2024-11-01 04:37 م

القصة الكاملة لاتفاقية «CISMOA» بين مصر وأمريكا

2018-03-29
وسط غياب كامل للتصريحات أو البيانات الرسمية في القاهرة، أعلنت السفارة المصرية في الولايات المتحدة الأمريكية أن الحكومة المصرية وقعت اتفاقية ثنائية للتواصل المتبادل في مجالات الاتصالات والأمن (CISMOA)، وتتضمن هذه الاتفاقية أهدافًا مشتركة في محاربة الإرهاب، غير أن التصريحات التي نقلتها الصفحة الرسمية للسفارة المصرية في واشنطن لم تأتِ على ذكر الكثير من بنود الاتفاقية الغامضة، والتي سنحاول كشف بنودها لاحقًا في هذا التقرير. ونقلت الصفحة الرسمية للسفارة المصرية في الولايات المتحدة تصريحات لجوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، والتي أكد فيها الدعم المستمر الذي تقدمه الولايات المتحدة لمصر.

إنجاز جديد لترامب.. أم إخفاق جديد للإدارة المصرية؟

طبقًا للاتفاقية، طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الكونجرس الأمريكي تزويد مصر بمبلغ 1.3 مليار دولار في هيئة مساعدات عسكرية لعام 2018، ونقلت صفحة السفارة المصرية عن الجنرال فوتين قوله: «مصر هي شريك أساسي بمواجهة تدفق المقاتلين الأجانب، ووقف الدعم اللوجيستي والمالي للمتطرفين العابرين من ليبيا عبر مصر إلى المنطقة الوسيطة. مصر تدعم طلباتنا في التحليق فوق أجوائها، وتضمن عبورنا بقناة السويس، وتشاركنا التزامنا بهزيمة تنظيم الدولة، شراكتنا الأمنية حجر الزاوية بهذه العلاقة».

وكان من بين تصريحات الجنرال فوتيل أن الاتفاقية تم توقيعها في يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي تأتي تتويجًا لأكثر من 30 عامًا من الجهود لتعزيز الأمن والتعاون في مكافحة الإرهاب بحسبه. الاتفاقية تحتوي على العديد من البنود التي يمكن تفسيرها من وجهة نظر البعض على أنها تنازل من الدولة الموقعة عن السيادة الوطنية، حيث تمنع الدول المستفيدة من حق اتخاذ القرارات المنفردة المتعلقة باستخدام السلاح المستورد من الولايات المتحدة.

«ويكيليكس».. لماذا رفضت الأنظمة المصرية السابقة هذه الاتفاقية؟

هناك وثيقة تم تسريبها عام 2009 عبر موقع التسريبات الشهير «ويكيليكس»، والتي تحدثت عن قوة العلاقات المصرية الأمريكية، ولكنها في الوقت نفسه عبرت عن رغبة الطرف الأمريكي في انعكاس هذه القوة على مجابهة المخاطر القابعة في المنطقة وتلك العابرة للحدود.

جاء في الوثيقة كذلك أنه منذ بداية برنامج التمويل العسكري الأجنبي بين القاهرة وواشنطن قبل 30 عامًا، فإن مصر قد قامت بدورها في التعاون مع الولايات المتحدة في جهود حفظ السلام بين مصر وإسرائيل، وكذلك ضمنت القاهرة السماح الدائم للقوات الأمريكية بالمرور عبر قناة السويس، وللطيران الأمريكي بالعبور في الأجواء المصرية.

نقلت الوثيقة شروطًا واضحة المعالم للاتفاقات العسكرية بين القاهرة وواشنطن، هذه العلاقات كانت مصر تؤكد على ضرورتها من خلال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وقادة القوات المسلحة في مصر.

وتصف الوثيقة المساعدات العسكرية الأمريكية البالغة 1.3 مليار دولار أمريكي بأنها «حجر الزاوية» للعلاقات الثنائية بين البلدين، والتي تعتبر ضمانة لحفظ السلام مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه تضمن للولايات المتحدة أولوية المرور عبر الأجواء المصرية وقناة السويس.

كذلك نقلت الوثيقة حينها قلق الفريق سامي عنان وبعض قيادات القوات المسلحة، من عدم السماح الأمريكي لمصر بامتلاك أنواع متطورة من الأسلحة، وإحباط القيادات المصرية من عدم حصول القاهرة على أنظمة أسلحة معينة محظور بيعها لمصر.

السبب الذي أبرزته الوثيقة حينها لحرمان مصر من هذه الأنظمة والأسلحة هو رفض مصر التوقيع على الاتفاقية الضرورية (CISMOA) التي توفر ضمانات الحماية المناسبة للتكنولوجيا التي ابتكرتها الولايات المتحدة وتحاول الحفاظ على حصرية التحكم في تداولها والاطلاع عليها.

لماذا ترغب الولايات المتحدة في الاتفاقية رغم ممارستها لمعظم بنودها؟

على مستوى العمليات العسكرية، تتمتع الولايات المتحدة بحرية كاملة فيما يتعلق باستخدام الأجواء المصرية، والعبور خلال قناة السويس. هذه الحرية كفلت لها السماح بمرور القوات الجوية الأمريكية عبر الأجواء المصرية لأكثر من 35 ألف مرة، وعبور أكثر من 850 قطعة بحرية أمريكية من المياه المصرية بين عامي 2001 و2005 فقط.

رغم هذه الحرية التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة في العبور من الأجواء والمياه المصرية، لكن لم تكن هناك أي اتفاقية تجبر مصر على التبعية للولايات المتحدة في حالة وجود حرب أو تضارب في المصلحة. هذا الأمر قد تغير، بحسب بعض الآراء، بعد توقيع الجانب المصري على الاتفاقية، يقول الكاتب الأمريكي، ماتيو أكسلرود (Matthew Axelro)، المسؤول السابق عن مكتب الشؤون الأمنية لمصر ودول شمال أفريقيا فى الفترة بين عامي 2005 و2007: «رفض المسئولون العسكريون المصريون على مدار عقود التوقيع على الاتفاقية لما فيها من انتهاك كامل للسيادة المصرية، على الرغم من أن ذلك لم يمنع دول مجلس التعاون الخليجي من التوقيع على هذه الاتفاقية، والذي يكشف الغطاء عن أسباب أخرى خاصة بقرار الرفض المصري».

لتقدير مدى أهمية الدور الذي تقدمه القاهرة لواشنطن في هذا الشأن فإنه ينبغي الإشارة إلى سماح القاهرة للفرقة الرابعة من القوات الأمريكية بالعبور من قناة السويس أثناء توجهها إلى العراق قبيل الغزو الأمريكي لبغداد، في الوقت الذي رفضت فيه تركيا السماح للقوات الجوية الأمريكية بالعبور من خلال مجالها الجوي.

تشير مصادر متعددة إلى أن رغبة الولايات المتحدة في توقيع مصر على هذه الاتفاقية لم تكن من أجل السماح لها بحرية المرور عبر الأجواء والمياه المصرية، أو غيرها من بنود الاتفاقية، لكن السبب الحقيقي كان التأكد من حفاظ مصر على سرية الأسلحة الأمريكية والتكنولوجيا المستخدمة لتصنيعها؛ يأتي ذلك بسبب علم الكونجرس الأمريكي بثماني حوادث قامت فيها مصر باختراق الاتفاقيات الخاصة بحصرية الاطلاع على التكنولوجيا العسكرية الأمريكية التي حصلت عليها القاهرة.