2024-11-25 11:54 م

سرّ العلاقة بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد

2018-01-26
كثر الحديث عن العلاقة التي تجمع ولي عهد الإمارات وولي العهد السعودي. هل هي علاقة تبعية أم مصلحة مشتركة؟ وما هي هذه المصلحة؟ سينشغل محمد بن سلمان عام 2018 في التعاطي مع الجبهات المفتوحة التي بدأت في عصره، وتفكيك المخاطر القابلة للانفجار في أي لحظة. الأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد تفنّد هذه المخاطر وتحلّ الأسئلة المتعلقة بالملفات العالقة على مكتب بن سلمان. هنا الجزء الثاني من المقابلة ضمن ملف "2018.. المخاض العسير".

المنطقة العربية ستبقى مضطربة عام 2018. ما دام هناك غياب لمبادرة تتبناها قوة عالمية غير منحازة يصعب تجنيب المنطقة الكارثة الإنسانية. بغياب الحوار بين القوى الإقليمية قد تتوسع هذه البؤرة المضطربة لتشمل عُمان وقطر. أصبح مستقبل العالم العربي مرهون بشخصين: محمد بن زايد ومحمد بن سلمان. من غير المعقول أن يقوم هذان الشخصان بهذا العمل وتمرير مخطط معيّن من دون دعم خارجي. أول بوادر المخطط هو التطبيع مع إسرائيل.

المصلحة التي تجمع المحمدين

تربط بين ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان علاقة شخصية. تم التداول في الإعلام حول تبعية بن سلمان لبن زايد ودور الثاني في إقناع الرئيس الأميركي بدعم الأمير الشاب لإيصاله إلى العرش. يريد كل من الأميرين السيطرة على الخطاب السياسي وعلى استراتيجية المنطقة بكاملها.


لكن ينبغي مقاربة الموضوع من منظور أبو ظبي. محمد بن زايد يريد من محمد بن سلمان أن يهزم الوهابية المتطرفة في عقر دارها. إذا لم يهزم هذا الفكر سيظل يفرّخ كما ترى أبو ظبي، الأمر الذي يهدد بتقويض النموذج الإماراتي.


السعودية معقل داعش والقاعدة وأخواتها. هي دولة مؤدلجة بنيت على شرعية أنها حامية الإسلام، بينما لا توجد في الإمارات إيديولوجيا سوى إيديولوجيا السوق. تعمل الإمارات على تكريس نفسها بوابة العالم العربي الاقتصادية، سنغافورة العرب، لكن المخطط الوهابي وامتداده يهدد هذا الموقع.


الإمارات دولة وظيفية عندها قواعد عسكرية. أمنها مرتبط بالهيمنة الأميركية على المنطقة. طموحها الاقتصادي يمتد إلى القرن الإفريقي. سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة يحاول أن يلعب الدور الذي لعبه سابقاً بندر بن سلطان لأكثر من 20 عاماً. بعد بندر خلت الساحة في واشنطن من شخصية عربية تمرر المخططات الأميركية وجاء الآن دور العتيبة.


لماذا يحتاج بن سلمان إلى بن زايد؟


في السابق كانت هناك خلافات بين السعودية والإمارات. خلافات تاريخية وحدودية. بتنا نعرف ماذا يريد ولي عهد الإمارات من السعودية، ولكن لماذا يحتاج محمد بن سلمان إلى بن زايد؟

محمد بن زايد فتح الاقتصاد الإماراتي منذ تسعينات القرن الماضي. استقطب كل الشركات وكان عنده هدف. أصبحت الإمارات مركزاً. يتواجد فيها أوروبيون وأميركيون. ورثت البحرين كمركز تجاري ومصرفي للعالم العربي بعدما ورثت الأخيرة بيروت لفترة قصيرة إثر اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية ابتداء من العام 1975.

يحتاج بن سلمان إلى بن زايد في هذه المرحلة. يحتاج خبراته. كل الشركات العالمية التي تدخل السعودية، من شركة ماكنزي إلى البنوك، كلها تدار من دبي. دبي مركز سيطرة للاقتصاد السعودي. لا يوجد شركة عالمية تريد أن تأتي بجميع موظفيها إلى الرياض. ستستفيد الإمارات اقتصادياً من الانفتاح الاقتصادي السعودي بسبب خبرتها. لديها اليد العاملة الأجنبية أكثر من السعودية. عندها حرية بدائية. هي مركز بعيد من الوهابية للسيطرة على الاقتصاد السعودي.


المستنقع والمخرج الصعب

بمعزل عن علاقة المحمدين سوف يتعين على السعودية أن تتعامل هذا العام مع مجموعة تحديات. الحرب التي تشنها على اليمن، وعملية الانتقال السياسي في الداخل وما خلّفته من ثارات مبيتة، إضافة إلى النمو الاقتصادي ومعالجة عجز الميزانية والبطالة.

في الملف اليمني لم يتحقق لمحمد بن سلمان النصر المشتهى. غرق في مستنقع لا يستطيع الخروج منه إلا بوقف العمل الحربي. حتى الحوار لم يعد ممكناً.  خسر حلفاءه هناك. أكثر من 11 ألف مواطن يمني قتلوا من جميع الأطراف وليس فقط من "أنصار الله".

الملف اليمني في مراحل سابقة كان يدار بطريقة شخصية بين وزير الدفاع آنذاك الأمير سلطان بن عبدالعزيز وشخصيات قبلية وسياسية في اليمن. بموت سلطان أصبح الملف اليمني معقداً بالنسبة لمحمد بن سلمان. بعد ثلاث سنوات على الحرب لا يبدو أن هناك مخرجاً للمأزق السعودي.هذه الأزمة ستستمر لأن ترامب لا يعير هذا الموضوع أي اهتمام. بالنسبة له هي جبهة مفتوحة ومصدر لبيع السلاح.


الثارات المبيتة

محمد بن سلمان سيكون معظم شغله عام 2018 هو التعاطي مع الجبهات المفتوحة التي بدأت في عصره.

الجبهة الأولى، هي الجبهة الداخلية لاسيما علاقته مع الأمراء الآخرين. سعى إلى إزاحة جميع هؤلاء حتى يتمكن من تولي العرش. هذا أمر مفروغ منه الآن. إنها مسألة وقت حتى يتولى العرش إلا إذا حصل ما لم يكن في الحسبان. وجود الملك سلمان شكّل له غطاءً شرعياً وتمهيداً لاستلامه الملك إلا إذا حصلت اضطرابات أخرى.

هذا الملف سيبقى عالقاً عام 2018. وهنا يطرح السؤال: ما هي الصفقة التي ستتم بين الأمراء المسجونين وبين محمد بن سلمان؟ وإذا تمت الصفقة ودفعوا المال المطلوب ما هو مصيرهم بعد ذلك؟ هل سيرضخون كأمراء سجنوا؟ ما هي الثارات التي ستظهر على السطح.

نحن نعلم أن هناك تنافساً على السلطة بين أفراد العائلة الحاكمة. بن سلمان قام بخطوة جريئة جداً وغير مسبوقة. عزل محمد بن نايف ومتعب بن عبدالله عندما كانا في قمة قوتهما السياسية والعسكرية. جرى ذلك من دون أي حراك من قبل الأمراء الآخرين خوفاً من التبعات. هذه الجبهة تفرض نفسها على بن سلمان وهي غير معلومة النتائج بعد.






الجبهة الأولى، هي الجبهة الداخلية لاسيما علاقته مع الأمراء الآخرين. سعى إلى إزاحة جميع هؤلاء حتى يتمكن من تولي العرش. هذا أمر مفروغ منه الآن. إنها مسألة وقت حتى يتولى العرش إلا إذا حصل ما لم يكن في الحسبان. وجود الملك سلمان شكّل له غطاءً شرعياً وتمهيداً لاستلامه الملك إلا إذا حصلت اضطرابات أخرى.

الجبهة الثانية تتمثل بالإصلاحات الاقتصادية. بن سلمان وعد المجتمع السعودي الشاب بكثير من الإصلاحات الخيالية التي تنهض بالاقتصاد السعودي إلى مرحلة ما بعد النفط. منذ توليه منصب ولي ولي العهد ثم ولي العهد عام 2015، وهو يحاول أن يستقطب الاستثمار، وينوّع الاقتصاد السعودي. لكن حتى هذه اللحظة لا توجد نتائج.
نلاحظ من ميزانية الدولة أن ما يصرفه بن سلمان حتى اللحظة يفوق مدخوله النفطي. هذا الملف عالق. هل سيتم تخصيص شركة أرامكو للحصول على عوائد مباشرة؟
بحسب كثير من المحللين يصعب ذلك عام 2018. التنوع الاقتصادي وبناء المدن الجديدة كمدينة نيوم لم تؤد حتى اللحظة إلى تدفق الاستثمارات بسبب الخوف مما حصل بعد أن تم سجن الكثير من رجال الأعمال.
هذه الإصلاحات المزعومة لها جانب ديني واجتماعي. هو وعد المجتمع السعودي وكذلك الغرب أنه سيكون عراب الإسلام السياسي المعتدل. جرت خطوات عدة منها السماح للمرأة بقيادة السيارة، وإنشاء هيئة الترفيه والسماح بالاختلاط في حفلات غنائية. حتى اللحظة لم يظهر أي صوت معارض بسبب الخوف من تداعيات ذلك.


المبادرة التي لم تأتِ

بالانتقال من الداخل إلى ملف الإقليم، لا يمكن أن تصل الصراعات في العالم العربي إلى نتيجة إلا بحوار يجمع السعودية وتركيا وإيران.
لا توجد قوة عالمية تشجع هذا الحوار، لا روسيا ولا الولايات المتحدة، بينما عمل الغرب لأكثر من 60 عاماً على تشجع عمليات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.
بالمقابل تغيب اليوم أي مبادرة لتشجيع الحوار الإيراني السعودي، الأمر الذي يضر بمصلحة المنطقة العربية. بالنهاية لا يمكن أن نلغي إيران ولا السعودية ولا تركيا. أوروبا خضعت لمثل هذه المخاضات العسيرة في عصر الامبراطوريات الأوروبية. وعندما جاء مؤتمر فيينا في منتصف القرن التاسع عشر تم تقاسم النفوذ ووفرت القوى الأوروبية على نفسها عناء الحروب. لماذا نحن لا توجد عندنا أي مبادرة؟ لماذا لا نتخلص من الحروب بالوكالة التي تجنب منطقتنا كل هذا الدمار؟.


المصدر : الميادين نت