2024-11-25 01:47 ص

النفط الليبي..بين العراقيل المالية والأمنية

2018-02-21
تمثل الثروة النفطية احدى أبرز مكتسبات الشعب الليبي،حيث تعد ليبيا  إحدى أغنى دول الإقليم نفطياً.وبعد الأزمة التي عرفها طيلة السنوات الماضية،شهد القطاع النفطي في البلاد تحسنا ملحوضا ينعش الآمال بتحسن الأوضاع الاقتصادية في البلاد،لكن هذه الآمال مازالت تصطدم بواقع المشاكل المالية والاقتصادية والأمنية التي تهدّد وعود الاستقرار وحياة أفضل للبلد العربي الذي تمزّقه الانقسامات.

وفاجأت ليبيا كثيراً من المراقبين حينما تمكّنت من زيادة إنتاجها ليصل إلى أكثر من مليون برميل يومياً، معززة مصدرها المهم الوحيد للدخل.حيث كشفت شركة جين سكيب الأمريكية،مؤخرا عن تساوي معدلات الإنتاج النفطي الحالية في ليبيا، مع ما كانت عليه في يوليو من عام 2013.وأوضحت الشركة المعنية بمعلومات الطاقة ومتابعة أسواق النفط العالمية في تقرير لها، أن الإنتاج النفطي في ليبيا بلغ في يناير الماضي مليونا وثلاثة وثمانين ألف برميل يوميا من الخام، ومئة وثلاثة وثلاثين مليون برميل من إجمالي السوائل النفطية.

ورغم تحسن معدلات إنتاج النفط في البلاد،فإن التحذيرات من عراقيل تعيق هذا التحسن مازالت تتصاعد بين حين وآخر،آخرها ما جاء على لسان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله،الذى حذر من أن المشاكل المالية التي يشهدها قطاع النفط بالكامل قد تعود بعواقب وخيمة تهدّد مستوى إنتاجه، الذي سيشهد انخفاضًا ملحوظًا في حال استمرت وزارة المالية بالتقاعس في منح المؤسسة مخصصاتها المالية التي تحتاجها لإتمام عدد من المشاريع وتسديد رواتب موظفيها.

وكشف صنع الله في بيان نشرته المؤسسة،الثلاثاء، أن تأثير المختنقات المالية التي تواجهها المؤسسة سيُعطل مُقترحات مخططات التطوير التي من المفرض أن يتم تنفيذها لتعزيز قطاع النفط ودعم إنتاجه. وجاء ذلك عقب الاجتماع الذي عقده رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مع رئيس لجنة إدارة شركة الجوف للتقنية النفطية مجدي جبريل الدرسي، لمناقشة المشاكل والصعوبات التي تعرقل سير عمل الشركة وكيفية إيجاد الحلول المناسبة لها.

وتتلقى المؤسسة الوطنية للنفط ميزانيتها عن طريق البنك المركزي والحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس.وفي منشور لها على حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك،قالت المؤسسة إن "اي تلكؤ من قبل وزارة المالية لصرف ميزانية المؤسسة الوطنية للنفط لسنة 2018 في المواعيد المحددة سيعطي إشارة واضحة للشعب الليبي أن وزارة المالية لا تريد لإنتاج ليبيا النفطي أن يتعافى".وبينت المؤسسة أن "حقولٌ ومحطات وآبار ومنظومات خارج الخدمة إلى الآن وهناك خطة طموحة وشاملة للمؤسسة الوطنية للنفط يُراد تنفيذها في سنة 2018 ستساهم بشكل كبير في زيادة الإنتاج واستقراره متسائلة "لمصلحة من يتم عرقلة ذلك؟".

وليست هذه المرة الأولى التي تشتكي فيها المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا،من الصعوبات المالية،ففي يناير الماضي،تطرق صنع الله خلال حديثه أمام مؤتمر "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للطاقة" الذي نظمّه المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، إلى صعوبات تواجه عودة إنتاج الخام الليبي إلى معدلاته الطبيعية بسبب القيود المستمرة على ميزانية المؤسسة الوطنية للنفط، مشيرًا إلى أن المؤسسة تلقت 50% فقط من ميزانيتها المخصصة خلال العام 2017.

وفي يوليو الماضي،قال صنع الله لرويترز في طريق عودته من زيارة لحقل الشرارة وحقل الفيل الواقع في جنوب غرب البلاد "ما لم يتوافر لنا المال، لن نكون فحسب غير قادرين على زيادة الإنتاج بل إننا لن نستطيع الحفاظ عليه حتى.. إلى الآن لم نحصل على درهم واحد".

وساءت العلاقات بين حكومة الوفاق الوطني والمؤسسة الوطنية للنفط بسبب خلاف تعاقدي مع شركة فنترشال الألمانية للنفط التي تملك امتيازين في الشرق. واتهمت مؤسسة النفط الليبية،في مايو 2017، الحكومة باستغلال الخلاف لبسط سلطتها على قطاع النفط واتهمت فنترشال بالتواطؤ مع حكومة الوفاق الوطني.وقال صنع الله إن السياسيين بحاجة إلى وقف التنافس على السيطرة على الموارد النفطية ومنح المؤسسة الوطنية للنفط الموازنة التي تحتاجها.

وتعاني ليبيا من أزمة مالية حادة بسبب حالة الانقسام السياسي والانفلات الأمني وغياب مؤسسات الدولة والحروب التي دارت رحاها في عدد من المدن الليبية منذ عام 2014،والإغلاق القسري للموانئ والحقول النفطية وما نتج عنه من تدنٍ حاد في الإيرادات النفطية، المصدر الوحيد لتمويل الميزانية العامة.

على صعيد آخر،مازالت التهديدات الأمنية تلقى بظلالها على قطاع النفط في ليبيا،في ظل تواصل  هجمات الجماعات المسلحة على الموانيء وتعرض المنشآت النفطية للنهب وخاصة في مدن الجنوب التي يشتكي المواطنون فيها من نقص حاد في وقود ، منذ عدة أشهر ما أدى إلى اصطفافهم أمام محطات التزويد لساعات طويلة، واضطرارهم إلى شرائها من سوق السوداء بأسعار خيالية.

ففي بيان لها،الثلاثاء 20 فبراير 2018،أكدت شركة البريقة لتسويق النفط  توفر الوقود بمستودعاتها في طرابلس ومصراتة والزاوية،لكنها أشارت إلى أن عدم تأمين الطرقات الذي يؤدي إلى تهديد وسلب شاحنات نقل الوقود هو ما أجبر الجمعيات وشركات النقل على التوقف عن تزويد مستودع سبها النفطي باحتياجاته من المنتوجات النفطية.

وأشارت الشركة إلى أن السائقين يتعرضون للسرقة والتهديد على الطرق الرئيسية، والسطو على شحناتهم المحملة تحت تهديد السلاح.مؤكدة أنها ناشدت أكثر من مرة الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية بشأن تأمين الطرقات إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات لذلك.وجددت الشركة مناشدتها الأجهزة الأمنية تحمل مسؤولياتها حتى تتمكن الشركة من توفير الوقود خدمة للجنوب بحسب البيان.

ودائما ما يشتكي سكان مدن الجنوب الليبي من أزمة نقص المحروقات، والخدمات، مما أدى إلى انتعاش السوق السوداء. وفي أكتوبر /تشرين الأول الماضي، أمهل المجلسين؛ البلدي، وأعيان وحكماء سبها، سلطات طرابلس 72 ساعة لتزويد المدينة بالوقود، مهددين بإغلاق حقلي "الفيل" و"الشرارة" ومنظومة "النهر الصناعي" (مصدر تدفق المياه في ليبيا)، إذا ما لم يتم توفير الوقود لجنوب البلاد.

ولدى ليبيا أكبر مخزون للنفط في أفريقيا،وتعد إحدى أغنى دول الإقليم نفطياً، إذ تقدر الاحتياطات النفطية المؤكدة فيها بنحو 46.6 مليار برميل، وهي الأكبر في إفريقيا.وقبل الأزمة التي تعاني منها منذ العام 2011، كانت ليبيا تنتج 1.6 مليون برميل نفط يوميا في المتوسط.وسجلت ليبيا خسائر خلال السنوات الأربعة الماضية، بقيمة تخطت 140 مليار دولار بسبب الإغلاق المتكرر لحقول وموانئ النفط وانخفاض أسعاره في السوق العالمية.ثم جاءت إستعادة قوات الجيش الليبي السيطرة على منصات نفط رئيسية في منطقة الهلال النفطي الساحلية، المخزون الأكبر من النفط في ليبيا،منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016،لتمثل مجالا لزيادة الانتاج.



"بوابة افريقيا"