2024-11-26 12:48 م

"الباقورة والغمر" أراض أردنية تحت السيطرة الإسرائيلية..

2018-05-04
يحق للأردن المطالبة باستعادة أراضي الباقورة والغمر قبل تشرين الأول/أكتوبر المقبل، أي بعد نحو 5 أشهر من الآن، وإن لم يفعل ذلك سيجدد النظام الخاص في اتفاقية وادي عربة للسلام بين الأردن و"إسرائيل"، تلقائيا لمدة 25 سنة جديدة.

من أجل ذلك أطلقت فعاليات شعبية وسياسية حملة أطلقوا عليها اسم “الحملة الوطنية لاستعادة الباقورة والغمر”، دعوا من خلالها الحكومة إلى “العمل على استعادة الباقورة والغمر كاملتين غير منقوصتي السيادة، وبتحمل مسؤولياتها التاريخية في الحفاظ على أراضي المملكة وحقوق أهلها”.

وطالبت الحملة عبر موقعها الرسمي على “فيسبوك”، الأحزاب والقوى السياسية والفعاليات الشعبية والشخصيات الوطنية، “بتشكيل أكبر ضغط ممكن على النظام السياسي، لاسترداد أراضي الباقورة والغمر بعد أن فرط بها لسنوات، واستعادة السيادة على الأرض الأردنية كاملة”.
وقالت الحملة إن “ "إسرائيل" رفضت في مفاوضات وادي عربة، إعادة أراضي الباقورة والغمر المحتلة، فوافق المفاوض الأردني على وضعها تحت نظام خاص يسمح "لإسرائيل" بالسيطرة عليها”.

من جهتها، ادعت الحكومات المتعاقبة أثناء مناقشة معاهدة وادي عربة أمام مجلس النواب، أن “الأردن قد استعاد بموجب نصوص المعاهدة وملحقاتها وخرائطها كامل المساحة التي احتلتها "إسرائيل" دون التنازل عن شبر واحد”. لكن منطقتين ما تزالان تحظى فيهما" إسرائيل" بحقوق خاصة تلغي السيادة الأردنية عليهما، وهاتين المنطقتين هما الباقورة في الأغوار الشمالية، والغمر في وادي عربة جنوبا.

فبحسب معاهدة وادي عربة، وضع الأردن منطقتي الباقورة والغمر تحت نظام خاص، أقرب ما يكون إلى تأجير هاتين المنطقتين "لإسرائيل" مدة 25 عامًا، ويحق لأي من الطرفين قبل انتهاء المدة بعام، إبلاغ الطرف الآخر رغبته إنهاء الاتفاق حولها، ما يعني أن الأردن يستطيع بحسب الاتفاقية إبلاغ" إسرائيل" خلال عدم نيته تجديد عقود هاتين المنطقتين واستعادة السيطرة عليهما بالكامل.

لكن الباحث خالد حباشنة في كتابه “العلاقات الأردنية الإسرائيلية في ظل معاهدة السلام”، أكد على أن “هذا الوضع القائم يفرغ مفهوم السيادة من محتواه، كون السيادة من وجهة النظر الدولية تشمل سيطرة الدولة على أراضيها وسكانها وثرواتها الخارجية والباطنية”.

لكن السؤال هو كيف أصبحت هذه الأراضي الأردنية، أراض إسرائيلية خاصة، ولماذا اعترف الأردن بملكيتهم لها؟. في العام 1950، قام الجيش الإسرائيلي بالتوسع باتجاه الأردن والاستيلاء على أراض بمنطقة الباقورة، وتبلغ مساحة هذه الأراضي 1390 دونما، بحسب أطلس المركز الجغرافي الأردني الصادر عام 1983.

ومن أصل 1390 دونما تم احتلالها عام 1950، زعمت "إسرائيل" أثناء مفاوضات وادي عربة بأن هناك 830 دونمًا هي أملاك إسرائيلية خاصة، رضخ المفاوض الأردني للحجج الإسرائيلية، ولم يتمسك باستردادها بالكامل، واتفق الطرفان على صيغة أشبه بالإيجار. يذكر منذر حدادين عضو الوفد الأردني المفاوض آنذاك، كيف أقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين الملك حسين بتأجير هذه الأراضي لـ"إسرائيل".

إذ عرض رابين فكرة الإيجار على الملك حسين قائلا، جلالتك، لم لا تؤجرنا الأرض لبعض الوقت، فرد الملك فكرة الإيجار ليست مطروحة على الطاولة، لكن إلى متى تريدون البقاء فيها، أجاب رابين فلنقل 25 عاما، تجدد برضا الطرفين، فرد الملك يبدو ذلك معقولا”.

ومثل ذلك حدث مع أرض الغمر، فقد تمسك الإسرائيليون بها باعتبارها امتدادًا طبيعيا لمستوطنة “تسوفار”، ورفضت "إسرائيل" أن تتخلى عن هذه القطعة التي تبلغ مساحتها 4000 دونم، وتبلغ مساحتها المزروعة ألف دونم، وتبعد عن طريق البحر الميت القديم كيلومتر واحد فقط.

فوافق المفاوض الأردني على إدراجها تحت نظام خاص، بحيث ينطبق عليها ما ينطبق على الباقورة، وتعترف "إسرائيل" بالسيادة الأردنية عليها لكن يضمن الأردن حقوق المزارعين الإسرائيليين فيها.

وبخصوص الموقف الرسمي الحكومي حول الأراضي، أكد وزير الخارجية وشوؤن المغتربين أيمن الصفدي، على أن أراضي الباقورة والغمر تحت السيادة الكاملة للأردن، مشيرا إلى أن المملكة تدرس إلغاء أو تجديد تأجيرها "لإسرائيل".

وردا على سؤال للنائب إبراهيم أبو العز جول ملكية الأراضي، قال الصفدي إن “أراضي الباقورة ملكية خاصة لإسرائيليين منذ 1926، والسيادة الأردنية ما زالت موجودة على أراضي الباقورة والغمر وهي ملك للخزينة الأردنية، ومؤجرة للجانب الإسرائيلي لمدة 25 عاما”، منوها إلى أن “قرار التمديد بالإيجار من عدمه هو قرار للحكومة الأردنية يعود لها بما يصب في المصلحة الوطنية العليا”.

في السياق، طالب النائب خالد رمضان، “بتنظيم اجتماع شعبي نقابي نيابي، بهدف الضغط على الحكومة لإلغاء اتفاقية وادي عربة، التي من تفاصيلها ملف أراضي الباقورة والغمر”.

وقال رمضان لـ”أردن الإخبارية” إن “الباقورة والغمر منطقتين ما زالتا تحت السيادة الإسرائيلية، وإن كانت السيادة الاسمية عليها أردنية”، مشددا على “رفض تأكيد الحكومة على وجود حق إسرائيلي مزعوم في الباقورة والغمر”.

ودعا النائب الحكومة إلى “الكشف عن تفاصيل القضية، واطلاع مجلس النواب والشعب على عقد بيع أرض الباقورة، ليتم التثبت من شروط الملكية الإسرائيلية المزعومة”.

أما رئيس لجنة مقاومة التطبيع النقابية الدكتور مناف مجلي، فقد شدد على ضرورة استرداد الباقورة والغمر، لأن أهم أسس الدولة المستقلة السيادة على الأرض، معتبرا أن اتفاقية وادي عربة تمس السيادة الأردنية”.

وقال مجلي لـ”أردن الإخبارية” إن “على الأردنيين التحرك للضغط على الحكومة لإنهاء اتفاقية وادي عربة مع "إسرائيل"، في ظل عدم وضوح نصوصها وإخفاء كثير من الوثائق المتعلقة بها من قبل الحكومات”. ونوه مجلي إلى أن “هناك تضاربا في المعلومات والوثائق الحكومية قبل توقيع معاهدة وادي عربة وبعدها”، لافتا إلى أن “هناك وثائق تدين ما صرح به المفاوض الأردني الأول حول أراضي الباقورة والغمر”.

بينما أفاد المستشار الدولي في شؤون التخطيط والبيئة الدكتور سفيان التل، أن “المركز الجغرافي الأردني أصدر أطلس يشير إلى أن حدودنا هي نهر الأردن وكل ما هو شرق النهر من أراض”. وقال التل في دراسة صدرت عنه حول أرضي الباقورة والغمر، إن “ذلك الأطلس سُحب من الأسواق بعد حصول "إسرائيل" على أجزاء من الأراضي الأردنية”، معتبرا أن “ذلك الأمر فضيحة رسمية بامتياز”.

وأفاد التل بأنه “عندما احتلت" إسرائيل" أراضي الضفة الغربية عام 1967، دخلت إلى الأراضي الأردنية واحتلت مئات الكيلومترات وبمساحة أكبر من مساحة قطاع غزة، كما قامت بحفر مئات الآبار التي ظلّت تضخّ الماء منها إلى الوقت الحالي، ولم تحرك الحكومة ساكنا ولم تُعلم شعبها بذلك، وبقي الموضوع طي الكتمان إلى أن وقعت اتفاقية وادي عربة التي منحت" إسرائيل" حقّ الضخ وحفر بئر جديد في حال جفّ أو قل منسوبه”.

وذكر التل أن “الملاحق تحدثت في أحد بنودها على أنه يمتنع الطرفان عن أي إجراء من شأنه أن يقلل من هذه المياه ويؤثر على نوعيتها”، مشيرا إلى أن “هذا التفسير لما كانت تقوم به الحكومة من منع للمواطنين في وادي عربة من حفر الآبار، فهي تؤثر على كمية ونوعية المياه في الجانب الآخر، كما أنه تفسير حملات ردم الآبار في المملكة بينما لا يجري ذلك في الدول المجاورة”.
(اردن الاخبارية)