2024-11-25 09:33 م

التقشف يجتاح العالم العربي..

2018-01-11
تتجه بلدان عربية لرفع الدعم عن الوقود وزيادة أسعار بعض السلع والخدمات وفرض ضرائب للمرة الأولى في تاريخها، في محاولات لزيادة الإيرادات وتحسين أوضاعها الاقتصادية التي تضررت كثيراً في السنوات الأخيرة.

تلك الدول، تعلل الأسباب وراء اتخاذ تلك الإجراءات التقشفية الصعبة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي يتوقع أن تتحسن تدريجياً خلال العام الجديد 2018.

ولعل تقليص دعم الخبز أو إلغاءه كان المتصدر للمشهد في مناقشات الموازنة العامة لتلك الدول مؤخراً، التي سعت بشكل كبير للموازنة بين المطالب الاجتماعية بتخفيف ضغوط الغلاء والحد من عجز الموازنة.

وقوبلت هذه القرارات باحتجاجات وردود فعل غاضبة في الكثير من الدول منها تونس والسودان، وسط مخاوف من انفلات الأسعار مع غياب الرقابة على الأسواق، وهو ما سيؤثر سلباً على أوضاع المواطنين والمقيمين في تلك الدول.


ضغوط مالية


مدير إدارة الأصول لدى "الفجر" للاستشارات المالية، مروان الشرشابي، قال إن الغالبية العظمى من الدول العربية الأبرز، لجأت في الآونة الأخيرة إلى رفع الدعم وزيادة أسعار السلع، وربما فرض ضرائب، في محاولات من جانبها لمعالجة الاختلالات والضغوط المالية التي تعاني منها.

"الشرشابي" أضاف: الإصلاحات التي تتخذها الدول العربية ضرورية وهامة، ولطالما طالب بها صندوق النقد الدولي، لكن لا بد من مراعاة الطبقة الفقيرة ومتوسطة الدخل، التي ستعاني بشكل كبير من تداعيات تلك القرارات على مستوى المعيشة.


زيادة الرواتب


المحلل والخبير الاقتصادي جمال عجيز (مصري مقيم في الإمارات) اتفق مع الرأي السابق، لكنه حذّر في الوقت ذاته من ارتفاع نسبة الفقراء بسبب تلك الإجراءات الحكومية، وعدم مقابلتها بزيادة في الرواتب.

"عجيز" أضاف: تمثل تلك الإصلاحات خطوة هامة في مسيرة الدول العربية، لكن ستكون هناك تداعيات سلبية متوقعة، تتمثل في موجات تضخمية قوية بعد تقليص أو رفع الدعم عن الوقود وزيادة أسعار السلع.


تونس


كانت البداية مع تونس، مع تصاعد الغضب منذ إعلان الحكومة عزمها رفع أسعار البنزين وبعض السلع، وزيادة الضرائب على السيارات والاتصالات والإنترنت والإقامة في الفنادق، اعتباراً من يناير/كانون الثاني الجاري، في إطار إجراءات تقشف اتفقت عليها مع المانحين الأجانب.

كما شملت الإجراءات التي تضمنتها موازنة 2018، خفض 1% من رواتب الموظفين للمساهمة في سد العجز في تمويل الصناديق الاجتماعية.

ويبلغ حجم موازنة تونس للعام الجاري، 36 مليار دينار (15 مليار دولار)، وتتوقع الموازنة عجزاً يبلغ 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي.

موجة الاحتجاجات في تونس، تزامنت مع الذكرى السابعة للتظاهرات العارمة التي اجتاحت البلاد في 2011، بسبب تفشي الفساد والبطالة وأطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، في مستهل ما أطلق عليه بـ"ثورات الربيع العربي".

وتعاني تونس من مشكلات اقتصادية متزايدة، وتواجه ضغوطاً قوية من المقرضين الدوليين لفرض إصلاحات تستهدف خفض العجز في الميزانية وإصلاح المالية العامة.


السودان


ولم يكن الوضع في السودان أحسن حالاً عن تونس، إذ خرجت احتجاجات على رفع أسعار الخبز في العاصمة الخرطوم، وانتشرت في مدن في جنوبي البلاد، في الوقت الذي ألقت فيه السلطات القبض على أحد قيادات المعارضة، وصادرت صحفاً في محاولة لإخماد اضطرابات متنامية.

المظاهرات في الخرطوم، جاءت في أعقاب احتجاج مماثل في مدينة سنار (جنوب شرق)، بعد مضاعفة سعر الخبز في الأيام الأخيرة، عقب إعلان الحكومة في أواخر الشهر الماضي أنها ستلغي الدعم في موازنة 2018.

وأحدثت الزيادات في الأسعار غضباً شعبياً بسبب أسعار الخبز الجديدة، بعد أن أعلنت المطاحن الرئيسية في البلاد زيادة أسعار شوال الطحين بنسبة 200%. 
ودعت أحزاب معارضة، الشعب السوداني للخروج في احتجاجات سلمية لمناهضة القرارات الاقتصادية.

وصادق البرلمان السوداني مؤخراً على الموازنة المالية للعام 2018، التي أقرت رفع الدولار الجمركي إلى 18 جنيهاً بدلاً عن 6.9 جنيه، فضلاً عن رفع تعريفة الكهرباء لقطاعات الصناعة والزراعة والتجارة.

ويتجاوز استهلاك السودان من القمح مليوني طن سنوياً، في حين تنتج البلاد ما لا يتجاوز 12 إلى 17% من الاستهلاك السنوي، فيما تعاني الحكومة من عجز في توفير اعتمادات العملة الصعبة لاستيراد القمح، التي تتجاوز ملياري دولار سنوياً.

وأعلنت الحكومة السودانية، خلال وقت سابق من الشهر الماضي، عن موازنة العام 2018 بإجمالي عجز مقدر يبلغ 28.4 مليار جنيه (4.11 مليار دولار)، تشكل نسبته 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي.


الأردن


قررت الحكومة الأردنية رفع أسعار الخبز، بداية شهر فبراير/شباط المقبل، مع تقديم دعم نقدي للفئات المستحقة بدلاً عنه، وفقاً لتصريحات وزير الصناعة والتجارة، يعرب القضاة.

وتأتي قرارات الحكومة الأردنية بعدما حصلت مؤخراً على موافقة البرلمان على برنامجها المالي، وخطط رفع الأسعار وفرض الضرائب.

وبموجب القرار الحكومي من المرتقب أن ترتفع أسعار الخبز بنسب تتراوح بين نحو 66 إلى 100%، على أن تسري الأسعار الجديدة لمدة عام على أن يعاد النظر فيها بعد ذلك، وتغييرها بحسب أسعار القمح عالمياً، وكلف الإنتاج من أسعار محروقات وغيرها.

وأثارت هذه القرارات مخاوف الأردنيين من تراجع القدرات الشرائية للمواطنين، نتيجة لزيادة الإنفاق على الغذاء والمتطلبات الأساسية، ما يضعف حركة السوق ويضر الاقتصاد بشكل عام.

ويسعى الأردن للسيطرة على نفقاته مع تراجع المنح الخارجية خلال الفترة الأخيرة وتزايد أعبائه بسبب استضافة اللاجئين.

ويقدر عجز موازنة البلاد في 2018، بنحو 1.243 مليار دينار (1.752 مليار دولار)، بنسبة 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

وكان الأردن لجأ إلى صندوق النقد في 2012، بعد أن تفاقمت أزمته المالية، ونصح الصندوق البلاد بترشيد نفقات الدعم التي تلتهم ربع نفقات الموازنة تقريباً.


السعودية


ومطلع العام الجاري، دخلت ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات في السعودية بواقع 5%، حيز النفاذ.

وقررت السلطات السعودية مطلع الشهر الجاري، رفع أسعار البنزين بداية من العام الميلادي الجديد 2018 بنسب تراوحت بين 82% و126%، كما دخل الأسبوع الماضي قرار 
رفع التعريفة لأسعار الكهرباء في البلاد.

وتوقعت الحكومة السعودية أن يرتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة بنسبة 5.7% في 2018، مع تحسن النشاط الاقتصادي وتطبيق بعض التدابير الإيرادية وتصحيح أسعار الطاقة.

وشهدت المملكة خلال العام الماضي، تطبيق الضريبة الانتقائية بواقع 100% على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة، وبنسبة 50% على المشروبات الغازية.
والشهر الماضي، أعلنت السعودية عن موازنة العام 2018، بإجمالي نفقات تبلغ 978 مليار ريال (260.8 مليار دولار)، وعجز مقدر يبلغ 195 مليار ريال (52 مليار دولار).