حماس التقت بقادة المخابرات المصرية، فالنظرة الى كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني من جانب القاهرة هي أمنية لا أكثر ولا مجال للاعتراض أو التبرير بـ (زلة لسان) .. وعاد الوفد الحمساوي الى مقرات اقامة افراده، داخل الوطن وخارجه.. والتصريحات ايجابية وردود الفعل من جانب فتح (سوداوية).. والثقة ما تزال غير متوفرة بين الجانبين، لكن، القاهرة تنتظر، وماكناتها الاعلامية تحذر من العراقيل أو اساءة الفهم) أو العناد، قبل أن تلتئم (قمة الشمل) بين الاطراف الثلاثة، اللاعبان الاثنان المتصارعان والحكم المصري.
حركة فتح، تأخرت في التئام لجانها، ووفدها لم يخرج بعد الى مصر، واعلامها ينقل تكهنات الاخرين، عن هذه المسألة التي تؤرق كل فلسطيني.
والانتظار صعب، وكلما طال الوقت، كلما ازداد تدخل اطراف اخرى في الشأن الفلسطيني، غير راضية عن الدور المصري ورافضة له، ولها اجنداتها الخاصة بها، تحاول من خلالها ان تكون صاحبة القرار الأول في قطاع غزة.
حركة حماس، تظهر نفسها على أنها داعمة ومؤيدة للحل المصري متوقعة رفض فتح لمبادرة القاهرة، التي لم تعلن بعد، ولم تنشر عناصرهاـ وتناولها من منطلق التكهن لا اكثر... والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستتمكن فتح وحماس من دمج مشروعيهما المتباينين، أما انهما ستتخليان عنهما، والاجابة تحدد حجم التفاؤل من عدمه، فالذي يحدث هو مسار مفتوح، تتهدده الالغام، ولكن، بخطوة اولى، بحاجة الى مزيد من (النقلات) وقطع مسافات أطول في هذا المسار.
كثيرون في الساحة الفلسطينية، آمالهم ضعيفة في امكانية تحقيق المصالحة، وتمنياتهم عصفت بها عاديات الزمن الصعب والأخطار التي تهدد الفلسطينيين من كل جانب، اعداء وخصوم وأشقاء ونفاق حتى "قواده" من هذا النظام أو ذلك، وابتزاز او ترغيب من هذه العاصمة أو تلك.
الاهرة تنتظر .. و "وصلات الردح" على أشدها، واللجان في حالة انعقاد، وعبث الانظمة في قطاع غزة يتعمق، وزحف الحلول الامريكية لم يتوقف باصطفافات مرعبة.. وتتناقص نسبة التفاؤل، فالجانبان المتصارعان، لا رغبة حقيقية لديهما لانجاز مصالحة، وبعض القيادات من الطرفين اعتادت توتير وتسميم الاجواء، منعا لأي تلاق يبشر بانها الانقسام وتجسيد المصالحة.
مسائل الخلاف معقدة.. والاعبون متباينو الاجندة، مختلفو الاسياد والعابثون في تزايد، وول متناطحة تلعب في الميدان الفلسطيني، ولكل مصالحها الخاصة، ومصرة على أن يدفع الفلسطينيون ثمن انجازهم لهذه المصالح، وتتباين أهداف الساعين لتحقيق المصالحة، واطراف اقليمية ودولية لها حساباتها من وراء انجاز المصالحة، والضغوط الممارسة على طرفي الانقسام، هي بهدف انجاز مكاسب تدعم مبادرات مطروحة أو قد تطرح قريبا، تحمل دون مضمون حقيقي "حل الصراع في المنطقة" فالولايات المتحدة تريد مصالحة، تشكل المدخل لتمرير صفقة القرن وفصل نهائي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، عبر تمرير حل اقتصادي يخفف من معاناة مواطني غزة، ترغيبا في قبول الترتيبات الحديدة وتلقي التمويل المالي والخدماتي، هذا تدركه حركة حماس التي تتقاذفها العواصم، ولكن، يبدو أنها استهوت التعاطي مع أجندة ومصالح متباينة، وربما تفضله على تلاحم داخل الساحة قادرة على مواجهة التحديات الامريكية، والتهديدات بتسويق حل تصفوي للقضية الفلسطينية، بأدوات عربية تتكاثر يوما بعد يوم.
وحركة فتح من جانبها، تخشى هذا الانفصال، وتحذر من لعبة امريكية تكرس الانقسام تحت تسميات مختلفة لمبادرات هي في الحقيقة خرجت من الدرج الاسرائيلي.
أما القاهرة التي ترعى جهود المصالحة، فأين تقف من كل هذه التباينات والكمائن، وهل هي حقا تريد مصالحة جادة خالصة لوجه الله تعالى.. تستطيع فرضها وتمريرها، بعيدا عن اية ارتباطات بتحركات أمريكية لم تعد خافية على أحد.
الأيام القادمة.. هي التي ستجيب عن كل التساؤلات المطروحة.