2024-11-30 02:44 م

لماذا تجاهل الغرب ذبح الاف الاسرى والمخطوفين بدوما

2018-04-12
ايام عصيبة بدون ادنى شك تمر على دول الشرق الاوسط ككل فالاخذ والرد بين الولايات المتحدة وروسيا والتجاذبات ولغة التهديدات قد بلغت ذروتها وكانت الاراضي السورية هي ساحة الصراع واظهار العضلات.

الادارة الاميركية شهدت خلال الايام الاخيرة حالة من الارباك غير منتهية، فبعد ان خرج الرئيس دونالد ترامب ليقول ان على موسكو تلقي صواريخ بلاده القادمة الى سوريا، تأتي المتحدثة باسمه سارة ساندرز، لتقول انه لم يتخذ بعد اي قرار بشأن سوريا وان كل الخيارات لاتزال مطروحة، وهو ما يوحي بوجود خلافات عميقة داخل الادارة الاميركية بشأن العدوان على سوريا. ووجدت واشنطن في قضية كيميائي دوما فرصة للاستجابة للطلب السعودي ببقاء القوات الاميركية في سوريا ولو لفترة وجيزة وهي اقل من عام، ولهذا السبب يمكننا تفسير تصريحات الرئاسة الاميركية ان ترامب لم يحدد وقتا زمنيا للعملية في سوريا.

اما بريطانيا فارادت رئيسة وزرائها تيريزا ماي، تصدير ازمتها الداخلية والخلافات مع الاوروبيين بعد قرار البريكست، فوجدت في ازمة الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال، قضية جذبت فيها التعاطف السياسي والاعلامي الغربي، ومن ثم وجدت في قضية الكيميائي السوري فرصة لاثبات وقوفها الى جانب الغرب في جميع قضاياهم لكنها جوبهت بمعارضة داخلية، حيث خرج زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين، ليؤكد ان اي عمل عسكري يحتاج لمناقشته مع البرلمان، ويجب عدم تصعيد الوضع في سوريا. وهو ما يوحي بوجود معارضة لمشاركة لندن بهذه العملية، الا اذا ارادت ماي تجاوز كل الخطوط الحمراء وتكرار خطأ سلفها توني بلير، وبتالي النتيجة ستكون كارثية على ماي داخليا اكثر مما هي عليه الان.

التهديدات الاميركية وضعت روسيا امام امتحان حقيقي لانها مستهدفة ايضا بهذه الضربة سواء بشكل مباشر او غير مباشر، لانها اذا تمت ولم تساعد دمشق على الرد فسوف تفقد مصداقيتها لدى دول وشعوب المنطقة وعلى رأسها الشعب السوري، ولكن الرد على الضربة لن يكون على الولايات المتحدة او حلفائها في هذه العملية، والتصريح الروسي بأن واشنطن ستتحمل مسؤولية ما ستؤول اليه الاوضاع في المنطقة يؤكد الانباء الصادرة عن دمشق بأن اسرائيل ستكون في مرمى النار بعد اول صاروخ يسقط على سوريا.

مواقع المعارضة وجدت بالتهديد الاميركي فرصة لضرب الصف المؤيد للدولة عبر نشر اشاعات حول سفر الرئيس السوري بشار الاسد، الى ايران خوفا من الضربة الاميركية، لكنهم لم يشاهدوه وهو يستقبل وفدا من المشاركين في مؤتمر وحدة الامة الذي استضافته دمشق، واتى الوفد باكمله الى قصر المهاجرين في العاصمة وظهر الرئيس الاسد بكامل حيويته ولم يبال بالتهديدات الاميركية ولم يصرح حتى بشأنها لان قراره قد اتخذ منذ اليوم الاول للتهديدات. والرئيس الاسد لم يغادر البلاد في اوقات اصعب من هذه، وفي كل مرة يتم الترويج لاخبار انه قد ذهب من سوريا على متن بارجة روسية او طائرة ايرانية، يظهر بعدها بين جنوده على الخط الاول للمعارك او في احد الاسواق يتجول او يزور جرحى الجيش السوري مع عائلته. اما الشارع السوري فلم يتأثر بالتصريحات الاميركية ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي يرى ان السوريين اخذوها بنوع من الاستهزاء، ليقينهم بان العدوان سيضع نهاية للعنجهية الاميركية.

الولايات المتحدة وحلفاؤها امام خيارين، اما ان يقوموا بالعملية العسكرية وتتحمل واشنطن نتائجها التي ستكون مدمرة وستشعل المنطقة. او يتم البحث عن مخرج مناسب لهم من هذه الورطة التي وضعوا نفسهم فيها، وبذلك تكون الولايات المتحدة ومن معها اضعف مما نتصور.

الدول الغربية تداعت من اجل ضربة كيميائية مزعومة في دوما لم يتم التحقيق فيها والجميع على يقين بانها ملفقة، لكنهم تجاهلوا الاف الاسرى والمخطوفين من المدنيين والعسكريين السوريين، الذين ذبحوا وقتلوا وحرق بعضهم احياءا دم بارد من قبل الجماعات الارهابية في الغوطة وعلى رأسها جيش الاسلام، الذي قام بقتل معظم من لديه من اسرى ومخطوفين الذين احتجزهم قبل اكثر من 6 سنوات وذلك في تكرار لمجزرة عدرا العمالية بكل تفاصيلها، ونكث جيش الاسلام بالعهد عندما تم الاتفاق على اطلاق سراحهم مقابل نقل الارهابيين الى جرابلس. وباتت فبركة الكيميائي والقتل بصور الفيديو الملفقة جريمة لا تغتفر، وذبح الالاف من الابرياء قضية فيها نظر.

ابراهيم شير