كتب مدير مكتب صحيفة "القدس العربي" في عمان، بسام البدارين، أن الرئيس التركي أردوغان أبلغ الملك عبد الله الثاني، نهاية الصيف الماضي، أن الأئمة والوعاظ الأتراك شغوفون بتعلم لغة القرآن الكريم على يد أساتذة اللغة العربية الأردنيين.
يومها، ينقل كاتب التقرير، لم يتحمس المسؤولون الأردنيون لطلب أردوغان على اعتبار أن أي تنامي في العلاقات مع تركيا بعيدا عن المسار الأمني يمكن أن يكون مكلفا في توازنات الأردن الإقليمية الأخرى.
يبدو أن تعليم وعاظ وأئمة أتراك اللغة العربية في الأردن وبعدد كبير، وفقا لما أورده الصحفي الأردني، أصبح خطوة تخفف من التشنج في العلاقات بين البلدين، حصل ذلك في خطوة لا يمكن إنكار أهميتها الرمزية بعد التقاطع في المساحات بين أنقرة وعمان عند نقطة مكثفة هي ملف القدس والاستحقاق الذي وضع فيه البلدان قرار الرئيس الأمريكي الشهير دونالد ترامب.
الأهم، يقول كاتب التقرير، أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أعلن وهو يستقبل نظيره أوغلو، الاتفاق على توقيع اتفاقية تجارة حرة بين البلدين قبل أن يعلن الملك عبد الله الثاني شخصيا وهو يلتقي قيادات ونخب من قبيلة بني صخر بأنه ذاهب للهند حتى يبحث عن استقطاب تجاري واستثماري، لأن الهند مثل تركيا مهتمة بإفريقيا والعراق.
وقال الصحفي إن الحاجة الاقتصادية، حصريا، دفعت عمان إلى تبني خيارات لا تريدها سياسيا بالعادة مع تركيا تحديدا، وعروض الاستثمار والتعاون التي يقدمها الجانب التركي من المرجح أنها مفيدة ومثمرة بعدما وجد الاقتصاد الأردني نفسه معزولا ويتيما، خصوصا بعد قرار ترامب والقدس وبعد المستجدات التي اخترقت جدار العلاقات الإقليمية وتحالفات الأردن مع الجوار.
العلاقات مع تركيا بهذا المعنى، كما نقل الصحفي، أصبحت أكثر أمنا وأقل ضجيجا ولم تعد خطرة من حيث علاقات الأتراك بالإخوان المسلمين، لأن النسخة الأردنية من التنظيم الإخواني تتفاعل بإيجابية ودخلت في حالة كمون "تكتيكي" طويلة، وأظهرت أنها لا تسعى لاستغلال أي توتر داخلي عبر الاستعانة بتركيا على الحكومة الأردنية.
ورأى أن المضي قدما أيضا بعلاقات أكبر مع تركيا يزعج الشريك والحليف السعودي وكذا الإماراتي والمصري، لكنه ومع غياب جملة اقتصادية تضامنية حقيقية من قبل السعودية تحديدا لا يعتبر تقاربا من النوع الخطر أو الذي يثير الحساسيات بل يستقر في مستوى أنه تقارب أقل خطرا من أي انفتاح محتمل على إيران ولأسباب اقتصادية.
وأفاد الكاتب وجهة نظر المؤسسة الأردنية اليوم تفيد أن خطوات محسوبة من الانفتاح على الأتراك قد تكون أقل ضررا من تجربة مغامرة الانفتاح بصرف النظر عن حجمه وجرعته مع الإيرانيين.
واكتشفت غرفة القرار الأردنية، وفقا لما نقله تقرير الصحيفة، أن التعاون مع تركيا أردوغان لا يفضله السعودي ولا الإماراتي ولا المصري، لكن يمكن تمريره رغم ذلك من دون إغضابهم خلافا لما يمكن أن يحصل مع أي نسخة إيرانية من الاتصال والتنسيق والتعاون. إذ إن "تركيا تقدم نمطا من الإغراء الاقتصادي للأردن، وتفعل ذلك في وقت حرج وأزمة اقتصادية طاحنة تواجهها عمان".
فمنذ ثلاث سنوات، كما نقل الكاتب عن مصدر أردني مسؤول، لم تدفع السعودية ولو دولارا واحدا من حصة المساعدات الاقتصادية والمالية المعتادة وبالرغم من إعداد قانون جديد وإنشاء صندوق للاستثمار المشترك لم تتحرك الآليات واقتصرت الوعود السعودية على حصة وظائف محتملة وفرص عمل للأردنيين في مشاريع "نيوم" على البحر الأحمر بعد إنجازها.
وقال الصحفي إن مثل هذا النكران الاقتصادي والمالي السعودي الكبير للأردن شجع عمان على البحث عن خيارات تجارية واستثمارية مرة مع روسيا وأخرى مع الهند والصين وثالثة مع تركيا. بمعنى آخر، تنامي العلاقات مع الأتراك كان البديل الموضوعي المنطقي الوحيد على برودها مع السعودية خصوصا وأن المواقف تتعاكس عندما يتعلق الأمر بمصالح الأردن العميقة في ملف القدس.