2024-11-26 06:21 م

ما بعد قمة ترامب ــ بوتين

2018-07-21
فى أول قمة ثنائية لهما فى هلسنكى بفنلندا مستهل هذا الأسبوع، التقى الرئيسان الأمريكى والروسى لمدة ساعتين فى محادثات منفردة لم يحضرها إلا مترجمان، ثم خرج الرئيسان للحديث أمام مؤتمر صحفى. وقد أثار الحدث ولايزال ردود فعل غاضبة فى واشنطن ربما تسفر عن تداعيات مهمة فى المستقبل القريب.

فخلال المؤتمر الصحفى، شكك ترامب فى مصداقية أجهزة المخابرات ووزارة العدل الأمريكية بخصوص اتهام روسيا بالتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016. وقبل ساعات من القمة غرد ترامب على تويتر صادما الأمريكيين بقوله إن “الحمق والغباء” الأمريكى هو سبب تدهور العلاقات بين واشنطن وموسكو. وتزامن ذلك مع توجيه المدعى الأمريكى الخاص روبرت مولر الاتهام إلى اثنى عشر ضابطا فى المخابرات الروسية بالقرصنة على أجهزة كمبيوتر الحزب الديمقراطى وفريق هيلارى كلينتون منافسة ترامب فى هذه الانتخابات بهدف الإضرار بحملتها.

ويعتبر البعض أن بوتين هو الفائز من وراء هذه القمة التى تعتبر اعترافا غير رسمى بروسيا كقوة عظمى، وتفتح أمامها الطريق للعب دور أكبر على مسرح السياسة الدولية، فى الوقت الذى تسعى فيه أوروبا لعزلها والحد من محيط حركتها.

أما ترامب فقد بدا وكأنه يسترضى نظيره الروسى، وجاءت تصريحاته غير موفقة. ورغم أنه حاول التراجع عنها وإعادة تأويلها، إلا أن محاولاته لم تكن مقنعة ولم تفلح فى تهدئة الانتقادات التى نالته من جانب السياسيين من الديمقراطيين والجمهوريين على السواء، ومن جانب وسائل الإعلام، سواء تلك التى يناصبها العداء أوتلك التى تقف معه كشبكة فوكس نيوز مثلا وصحيفة وول ستريت جورنال، وإن كان الاختلاف فى لهجة ولغة الانتقاد ملحوظا. فقد تراوحت الانتقادات بين الإعراب عن خيبة الأمل وأن الرئيس جانبه الصواب ودقة التعبير، ومن رأى أن التصريحات ترقى لمستوى خيانة الأمة الأمريكية.

من بين من وصفوا موقف ترامب بالخيانة، لورانس ترايب أستاذ القانون بجامعة هارفارد الذى قال فى حديث مع مجلة نيوزويك: «إذا اعتبرنا أن الحرب تشمل إلى جانب المعارك التقليدية، تلك التى يشنها العدو عبر الفضاء الإلكترونى، فإن محاولة الروس توجيه نتائج الانتخابات الأمريكية تدخل فى أعمال الحرب، وبالتالى فإن وقوف ترامب إلى جانب موسكو يعنى مساعدة العدو ضد أجهزة المخابرات التى تحمى البلاد من الاعتداء الخارجى، هو مايعد خيانة».

وتقدم قمة هلسنكى فرصة للديمقراطيين، فقد أعلن أعضاء ديمقراطيون فى مجلس النواب اعتزامهم طرح مشروع قرار لتوبيخ ترامب وتأكيد تأييدهم أجهزة مخابرات بلادهم فيما يتعلق باتهام موسكو بالتدخل للتأثير على نتائج انتخابات 2016.

ويلاحظ أن الديمقراطيين الذين يسعون منذ شهور طويلة لإقالة ترامب تجنبوا هذه المرة استخدام اصطلاح العزل، ويفسر المحللون ذلك بأن اقتراب موعد التجديد النصفى لأعضاء الكونجرس الخريف القادم لا يتيح لهم الوقت الكافى للمضى فى إجراءات العزل.

لذا، فبينما يظل عزل الرئيس هدفهم الإستراتيجى، فإنهم يستطيعون الآن الاستفادة تكتيكيا من تداعيات القمة فى الفوز بأكبر عدد من المقاعد فى تلك الانتخابات القادمة، على أمل أن يصيروا الحزب المهيمن على الكونجرس بحلول يناير 2019.

ويقترح البروفيسور ترايب أن أقصى ما يمكن عمله فى الفترة الزمنية القليلة المتبقية قبل الانتخابات أن يتم تشكيل لجنة مشتركة من أعضاء الكونجرس من الجمهوريين والديمقراطيين تتمتع بسلطة التحرى وتكون مهمتها استجواب المترجمين اللذين حضرا القمة الثنائية المغلقة للوقوف على حقيقة ما جرى بين ترامب وبوتين.