ستعلن المملكة العربية السعودية في الشهر المقبل، أسماء الشركات الفائزة بالمناقصة لبناء مفاعلين للطاقة النووية في الصحراء.
وبحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست، فإن المفاعلات النووية بالنسبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مسألة هيبة وقوة دولية، وهي خطوة نحو مطابقة البرنامج النووي للمنافس الإقليمي إيران، ومن جهة أخرى ستساهم في إشباع العطش المحلي في المملكة للطاقة.
أما بالنسبة لإدارة ترامب، فإن المسابقة تضع ترامب أمام خيار شائك، بين تعزيز الشركات الأمريكية بقيادة "ويستينغهاوس" بهذه الصفقة التي تبلغ مليارات الدولارات، وبين مكافحة الانتشار النووي، فإذا أرادت إدارة ترامب دعم "ويستينغهاوس" سيكون عليها التخلي عن بعض الضوابط التي تقيد الانتشار النووي، الأمر الذي من شأنه أن يزيد التهديدات الأمنية ويشجع الدول في الشرق الأوسط على اتباع المسار نفسه.
ونقلت الصحيفة عن جون وولفستول المستشار في مجال الأسلحة النووية الذي عمل مساعدا خاصا للرئيس السابق باراك أوباما لشؤون الحد من التسلح ومنع الانتشار النووي، أنه "في حال توصل السعوديون إلى الاتفاق من دون وجود أي قيود سيشكل الأمر سابقة خطيرة في المنطقة وتحولا لافتا في السياسة النووية الأمريكية القائمة منذ 50 عاما".
وتعد هذه القضية اختبارا لسياسة ترامب الخارجية وبراعته التفاوضية، فقد زار صهره جاريد كوشنر ووزير الطاقة ريكي بيري الرياض عدة مرات، للتقرب من ولي العهد السعودي والفوز بصفقات مربحة للشركات الأمريكية مع ذلك فإنه لم يتحقق الا القليل منها، بحسب واشنطن بوست.
ومع الزيارة المرتقبة لولي العهد محمد بن سلمان إلى واشنطن تقترب المهلة المحددة للشركة الأميركية من الانتهاء، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق دبلوماسي تبدو "وستينغهاوس" ومجموعة كورية جنوبية معرضتين للاستبعاد من المناقصة لمصلحة شركات روسية وصينية رسمية.
وكانت خمس شركات عالمية بمن فيهم الشركة الأميركية قدمت عروضاتها إلى المسؤولين السعوديين في منتصف تشرين الثاني الماضي، وقال وزير الطاقة السعودي في كانون الأول إنه يطمح لتوقيع العقود بحلول نهاية العام لكن ذلك لم يحصل.
وبحكم قانون 123 وهو مادة في قانون الطاقة الذرية الأمريكي، يفرض القانون على السعودية قيودا على تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود المستهلك وكلاهما يمكن استخدامهما في إنتاج قنابل نووية.
وقالت "واشنطن بوست" إن تزويد السعودية بالقدرة النووية أحدثت انقساما في دوائر صنع القرار السياسي في واشنطن، ونقلت عن هنري سوكولوسكي المدير التنفيذي لمركز سياسة حظر الانتشار النووي الذي عمل في البنتاغون في عهد جورج بوش الابن، تساؤلاته عن استقرار المملكة "حيث إن المفاعلات ستبقى قائمة لما لا يقل عن أربعين عاما ولمدة أقصاها ثمانين عاما وهي المدة الكافية لأن يتغير العالم بأكمله".
لكن آخرين قالوا إنه في حال عدم قيام الولايات المتحدة ببناء هذين المفاعلين فإن الروس أو الصينيين سيقومون بذلك ولكن مع توفير ضمانات أقل ضد الانتشار وبما يؤدي إلى تآكل القوة الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة، بحسب الصحيفة.
وقال روبرت إينورن الباحث في معهد بروكينغز والمستشار السابق لشؤون حظر الانتشار النووي وحيازة الأسلحة في وزارة الخارجية الأمريكية إنه "يفضل الصناعة النووية الأميركية في السعودية على الروسية أو الصينية لذلك سيكون من المفيد الاتفاق مع السعوديين مجددا"، مشيرا إلى أنه يجب على واشنطن محاولة الحصول على أفضل القيود على عملية التخصيب وإعادة معالجة النفايات النووية بما في ذلك حظر القيام بذلك لمدة تتراوح بين 20 و25 عاما.
وقالت الصحيفة إن المملكة العربية السعودية تسعى إلى اكتساب الهيبة والنفوذ مثل جارتها الإمارات العربية المتحدة التي اتفقت مع كوريا الجنوبية على بناء أربعة مفاعلات نووية.
ولكن الإمارات وقعت أيضا على اتفاقية 123 في كانون الثاني 2009. واتفقت على عدم إثراء أو إعادة المعالجة، على الرغم من أن هناك فقرة تقول إنها يمكن أن تعيد النظر إذا بدأ الآخرون في المنطقة بذلك.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، يقول غاري سامور، المنسق السابق للرقابة على الأسلحة في البيت الأبيض: "خلال إدارة أوباما، وصلنا إلى طريق مسدود، أردنا منهم أن يقدموا التزاما مماثلا لما فعلته أبوظبي، ولكن لم نتغلب على هذه المسألة في مفاوضاتنا".
وبحسب الصحيفة، فإن السعوديين الآن لديهم سبب جديد للضغط، وهو الاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما والحلفاء الآخرون مع إيران والذي وصفه ترامب بأنه "أسوأ صفقة على الإطلاق"، وقد أشارت الحكومة السعودية إلى أن بعض البنود ستنتهي بعد 15 عاما.
ويقول العديد من الخبراء في المملكة العربية السعودية إن المملكة تريد برنامجها الخاص لردع إيران أو موازنتها، وبناء بنية تحتية نووية يمكن أن تتحول أغراضها إلى عسكرية.
وقال كريستوفر فورد مساعد وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي، إن صفقة إيران "جعلت من الصعوبة إلزام السعودية بقانون 123".