2024-11-24 03:29 م

استراتيجية إسرائيل الجديدة: من الهجوم إلى الحفاظ على الوجود؟!

2018-05-05
منذ اغتصاب الكيان الإسرائيلي لأرض فلسطين العربية، والأمن الإسرائيلي يعتبر من أهم الأمور التي تشغل عقول قادة هذا الكيان وحليفتهم أمريكا، فهم يعلمون أن هناك علاقة كبيرة بين استمرار وجوده وأمنه الداخلي ومحيطه الخارجي، وفي سبيل تحقيق ذلك وظّف الكيان الغاصب كل قدراته الداخلية والخارجية، واتبع سياسة افتعال الحروب وتنفيذ الاغتيالات وبثّ الفتن في الدول المجاورة لإبعاد الخطر الخارجي عن جبهته الداخلية، لدرجة أن الجيش الإسرائيلي شنّ وحده سبعة حروب على جبهات مختلفة منذ اغتصابه لأرض فلسطين.

شنّ الحروب، سياسة “إسرائيل” الأبدية

تعتبر سياسة الحروب والتخطيط لها من أهم الأساليب التي يتبعها الكيان الصهيوني في سبيل تحقيق أهدافه، لذلك يسعى هذا الكيان باستمرار إلى زيادة قدراته العسكرية في مجال الإنتاج العسكري، واستيراد المعدّات العسكرية المتطورة من أجل إنشاء جيش عسكري يتمتع بقدرات عالية في جميع المجالات الجوية والبحرية والبرية. وبالرغم من أن الجيوش الكلاسيكية لا تشن حروب عصابات، إلا أنه في السنوات الماضية أقام الكيان الغاصب عدة مناورات تحاكي هذا النوع من الحروب، وذلك بسبب فشله في عدة مواجهات من هذا النوع كالحرب التي استمرت 33 يوماً مع لبنان وحرب 22 يوماً في غزة.

إن أهداف الكيان الإسرائيلي كانت دائماً تصبّ في سبيل ضمان بقاء “إسرائيل” وأمن مواطنيها، وكانت سياسته الهجومية استباقية لمنع الهجمات على “إسرائيل”، ووفقاً لاستراتيجيتها الأمنية والدفاعية، لا يجب على “الجيش الإسرائيلي” أن يتلقى الهزيمة في أي حرب يشنّها، لذلك سعى هذا الكيان إلى جرّ أرض المعركة إلى أرض العدو ومنع قوات العدو من دخول أراضيه.

الرجعيون العرب، ونار الأزمات في المنطقة

في الماضي، نجح هذا الكيان في تنفيذ العديد من استراتيجياته العسكرية والأمنية في الساحة العربية، وذلك بسبب ضعف وولاء قادة العرب الرجعيين الذين وقفوا مكتوفي الأيدي بل أخذ بعضهم يطبّع علاقاته معه، واستمر في اتباع استراتيجياته حتى ظهور محور المقاومة الذي ساهم بشكل كبير بهزيمته فاتحاً فصلاً جديداً من الصراع العربي “الإسرائيلي”.

وبما أن الموقع الجغرافي السياسي ومكانة الدولة في المنطقة والعالم يلعبان دوراً كبيراً في تحديد الاستراتيجية العسكرية للبلاد، فإن الكيان الصهيوني يواجه العديد من التحديات في هذا الصدد، فحدوده محاطة بالدول العربية والإسلامية، ويبلغ عدد سكان هذا الكيان حوالي 8 ملايين نسمة، موزعين على مساحة الأرض 28023 كيلومتراً مربعاً، محاصرين بما مجموعه 968 كيلومتراً من الحدود مع مصر والأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، لذلك يمكن اعتبار هذا الكيان محاصراً من المسلمين والعرب بأعداد كبيرة ضمن بقعة صغيرة جميع حدودها قابلة للاشتعال في أي لحظة.

تغير العقيدة الإسرائيلية من “المواجهة الوقائية والقضاء” إلى “محاولة الحفاظ على الوجود”

هناك فرق كبير بين استراتيجية الدفاع الإسرائيلية والدول المحيطة به في المنطقة، فمن وجهة نظر هذا الكيان، لن يكون هناك خاتمة للحروب، ولا يمكن تخيل أي وقت يمكنك فيه التغلب على العدو بضربة قاضية لتنعم بعدها بالسلام، لكن على العكس تماماً، ترى الدول المجاورة لهذا الكيان أن معركتهم القادمة مع إسرائيل هي المعركة الأخيرة التي ستدمّر وتمحي “إسرائيل” من الوجود، ومع هذا الواقع، واجهت سلطات هذا الكيان دائماً الحرب والتهديدات، والقيود الديموغرافية والإقليمية والاقتصادية التي تسببت لهم بالكثير من الضعف، ومن أجل مواجهة هذه التحديات قام قادة العدو بتغيير الاستراتيجيات الصهيونية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وعوضاً عن اتباع سياسة المواجهة الوقائية من أجل التخلص من محور المقاومة، عمد الإسرائيليون إلى اتباع استراتيجية الحفاظ على الوجود عبر دعمهم لمجموعات إرهابية راديكالية داخل محور المقاومة من أجل إلهائه قدر المستطاع عن المواجهة المباشرة مع الكيان العبري.

ومن هذا المنطلق أخذ الكيان الإسرائيلي يفعّل علاقاته مع بعض الدول العربية والعالمية في سبيل تقوية موقفه والاستفادة منها في صراعاته القادمة، وأخذ أيضاً يخطط لتوجيه ضربات مدروسة مباشرة لمحور المقاومة، كضرب مطار “تي فور” العسكري في سوريا والذي كان يضم عدداً من الاستشاريين الإيرانيين، إلا أن هذا الهجوم كان خطأً حسابياً ضخماً، لأن الإسرائيليين أنفسهم يعلمون أن الإيرانيين سيردّون عليهم في وقت ومكان لا يمكن التنبؤ بهما، وبذلك يكون “الإسرائيلي” قد أدخل نفسه في معركة وجودية مباشرة كان بغنىً عنها.

ادعاءات حقوق الإنسان

بالطبع، يجب أن تضاف أزمة الشرعية إلى مشكلات هذا الكيان، فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها قادتها للاعتراف به رسمياً في العالم، لايزال عدد كبير من دول العالم ترى في هذا الكيان، كياناً غاصباً لأرض الفلسطينيين الشرعية.

ويعاني هذا الكيان أيضاً على الصعيد الداخلي من أزمات أخرى لها تأثير كبير على الأمن والقبول العام لهذا الكيان، فبالإضافة إلى الفساد الذي تتورط فيه الطبقة الحاكمة وقادة هذا الكيان، يعاني هذا الكيان انقسامات طبقية كبيرة، فهناك صدامات لا تنتهي وصراعات خفية وعلنية بين الطبقات المختلفة داخل المجتمع “الإسرائيلي”، وخصوصاً بين الطبقتين الرئيسيتين داخل هذا المجتمع العنصري، وهما “الأشكناز” و”السفارديم”، وبما أن اليهود الأشكناز هم من وصلوا فلسطين أولاً، فقد وضعوا أساس الكيان على غرار المجتمعات الأوربية التي عاشوا فيها، وهذا جعلهم يشعرون بأنهم أرقى من اليهود الشرقيين، وتحوّل الأمر بعد ذلك لصراع بين الطبقتين، اتخذ شتى أشكال العنف والفصل العنصري.

ختاماً، تتنبأ العديد من مراكز الأبحاث العالمية بزوال “إسرائيل” من الوجود، ويقول الكاتب الأمريكي المعروف هنري كيسنجر في كتابه الأخير والذي يحمل عنوان “النظام العالمي” إن الكيان الصهيوني لا يمكن له أن يستمر في الوجود، وقد يتم القضاء عليه بحلول عام 2025، لأن الصهاينة بحد ذاتهم لم يعودوا يؤمنون ببقاء هذا الكيان.
الوقت

استراتيجية “إسرائيل” الجديدة: من الهجوم إلى الحفاظ على الوجود؟!

منذ اغتصاب الكيان الإسرائيلي لأرض فلسطين العربية، والأمن الإسرائيلي يعتبر من أهم الأمور التي تشغل عقول قادة هذا الكيان وحليفتهم أمريكا، فهم يعلمون أن هناك علاقة كبيرة بين استمرار وجوده وأمنه الداخلي ومحيطه الخارجي، وفي سبيل تحقيق ذلك وظّف الكيان الغاصب كل قدراته الداخلية والخارجية، واتبع سياسة افتعال الحروب وتنفيذ الاغتيالات وبثّ الفتن في الدول المجاورة لإبعاد الخطر الخارجي عن جبهته الداخلية، لدرجة أن الجيش الإسرائيلي شنّ وحده سبعة حروب على جبهات مختلفة منذ اغتصابه لأرض فلسطين.

شنّ الحروب، سياسة “إسرائيل” الأبدية

تعتبر سياسة الحروب والتخطيط لها من أهم الأساليب التي يتبعها الكيان الصهيوني في سبيل تحقيق أهدافه، لذلك يسعى هذا الكيان باستمرار إلى زيادة قدراته العسكرية في مجال الإنتاج العسكري، واستيراد المعدّات العسكرية المتطورة من أجل إنشاء جيش عسكري يتمتع بقدرات عالية في جميع المجالات الجوية والبحرية والبرية. وبالرغم من أن الجيوش الكلاسيكية لا تشن حروب عصابات، إلا أنه في السنوات الماضية أقام الكيان الغاصب عدة مناورات تحاكي هذا النوع من الحروب، وذلك بسبب فشله في عدة مواجهات من هذا النوع كالحرب التي استمرت 33 يوماً مع لبنان وحرب 22 يوماً في غزة.

إن أهداف الكيان الإسرائيلي كانت دائماً تصبّ في سبيل ضمان بقاء “إسرائيل” وأمن مواطنيها، وكانت سياسته الهجومية استباقية لمنع الهجمات على “إسرائيل”، ووفقاً لاستراتيجيتها الأمنية والدفاعية، لا يجب على “الجيش الإسرائيلي” أن يتلقى الهزيمة في أي حرب يشنّها، لذلك سعى هذا الكيان إلى جرّ أرض المعركة إلى أرض العدو ومنع قوات العدو من دخول أراضيه.

الرجعيون العرب، ونار الأزمات في المنطقة

في الماضي، نجح هذا الكيان في تنفيذ العديد من استراتيجياته العسكرية والأمنية في الساحة العربية، وذلك بسبب ضعف وولاء قادة العرب الرجعيين الذين وقفوا مكتوفي الأيدي بل أخذ بعضهم يطبّع علاقاته معه، واستمر في اتباع استراتيجياته حتى ظهور محور المقاومة الذي ساهم بشكل كبير بهزيمته فاتحاً فصلاً جديداً من الصراع العربي “الإسرائيلي”.

وبما أن الموقع الجغرافي السياسي ومكانة الدولة في المنطقة والعالم يلعبان دوراً كبيراً في تحديد الاستراتيجية العسكرية للبلاد، فإن الكيان الصهيوني يواجه العديد من التحديات في هذا الصدد، فحدوده محاطة بالدول العربية والإسلامية، ويبلغ عدد سكان هذا الكيان حوالي 8 ملايين نسمة، موزعين على مساحة الأرض 28023 كيلومتراً مربعاً، محاصرين بما مجموعه 968 كيلومتراً من الحدود مع مصر والأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، لذلك يمكن اعتبار هذا الكيان محاصراً من المسلمين والعرب بأعداد كبيرة ضمن بقعة صغيرة جميع حدودها قابلة للاشتعال في أي لحظة.

تغير العقيدة الإسرائيلية من “المواجهة الوقائية والقضاء” إلى “محاولة الحفاظ على الوجود”

هناك فرق كبير بين استراتيجية الدفاع الإسرائيلية والدول المحيطة به في المنطقة، فمن وجهة نظر هذا الكيان، لن يكون هناك خاتمة للحروب، ولا يمكن تخيل أي وقت يمكنك فيه التغلب على العدو بضربة قاضية لتنعم بعدها بالسلام، لكن على العكس تماماً، ترى الدول المجاورة لهذا الكيان أن معركتهم القادمة مع إسرائيل هي المعركة الأخيرة التي ستدمّر وتمحي “إسرائيل” من الوجود، ومع هذا الواقع، واجهت سلطات هذا الكيان دائماً الحرب والتهديدات، والقيود الديموغرافية والإقليمية والاقتصادية التي تسببت لهم بالكثير من الضعف، ومن أجل مواجهة هذه التحديات قام قادة العدو بتغيير الاستراتيجيات الصهيونية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وعوضاً عن اتباع سياسة المواجهة الوقائية من أجل التخلص من محور المقاومة، عمد الإسرائيليون إلى اتباع استراتيجية الحفاظ على الوجود عبر دعمهم لمجموعات إرهابية راديكالية داخل محور المقاومة من أجل إلهائه قدر المستطاع عن المواجهة المباشرة مع الكيان العبري.

ومن هذا المنطلق أخذ الكيان الإسرائيلي يفعّل علاقاته مع بعض الدول العربية والعالمية في سبيل تقوية موقفه والاستفادة منها في صراعاته القادمة، وأخذ أيضاً يخطط لتوجيه ضربات مدروسة مباشرة لمحور المقاومة، كضرب مطار “تي فور” العسكري في سوريا والذي كان يضم عدداً من الاستشاريين الإيرانيين، إلا أن هذا الهجوم كان خطأً حسابياً ضخماً، لأن الإسرائيليين أنفسهم يعلمون أن الإيرانيين سيردّون عليهم في وقت ومكان لا يمكن التنبؤ بهما، وبذلك يكون “الإسرائيلي” قد أدخل نفسه في معركة وجودية مباشرة كان بغنىً عنها.

ادعاءات حقوق الإنسان

بالطبع، يجب أن تضاف أزمة الشرعية إلى مشكلات هذا الكيان، فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها قادتها للاعتراف به رسمياً في العالم، لايزال عدد كبير من دول العالم ترى في هذا الكيان، كياناً غاصباً لأرض الفلسطينيين الشرعية.

ويعاني هذا الكيان أيضاً على الصعيد الداخلي من أزمات أخرى لها تأثير كبير على الأمن والقبول العام لهذا الكيان، فبالإضافة إلى الفساد الذي تتورط فيه الطبقة الحاكمة وقادة هذا الكيان، يعاني هذا الكيان انقسامات طبقية كبيرة، فهناك صدامات لا تنتهي وصراعات خفية وعلنية بين الطبقات المختلفة داخل المجتمع “الإسرائيلي”، وخصوصاً بين الطبقتين الرئيسيتين داخل هذا المجتمع العنصري، وهما “الأشكناز” و”السفارديم”، وبما أن اليهود الأشكناز هم من وصلوا فلسطين أولاً، فقد وضعوا أساس الكيان على غرار المجتمعات الأوربية التي عاشوا فيها، وهذا جعلهم يشعرون بأنهم أرقى من اليهود الشرقيين، وتحوّل الأمر بعد ذلك لصراع بين الطبقتين، اتخذ شتى أشكال العنف والفصل العنصري.

ختاماً، تتنبأ العديد من مراكز الأبحاث العالمية بزوال “إسرائيل” من الوجود، ويقول الكاتب الأمريكي المعروف هنري كيسنجر في كتابه الأخير والذي يحمل عنوان “النظام العالمي” إن الكيان الصهيوني لا يمكن له أن يستمر في الوجود، وقد يتم القضاء عليه بحلول عام 2025، لأن الصهاينة بحد ذاتهم لم يعودوا يؤمنون ببقاء هذا الكيان.
الوقت