2024-11-30 06:24 م

هل تنسحب أميركا من سوريا لمصلحة تركيا والنصرة؟

2018-03-30
قاسم عز الدين
على حين غرّة وفي خطاب موجّه لفقراء ولاية أميركية، تعهّد دونالد ترامب بخروجٍ "قريب جداً" من سوريا، في سياق حديثه عن ضرورة الاستغناء عن "المصاريف الأميركية المهولة في الشرق الأوسط" بحسب تعبيره. ووعده بتحسين البنية التحتية والمدارس والمستشفيات، كما قال.
ترامب يشير إلى أن أميركا أنفقت في الشرق الأوسط 7 تريليون دولار، وفيما يؤشر ربما إلى أن نية الخروج من سوريا ليست وليدة لحظة عفوية أثناء الخطاب، هو طلب ترامب من محمد بن سلمان تسديد 4 مليارات مساهمة في كلفة النفقات التي تدفعها أميركا في سوريا، كقاعدة لتهديد إيران أثناء الحرب، ومنع طهران من التوسع في المنطقة باتجاه العراق.
لكن يبدو من عمق قراءة التطورات أن ترامب لا يعوّل على عمل عسكري مباشر سواء في سوريا أو في إيران. بل لعلّه يعوّل بحسب منظوره وتفكيره على العقوبات الاقتصادية وعلى الضغوطات والحصار، كما أشار محمد بن سلمان في هذا الصدد لما سماه "العقوبات التي تغني عن اللجوء إلى الحرب". ففي مناخ التحضير لضربة عسكرية ضدّ سوريا، بذريعة استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية سرعان ما تراجع ترامب من دون ضجيج، ما أن هدّد بوتين برّد الصاع صاعين "إذا تعرّضت أراضي حلفائنا إلى عدوان نعتبره اعتداءً على أراضينا".
في هذا السياق الذي يشير إلى متغيرات ذات وزن ثقيل في البيت الأبيض، قد يكون إعلان ترامب المفاجىء تمهيداً للاستغناء عن وزير الدفاع جيمس ماتيس الذي يردد باستمرار أن القوات الأميركية باقية في سوريا لفترة مديدة، ويلمح إلى زيادة عديدها من ألفين إلى خمسة آلاف. وقد يكون تخلّص ترامب من ماتيس تدعيماً لثنائي الإدارة الجديد المؤلف من جون بولتون وبومبيو.
ماتيس الذي قدّم المساعدات الجمّة للقوات الكردية بالشراكة مع زميله السابق في وزارة الخارجية تيلرسون، يحصد عجز هذه القوات عن الصمود في مواجهة القوات التركية و"الجيش الحر" في عفرين والشمال السوري، وهو الأمر الذي يمكن أن يشي بأن أميركا لا يسعها الاعتماد على هذه القوات إلى ما لانهاية والاستغناء عن تركيا العضو في الحلف الأطلسي في رسم استراتيجيات المنطقة.
من غير المرجّح أن تكون واشنطن قد اتخذت الوحدات الكرية وغيرها من الوحدات العشائرية في سوريا، حليفاً استراتيجاً بدلاً من تركيا أثناء حكم أوباما حتى تيلرسون وماتيس. بل اتخذتها مخلب قط على الأرض حين فشلت مجموعات تركيا بالصمود في الميدان. وهو ما يحاول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ترديده على مسمع القيادي الكردي خالد عيسى في قصر الأليزية، لما فسّره عيسى كوعدٍ فرنسي لإعادة الوحدات إلى عفرين، وكذّبه بيان الرئاسة الفرنسية كما يكذّبه حجم فرنسا العاجز عن تقديم غير الكلام المعسول.
تركيا العضو في الحلف الأطلسي، هي الحليف الاستراتيجي لواشنطن وللناتو على الرغم من الخلافات التكتيكية التي شهدتها العلاقة بين الطرفين بسبب لجوء واشنطن إلى جيش على الأرض.

فرئيس الوزراء التركي علي يلدريم يؤكّد على الدوام أن حدود بلاده "هي حدود حلف شمالي الأطلسي ولا يمكن للمجموعات الإرهابية حماية حدود الحلف"، وهو ما يؤكده أمين عام الحلف في اجتماعات بروكسيل ينس ستولتبرغ.
تدور الدائرة على وحدات الحماية الكردية التي دغدغت أحلامها واشنطن والدول الغربية. فما يسلمه ترامب "للآخرين" يشمل الجيش التركي ومجموعات تركيا الأخرى، بما فيها جبهة النصرة التي رفضت تركيا مواجهتها في إدلب والشمال السوري على الرغم من اتفاقها مع موسكو على هذه المواجهة في مسار أستانة. فهي كما تراها تركيا "معارضة معتدلة" تدخل مع المجموعات الأخرى في إطار "الجيش الحر" في انتقالها من إدلب إلى عفرين على عربات يقودها الجيش التركي. وقد لا يتوانى ترامب عن تسليمها مع "غصن الزيتون" منبج معبراً للترحال خلف دواعش الرقة إلى البوكمال.


"الميادين نت"