم رغم اختلاف المذاهب والأعراق والثقافات، لان مايجمعهم هو الوطن الذي يعيشون على ترابه وينعمون بخيراته ، وهذا لايتم على الصعيد الواقعي، الا بنشوء دولة المواطنة، تلك الدولة المدنية المتحضرة التي تحترم قناعات ومعتقدات مواطنيها، الدولة الجامعة لكل المواطنين على اختلاف معتقداتهم المذهبية والاثنية والعرقية والقومية، وبرغم ما سعى له المحتل الأمريكي ودول الغرب الاستعماري، وبعض دول الجوار وبعض الساسة، لتشضية اللحمة الوطنية، من خلال إثارة النعرات والتفرقة والإقصاء والتهميش، والاعتداء على حقوق الناس وقطع أرزاقهم باسم الدين والدستور والقانون، بقرارات تعسفية لاتمت للقانون ولا للشرع ولا للأخلاق بصلة فاي دولة اغلبية وتوافقية هذه التي تقفز على دولة المواطنة التي تهتم بالعدل والسلام والرفاه دون ان تشعر بمعاناة الناس والامهم، تبقى دولة المواطنة هي راس المال الحقيقي للبلاد وهي الضمان الاهم لمستقبل أبنائه الغيارى الذين عملوا لإذابة كل الفوارق الطائفية والمذهبية والاثنية ، وتصدوا لها بشجاعة وايمان ووطنية صادقة، وأشاعوا ثقافة التسامح والتعايش ، من اجل ان يبقى الوطن للجميع ويستوعب الجميع.