2024-11-29 12:48 ص

السعودية وقطر تتنافسان في كسب تأييد جماعات الضغط الموالية لإسرائيل

2018-04-02
في النزاع الدائر بين قطر والسعودية، يتنافس كل منهما في كسب تأييد جماعات الضغط الموالية لإسرائيل ودفع الإدارة الأمريكية للانتصار لأحد الطرفين، غير أن ولي العهد السعودي ذهب بعيدا في الانبطاح والتذلل وترضية اليمين الصهيوني وحكومة نتنياهو. وقد عقد الأمير محمد بن سلمان لقاءين أحدهما مع حاخامات يهود والآخر مع ممثلين عن جماعات ضغط يهودية في نيويورك أثناء جولته الأمريكية الأخيرة.

وأفادت تقارير صحفية أن الاجتماع الأول عقده ولي العهد السعودي مع ممثلين عن ست جماعات ضغط يهودية، بعد ظهر 27 مارس، في فندق بلازا في مانهاتن لبحث الخلاف السعودي الإيراني ومسار السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ورؤية السعودية لقضية معاداة السامية.

وأشارت مواقع إعلامية إلى أن ممثلي المنظمات اليهودية ينتمون إلى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، ومنظمة مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، ومنظمة الفدراليات اليهودية في شمال أمريكا، ورابطة مكافحة التشهير (ADL)، واللجنة الأمريكية اليهودية (AJC)، ومنظمة بناي بيرث، واستمر اللقاء أكثر من ساعة.

وكشفت شبكة أنباء "بلومبرغ" أن ولي العهد السعودي عقد لقاء ثانياً مع رئيس "الاتحاد من أجل إصلاح اليهودية" الحاخام ريتشارد جاكوبس و"رئيس الكنيس المتحد لليهودية المحافظة" الحاخام ستيفن ويرنيك ونائب الرئيس التنفيذي لـ"الاتحاد الأرثوذكسي" آلان فاغن، في 28 مارس.

ونقل موقع "فوروورد" التابع لجماعات الضغط اليهودية في واشنطن بأن ولي العهد السعودي لم يدعُ ثلاث من جماعات الضغط اليهودية وهي "جي ستريت" و"أمريكيون من أجل السلام الآن" وAmeinu، وهذه المنظمات الثلاث شديدة الدعم لإسرائيل، لكنها تؤيد فكرة حل الدولتين وتروّج لأحزاب اليسار الإسرائيلي المعارضة لحزب الليكود وتناهض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، وفقا لما أورته تقديرات صحفية.

ويُحتمل، كما كتب أحد الصحفيين، أن تجنب ولي العهد السعودي دعوة هذه المنظمات يعود إلى رغبته في عدم إغضاب اليمين الإسرائيلي الحاكم والمنظمات الست التي التقى بها، لأنها تميل نحو حزب العمل والمعارضة. كما "قد يكون السبب رغبته في الابتعاد عن منظمات تؤيد حل الدولتين في هذه المرحلة، هو الذي أكد أنه لا يحاول التركيز على أي شيء قد يثير التوتر في ما يتعلق بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".

وقد كتبت صحيفة "هآرتس" العبرية بأن اجتماع الأمير محمد بن سلمان إلى القيادات اليهودية "يُعدَ أمرا مهما جدا"، وتضيف الصحيفة أن لقاءات الأمير الشاب مع قيادات دينية مؤخراً في بريطانيا وأمريكا تأتي ضمن رؤية "2030" وما تتضمنه من "تشجيع التسامح الديني" والترويج لـ"الإسلام المعتدل".

ورأت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن الاجتماع بحد ذاته يشكّل نقطة تحوّل للجالية اليهودية الأمريكية التي افتقرت منذ عقود إلى أية قناة اتصالات مع القيادة السعودية. ونقلت الصحيفة عن قادة يهود في واشنطن أنهم يرون أن الاجتماع مع محمد بن سلمان علامة على جديته في توثيق العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل. ونشرت الصحيفة الإسرائيلية مقالا للحاخام شمولي بوتيش، الناشط في صفوف الجالية اليهودية بنيويورك، يشيد فيه بإصلاحات ابن سلمان في مجال حقوق الإنسان والانفتاح ببلاده، إلا أنه وصفها في نهاية الأمر بـ"غير الكافية". يقول الحاخام في مقالته التي نشرها تعليقاً على لقاء الأمير الشاب مع ممثلي جماعات الضغط اليهودية إن الطريق أمامه لا يزال طويلاً وعليه إثبات حسن النية وتحسين ظروف صنع السلام عبر تطبيع العلاقات مع إسرائيل وإنه "اتخذ بعض الخطوات الإيجابية المشجعة، لكنه يحتاج إلى تحقيق القفزة النهائية والشجاعة"، وهي الاعتراف بإسرائيل.

ورأى الحاخام اليهودي أنه يجب على الأمير الشاب أن يهزّ العالم باعترافه بإسرائيل، إذ إن "اعتراف الرياض بإسرائيل سيدفع كافة دول العالم إلى وقف مقاطعتها لها وسيدفع الفلسطينيين إلى تقديم التنازلات المطلوبة وأهمها الاعتراف بيهودية الدولة العبرية". ويضيف بوتيش، وهو من أصحاب الكتب الأكثر مبيعات في الولايات المتحدة، كما نقل تقرير صحفي: "أصبح الجمهور السعودي أكثر تركيزاً على الداخل ويتطلع إلى تحسين رفاهيته... كان عدم وجود رد فعل لدى السعوديين على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتجاهلهم لدعوات الفلسطينيين للاحتجاج أحد الملامح على حدوث تغيير في تصورهم للقضية الفلسطينية".

ولكن ماذا يريد ولي العهد السعودي من إسرائيل وجماعات الضغط اليهودية؟ يرى الكاتب في صحيفة "هآرتس"، أنشيل بفيفير، أن الأمير الشاب لديه هدف واحد يريد أن يحققه وهو أن يكون الشخصية الأقوى في الشرق الأوسط في العقود المقبلة. لكنّه يحذّر من أن هذا الهدف لم ينته بشكل جيد بالنسبة إلى الزعيم المصري جمال عبد الناصر والرئيس العراقي صدام حسين. وإضافة إلى التقارب السعودي الإسرائيلي حول مواجهة نشاطات إيران في الشرق الأوسط، تريد المملكة أن لا يعرقلها "اللوبي" اليهودي في بعض طموحاتها. وفي هذا السياق، كتب مدير "مشروع الاستخبارات" في بروكينغز، بروس ريدل، أن إسرائيل تقف ضد مساعي السعودية الهادفة إلى تخفيف القيود الأمريكية عليها بخصوص مشروع بناء مفاعلات نووية على أراضيها، وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ضغط ضد أي اتفاق مماثل مع المملكة في بداية مارس. وقال "ريدل" إن حملة الضغط السعودية الهادفة إلى اكتساب بعض التكنولوجيات النووية ستواجه معارضة شديدة إذا قررت إسرائيل أنها تريد منع ذلك.

وكتب أحد الصحفيين المتابعين أنه ليس ولي العهد السعودي وحده مَن يحاول التقرب من جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة، فقد سبقه في ذلك أمير قطر الشيخ تميم بن حمد من أجل تحسين صورة بلاده في واشنطن. ففي فبراير الماضي، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن عدداً من رموز اللوبي اليهودي في واشنطن زاروا قطر سراً بدعوة من أميرها شخصياً وعلى نفقته الخاصة.

ونشرت الصحيفة قائمة للمدعوين وهم رئيس "المنظمة الصهيونية في أمريكا" مورتون كلاين، ونائب رئيس "مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى" مالكولم هونلين والحاخام مناحيم جيناك من "الاتحاد الأرثوذكسي" ومارتن أولينر من الصهاينة الدينيين في أمريكا.

ونقلت الصحيفة عن "جاك روزين" من الكونغرس اليهودي الأمريكي أنه زار الدوحة مؤخراً بدعوة من تميم، معتبراً أنه محظوظ بما فيه الكفاية بسبب علاقته الجيدة على مدار السنين الماضية مع القطريين. كما كشفت "هآرتس" أن الحاكم السابق لولاية أركنسو الأمريكية، مايك هاكابي، والد المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي، والناشط في أوساط جماعات الضغط اليهودية، زار أيضاً الدوحة بدعوة من أميرها برفقة إعلاميين مولين لإسرائيل.

وأوضح تقرير "هآرتس"، نقلا عن كلاين، أن الأمير تميم قرّر التقرّب من "اليمين الصهيوني"، ولذلك لم يدعُ ممثلي منظمات "جي ستريت" و"أمريكيون من أجل السلام الآن" و"حركة الإصلاح". وأفاد "كلاين" بأنه أجرى نقاشاً مع أمير قطر لمدة ساعتين بلغة حادة حول وجود كتب معادية للسامية في معرض الدوحة الدولي للكتاب وحول سياسة الجزيرة المعادية لإسرائيل وحول يهودية القدس. كما كشف أن المسؤولين القطرين أكدوا له أن الدوحة ما عادت تقدم أي تمويل لجماعة الإخوان المسلمين. وختم حديثه لصحيفة "هآرتس" بأن أمير قطر قدّم وعداً شفهياً بإجراء تغييرات بخصوص الجزيرة، ونفى دعم حماس مؤكداً أن نشاط القطرين في غزة يتم بالتنسيق مع إسرائيل.

وكتب أيضا المحامي اليهودي، آلان ديرشفيتز، أحد أهم القانونيين في جماعات الضغط في واشنطن مقالاً في موقع "ذا هيل" الأمريكي، كشف فيها أنه زار قطر في يناير الماضي بدعوة من تميم وعلى نفقته لمناقشة بعض القضايا التي تثير قلق اسرائيل. وتحدث المحامي اليهودي عن تفاصيل لقائه بأمير قطر وباقي المسؤولين في الدوحة، مشبهاً حصار قطر في الخليج بحصار العرب لإسرائيل.

وقال "ديرشفيتز" إن قطر أكدت له أن قادة حماس يقيمون في الدوحة بطلب من الولايات المتحدة، مضيفاً أن اتهامات السعودية للجزيرة غير صحيحة لأن القناة استضافته مرات عدّة وتحدث بحرية تامة على شاشتها، كما أشاد باستضافة قطر للاعبي كرة مضرب إسرائيليين في ظل رفض السعودية لمثل هذه الخطوات. وشن المحامي اليهودي هجوماً قاسياً ضد السعودية بسبب الإجراءات التي اتخذتها الرياض ضد الدوحة، واصفاً إياها بأنها غير قانونية وغير أخلاقية وقائلاً إنها "جعلت من قطر ضحية مثل إسرائيل".