2024-11-25 04:29 م

منبج...معضلة أمريكا وتركيا في سوريا

2018-07-01
قبل بداية الحرب ضد تنظيم داعش، سمعت قلة في الولايات المتحدة أو في تركيا بمنبج. ورغم صغر مساحتها وضعف شهرتها، أصبحت المدينة السورية محور خلاف بين حليفين ضمن الناتو. وبعد تبادل تهديدات مباشرة بين تركيا وأمريكا، طيلة أشهر، توصلتا في بداية يونيو( حزيران) لاتفاق حول خارطة طريق لتسوية توترات على كيفية حكم منبج.

الولايات المتحدة لاسترضاء تركيا عبر استخدام منبج كرافعة لتحسين العلاقة الثنائية. وتريد تركيا، من جانبها، تهميش نفوذ قسد، بداية في منبج ومن ثم في مناطق يسيطر عليها الأكراد

ويعود الخلاف حول هذه المدينة السورية الصغيرة إلى قضية أوسع، في رأي أرون ستاين، الزميل الرفيع لدى مركز رفيق حريري للشرق الأوسط التابع لمجلس الأطلسي الذي لفت إلى سعي الولايات لموازنة علاقتها التاريخية بتركيا في ظل تحالفها مع قوات سوريا الديمقراطية قسد، مليشيا وحدات حماية الشعب الكردي المصممة على محاربة داعش، ولها وجود في منبج.

وقد دأبت الولايات المتحدة على تجنب اعتبار قوات سوريا الديمقراطية حليفاً، بالنظر لارتباطات القوات بحزب العمال الكردستاني، المحظور تركياً، والمصنف على قائمة الإرهاب الأمريكية.

هدف أنقرة
ويلفت كاتب المقال لهدف أنقرة المتمثل في إضعاف قسد لصالح قوات سورية حليفة لها، تنشط في شمال حلب وتتدرب في تركيا. وتبدو الأهداف منطقية من وجهة النظر التركية، ولكنها تزيد أيضاً خطر وقوع خلاف سوري داخلي للسيطرة على المدينة التي طهرتها من داعش، وبدعم أمريكي.

وستكون هذه النتيجة خلافاً للمصالح الأمريكية، التي كانت تتركز دوماً حول تحرير مناطق من قبضة داعش وتأمينها ضد محاولات تسلل مقاتليه إليها.

خريطة مخادعة
ويرى ستاين أن خريطة الطريق حول منبج مخادعة، خاصةً لأن تنسيق حراسة مشتركة بين حليفين عسكريين، هما أمريكا وتركيا، أمر سهل، ولكن بوجود قوات قسد في المدينة قد يصعب تطبيق تلك الخارطة.

ويلفت كاتب المقال إلى سعي الولايات المتحدة لاسترضاء تركيا باستخدام منبج رافعةً لتحسين العلاقة الثنائية. وتريد تركيا، من جانبها، تهميش نفوذ قسد، بداية من منبج، ثم في مناطق يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا.

تسوية مؤقتة
وفي إطار خريطة الطريق تلك، أدركت الولايات المتحدة أنها في حاجة إلى تسوية مؤقتة مع تركيا، ولكنها نجحت في الحصول على موافقة أنقرة على ضرورة تطبيق الاتفاق بشروط. وذلك يعني أن كل طرف وافق على مراقبة ومحاسبة القوى التابعة له.

ولذا يتوجب على ميلشيات عربية متحالفة مع تركيا التوقف عن إطلاق النار على دوريات أمريكية قبل بدء قوات تركية وأمريكية تسيير دوريات مشتركة. وفي الوقت نفسه، ستضمن الولايات المتحدة امتناع قوات قسد عن إطلاق النار ضد قوات تركية أو ميليشيات متحالفة معها.

تكتيكات دون استراتيجية
ويرى ستاين أن تركيبة الحكم المحلي في منبج لا تلاقي اهتماماً كبيراً من الولايات المتحدة. لكن فيما تعمل الولايات المتحدة على منع وقوع اشتباكات بين قوات تركية وقوات سوريا الديمقراطية، يقول صناع قرار أمريكيون إن تلك الأطراف المتناحرة قد تنفذ سياسات لا تخدم أهدافاً أمريكية.

فقد تسعى قوات قسد لتطبيق اتفاقيات منع تصعيد مع النظام السوري، مع محاولة ضمان نوع من الحكم الذاتي بعد توقف القتال. وستعارض تركيا، على الأرجح مثل تلك النتيجة، وربما تعمل مع أطراف آخرى في الصراع، مثل روسيا، لمنع دعم حكم ذاتي كردي في شمال شرق سوريا.

آلية عمل
ويختم كاتب المقال بأن خارطة الطريق لمنبج تمثل آلية للعمل مع تركيا دون الحصول على التزامها بخدمة هدف أمريكي يتمثل في وقف القتال بشمال سوريا. وفي حال الصدام بين سوريين أكراد وقوات تركية، فإن ذلك سيكون لصالح داعش الذي قد يتسلل من جديد إلى المنطقة، وهو ما تخشاه أمريكا، ولكنها لم تأخذه بالحسبان عند توقيعها خارطة الطريق.