2024-11-27 05:53 م

عز الدين مناصرة وهو يدخل عقدة الثامن صنو محمود درويش

2018-04-15
عزيز العصا (بيت لحم)

عز الدين المناصرة؛ شاعر وعالم فلسطيني، ولد بعد توقف الحرب العالمية الثانية التي نكبت العالم أجمع، وقبيل النكبة التي حلَّت بالشعب الفلسطيني ونكبته وشردته في أصقاع المعمورة. فهو من (بلدة بني نعيم الفلسطينية – محافظة الخليل)، مولود فيها في (11 نيسان، 1946)؛ أي أننا في أجواء بداية عامه الثاني والسبعين. وتعمقت في قراءة سيرته الثقافية، وجدتني أمام مسؤولية وطنية اتجاه هذا العالم، الذي أعلم جيداً، ويعلم غيري ممن تعاملوا معه، مدى ارتباطه بوطنه فلسطين، والقدس عاصمتها الأبدية، والخليل مدينة إبراهيم، وبلدته (بني نعيم) التي لم تكتحل عينه بها منذ العام (1964م). من هنا، أرى بضرورة إطلاع القارئ الفلسطيني، بخاصة جيل الشباب، على سيرة ومسيرة (البروفسور”عز الدين المناصرة”) كعالم متعدد الأبعاد والاتجاهات والثقافات، والتي قمت بتوزيعها على المحاور التالية، والتي سوف أقوم باستعراضها بالكثير من الاختصار:

أولاً: المولد والنشأة والتعليم والابداع:

ولد (أ.د عز الدين المناصرة) في (11/4/1946)، في (بلدة بني نعيم- محافظة الخليل) بفلسطين، التي غادرها إلى القاهرة في العام 1964م بهدف الحصول الشهادة الجامعية الأولى، فحصل على (الليسانس) في (اللغة العربية، والعلوم الإسلامية) 1968م. ثم انطلق للحصول على الشهادات والدرجات العلمية الأخرى تباعاً، حتى حصل على رتبة الأستاذية (بروفسور) في جامعة فيلادليفيا، عمان 2005.

لم يتوقف “المناصرة” عند تلك الرتبة، إنما أخذ يحصد الجوائز الأخرى، منها: جائزة “التميز في التدريس والبحث العلمي”، وجائزة (الباحث المتميز في العلوم الانسانية)، وجائزة (“الدولة التقديرية في حقل الشعر) من وزارة الثقافة الأردنية، 1995، و (جائزة القدس) في القاهرة من الاتحاد العام للكتاب العرب، عام 2011.

لم يكن “المناصرة”، مجرد أكاديمي تقليدي، اكتفى باصدار (25 كتابا في النقد والتاريخ والفكر)، وإنما انطلق بقوة في عالم الشعر، فأصدر (11 ديوانا شعريا)، وأول قصائده المنشورة هي قصيدة (غزال زراعي، 1962)، ويضاف إلى ذلك أكثر من (إحدى عشرة) مجموعة شعرية ترجم بعضها إلى، باللغات: العربية، الانجليزية، والفرنسية، والفارسية، والهولندية. آخرها، (مختارات شعرية): لن يفهمني أحد غير الزيتون، الصادر عن وزارة الثقافة الفلسطينية، ط4، 2017. وله نحو (40) مشاركة شعرية في مهرجانات عربية وعالمية، بين الأعوام 1967م- 2016م. أضف إلى ذلك الأنشطة النقابية، التي جعلته يتربع على سدة (الرابطة العربية للأدب المقارن) ثلاث مرات (1983-1993) نائبا للأمين العام للرابطة، وكان الثلاثي (المناصرة- ودرويش- وفدوى طوقان)، هم من قدموا أول مبادرة عربية (1997) إلى اليونسكو الدولية، لتأسيس يوم عالمي للشعر.

وعلى مستوى تأليف الكتب وتحريرها والتقديم لها ونقدها، فإن “المناصرة” أنجز ما يزيد عن الثمانين منها، أضف إلى ذلك تلك الكتب والبحوث والدراسات ورسائل ماجستير والدكتوراة التي صدرت، في شتى أنحاء الوطن العربي، حول “عز الدين المناصره” الشاعر والناقد والأكاديمي والباحث، والتي يصعب التطرق لها في هذا المقال، ونذكر منها: (مجموعة من الباحثين): امرؤ القيس الكنعاني، قراءات في شعر المناصرة، المؤسسة العربية، بيروت- عمان، 1999، ود. فريال غزول، الجامعة الأمريكية، القاهرة، (إشراف): الفلسطينيون، والأدب المقارن: (روحي الخالدي، إدوارد سعيد، عز الدين المناصرة، حسام الخطيب)، منشورات قصور الثقافة، مصر، 2000. الطبعة الثانية، الصايل للنشر والتوزيع، عمان، 2012.

ثانيا: شهادات عربية وأجنبية بحق عز الدين مناصرة:

لا شك في أن الانجازات المتعددة المجالات التي حققها “المناصرة”، لا سيما الشعرية منها والبحثية، إلى جانب أنشطته النقابية المتميزة، جعلت منه شخصية لامعة على مستوى العالم. حتى أخذ محللون والنقاد وقادة الفكر والأدب يتوقفون معمقا عند سماته وخصائصة، منها:

قال عن الروائي الجزائري (الطاهر وطار) في حفل تكريم (المناصرة) بمؤسسة الجاحظية، عام (2004) بأنه: (لا يقل أهمية عن زميله محمود درويش في الشعر، ولا يقل أهمية عن مواطنة إدوارد سعيد في النقد الثقافي المقارن).

وقال عنه الأكاديمي الهندي الدكتور شامناد (Shamnad) من جامعة كيرالا: (يعد عز الدين المناصرة من أهم النقاد المقارنين العرب، الذين بذلوا جهدهم في اقتراح: (منهج مقارن جديد، خصوصاً في كتابية: (المثاقفة والنقد المقارن- والنقد الثقافي المقارن).

وقالت الباحثة الإيرانية (مريم السادات ميرقادري): (الشاعر المناصرة… شاعر عالمي بكل المقاييس).

أما الفرنسي (كلود روكيه)، مدير دار سكامبيت في حفل تكريم المناصرة في مدينة (بوردو) الفرنسية بتاريخ 1997/5/29، فقال: (بعد قراءتي لديوان (رذاذ اللغة) لعز الدين المناصرة المترجم إلى الفرنسية، أعلن أنه، لا يقل أهمية عن شعراء فرنسا العظام في النصف الثاني من القرن العشرين).

ثالثا: عز الدين المناصرة مهجراً وثائراً ومدافعا عن قضيته:

غادر (المناصرة) بلدته بني نعيم بعد إنهاء الثانوية العامة في العام 1964م، إلى القاهرة؛ حيث درس في جامعتها، والتحق بالثورة الفلسطينية المعاصرة (1994-1964) وكان عضوا في الاتحاد العام للطلاب فلسطين فرع القاهرة، وكان (الشاعر الفلسطيني الوحيد)، الذي حمل السلاح وخاض المعارك في المرحلة اللبنانية (1982-1972). ولم تستطع دخول فلسطين (مسقط رأسه) منذ عام (1964- وحتى اليوم). فعاش منفياً، مهجرا في العديد من البلدان العربية والأجنبية. وكان نضاله في منظمة التحرير الفلسطينية، في العديد من الساحات، لا سيما في القاهرة، ثم لبنان، وما فيها من صدامات عسكرية مباشرة مع العدو، قد اتخذ اشكالا مختلفة: عسكرياً، ونقابيًا، وثقافيًا، وتربويا … وغير ذلك من الأنشطة والفعاليات التي لا يتَّسع المجال لذكرها في هذه العجالة.

اعتراف وخلاصة:

وأنا أغادر هذه التي أسميتها “عجالة”، أجد لزاما علي الاعتراف بالتقصير وعدم الوفاء بما يكفي، لهذا العالم الفلسطيني الجليل، الذي لم يأخذ حقه في أوساط الشعب الفلسطيني؛ على المستويات الأكاديمية والشعرية والنقدية… الخ، بالقدر الذي أخذه عند الآخرين. ومما يفضح واقعنا هذا، تلك الأقوال والشهادات التي سجلها علماء العرب والعجم بحق عز الدين المناصرة، وليس من بينهم من هو فلسطيني تعمق، بما يكفي، في أعماله لكي يصطف إلى جانب من يشيد بإنجازاته ويعززها ويضعها في مكانها الصحيح.

هنا، لن أردد مقولة “لا كرامة لنبي في وطنه” وإنما قد أعزو الأمر إلى ضعف إعلامي للتعريف ب “عز الدين المناصرة”: 1 الشاعر، الذي يصطف إلى جانب محمود درويش وفدوى طوقان، حيث يشكلون “معاً” مجموعة شعراء عالمين بلا منازع. 2 ) وهو الناقد، الذي يصطف إلى جانب روحي الخالدي (1964-1912) الرائد التاريخي للأدب المقارن، وإدوارد سعيد (1935م-2003م)، وأدونيس وغيرهم من كبار العلماء العرب والعالميين.

ــــــــــــــــــــ

(فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 9/4/2018م)