2024-11-26 06:19 م

القدس.. الخطاب الإسرائيلي والخطاب الفلسطيني.. فروق ودلالات

2018-06-21
القدس/المنـار/ برامج التهويد ومخططات تغيير المعالم في القدس لم تتوقف، وهناك تركيز اسرائيلي واضح على المدينة بشقيها، وتل أبيب لا تتحدث عن قدس شرقية وأخرى غربية، قدس واحدة، باتت وفق خطة مدروسة تحتضن الفعاليات والمناسبات والاحتفالات، والمؤسسات التي تنقل من تل أبيب اليها، وفي هذا معنى كبير ودلالة أكبر، وتورد (المنـار) هنا، بعض ما تقوم به اسرائيل خاصة في الفترة الأخيرة، ودلالات ذلك، دون أن تحرك السلطة الفلسطينية ساكنا، حتى في طبيعة الخطاب بشأن القدس التي تتعرض للتهميش من جانبها منذ سنوات طويلة، وباتت المدينة بين مطرقة الاحتلال وسندان التهميش، والرد الفلسطيني لم يتعدى اعادة اجترار نفس اسطوانة الرد، والعبارات التي تمتلىء بها أدراج المسؤولين، مع فشل ذريع لأذرع التحرك السياسي والدبلوماسي، التي لم تفطن بعد، لركاكة الخطاب، ووسائل التحرك وأساليب المواجهة على خطط اسرائيلية، يجري تنفيذها بدقة وعلى عجل.
منذ أعلن الرئيس الأمريكي عن القدس عاصمة لاسرائيل، القدس بشقيها، ونقل سفارة بلاده اليها، والحكومة الاسرائيلية بكافة دوائرها ومؤسساتها تدفع بكل المناسبات والاحتفالات باتجاه المدينة، وفاتحة ذلك، كان "سباق طواف ايطاليا" الذي لم يواجه فلسطينيا كما يجب، فشكل انتكاسة تثبت عدم القدرة على التفكير، والتعامل بسطحية في مواجهة هذا الحدث، والالتصاق طويلا بعبارة يرفضها الطرف الاخر، ونحن نصر عليها طوال الوقت دون أن ندرك ما يترتب عليها من نتائج مؤذية، في مرحلة مفصلية لم يتم التعاطي معها فلسطينيا حسب ما تفرضه تطورات الاحداث، هذه العبارة هي (القدس الشرقية) والتمسك والتقيد بها، في حين أن الطرف الاخر يتحدث عن القدس الموحدة، عندما يطرح اسم المدينة في كل مناسبة ومحفل.
وللأسف، شاركت دول عربية في سباق الطوافات، كان في العرض ظاهرا أسوار القدس، وخلف المحتفلين العلم الاسرائيلي، فالعرض الدعائي والتلفزيوني في العالم وفي وسائل الاعلام أن القدس موحدة، لا تحدد بشرقية وغربية، واسرائيل فرضت على كل من تستضيفهم، أن القدس واحدة موحدة وعليهم الالتزام بما يوضع لهم من برامج خلال الزيارات والاحتفالات، وتساوق رجال المال والاعمال اليهود مع هذا التوجه المدروس، فكان الضخ المالي، ترويجا لبرامج الحكومة، وتسهيلا لسياسات هذه الحكومة.
الاثرياء اليهود يمولون كل الفعاليات التي تجري في القدس، فاحتفال الدراجات الهوائية موله رجل اعمال يهودي كندي، ومؤخرا عقد مؤتمر يهود الولايات المتحدة في مدينة القدس بفندق اطلالته على أسوار المدينة لاهداف واضحة، واستضاف المؤتمر قيادات عالمية كمستشار النمسا، وحتى شخصيات عربية واسلامية، من بينهم مستشار الرئيس الاندونيسي وملكة جمال العراق، كما استضافت اسرائيل فعاليات تمت داخل البلدة القديمة، تحت عنوان "التقارب بين الديانات" و "التسامح" الذي تعززه اسرائيل في القدس، حسب ما تدعيه.
وبوضوح فان "دكاكين" الـ (NGOs) تتماشى مع السياسة الاسرائيلية في القدس، وجرت في المركز الامريكي فعاليات داعمة لهذه السياسة، والغريب أن القائمين على هذه "الدكاكين" صاخبة التمويل المشبوه، يعملون كمستشارين في هيئات ومؤسسات السلطة الفلسطينية، ومؤخرا اعدت هذه الدكاكين الدراسات والابحاث حول مستقبل العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية بتمويل من الخارجية البريطانية.
ومن المقرر أن تستضيف اسرائيل في شهر تموز المقبل بطولة World Lacrosse 2018 في نتانيا وعلى هامش هذه البطولة أعدت مكاتب سياحية اسرائيلية وبترتيب مع الحكومة الاسرائيلية جولات سياحية دعائية للمشتركين من 48 دولة الى كل من القدس وبيت لحم.
والأخطر من ذلك، ما تقوم به حكومة اسرائيل من نقل لمؤسسات حكومية ومدنية الى القدس الشرقية، كاذاعة صوت الجيش، والبناء الذي تشغله أخطر الشركات الاستيطانية وأقدمها "شركة إيمونا" في حي الشيخ جراح، والمبنى من حجارة قديمة، وهناك عمليات التطوير للقطار الخفيف الذي سيخترق المدينة من شمالها الى جنوبها ويربط المستوطنات من جيلو في الجنوب الى النبي يعقوب في الشمال، دون أن ننسى استمرار اسرائيل في محو الخطر الفاصل بين شقي المدينة، والمسمى بـ (الخط الأخضر) لتغيير معالم المدينة بالكامل لمنع أي فصل بينهما مستقبلا، وتقوم اسرائيل حاليا بمحاولة دفع الفلسطينيين في المدينة للمشاركة في انتخابات البلدية التي تجري في تشرين أول القادم وأن تكون هناك قائمة عربية تخوض الانتخابات ليس للتأثير على سياسة البلدية، بل لابراز ذلك اعلاميا أمام العالم.