نتهج الصين استراتيجية بعيدة النظر في القطب الشمالي، وبدأت فصول المنافسة والمواجهة في استغلال الثروات هناك. ويعرف القاصي والداني أن «شهية» الصين مفتوحة. فهي تمد أذرعتها في كل مكان فيه ثروات باطنية، سواء كانت من النفط أو الغاز أو المعادن الثمينة. ولذا، لن تهمل آخر رقعة بكر على وجه المعمورة، أي المنطقة القطبية الشمالية، يقول مالتي هامبرت، مؤسس «معهد المتجمد الشمالي (آركتيكا)». وأبرز دليل على استيقاظ «التنين القطبي» أو المارد القطبي من سباته، هو الكتاب الأبيض الصيني الموسوم بـ «سياسة الصين في القطب الشمالي». وصدر الكتاب هذا عن مجلس الدولة في جمهورية الصين الشعبية في نهاية كانون الثاني (يناير) المنصرم. وعلى رغم أن الصين ليست دولة قطبية، إلا أنها تسعى سعياً حثيثاً إلى المشاركة في استغلال موارد المنطقة. وفي هذا السياق، رد مسؤول صيني كبير على سؤال وسائل الإعلام عن دور الصين في المنطقة القطبية، وقال: «...أولاً، لن نتدخل في أي شيء، وثانياً، لن نغيب».
والى وقت قريب، لم تولِ البلدان القطبية أهمية لنشاط الصين المتعاظم في المنطقة. أما «الصحوة» أو المنعطف فبدأ في 2016، حين حاول رجال أعمال صينيون شراء قاعدة عسكرية دنماركية سابقة هناك. وبعد إغلاق القاعدة هذه في 2014، بيعت الى القطاع الخاص. إلا أن حكومة الدنمارك أعادت استملاكها للحؤول دون وقوعها في شباك الصين، في وقت تسعى بكين الى شراء موانئ في آيسلندا وكيركينيس في شمال شرق النروج [وهي اشترت عدداً من الموانئ الأوروبية في اليونان وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا]. والحق يقال روسيا هي شريكة الصين الأبرز في استغلال المنطقة القطبية.
ويقول مارك لانتين، الاختصاصي في شؤون الصين وشرق آسيا والمنطقة القطبية، في جامعة ماسي النيوزلاندية أن الصينيين لا يخفاهم أبداً أن روسيا هي الجسر الى بلوغ مصالحهم الصينية في المنطقة القطبية. ولذا، شاغل البلدين هذين هو التعاون الاقتصادي لاستغلال هذه المنطق. وعلى رغم بعد الصين الجغرافي عن المنطقة القطبية، يتوقع أن تحتل في المستقبل القريب صدارة المستثمرين الأساسيين للثروات الطبيعية هناك. فهي تعد خططاً بعيدة المدى. ولا تقتصر ولاية الحكومة الصينية على خمس سنوات. وعليه، تعد الصين العدة للعب دور بارز في العقدين المقبلين أو العقود الثلاثة المقبلة، أي حين تتصدر المنطقة القطبية الأولويات الدولية.
* عن «أوراسيا ديلي» الروسي، 3/2/2018،