حالة الغضب الكامنة داخل الأسرة الحاكمة في السعودية، بسبب تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد واحتجازه عشرات من الأمراء في السجون؛ خرج الأمير السعودي خالد بن فرحان آل سعود عن صمته في ملجأه بألمانيا، بإصدار كتابه الجديد عن الأوضاع الداخلية في السعودية تحت عنوان «مملكة الصمت والاستعباد في ظل الزهايمر السياسي».
سبق أن كشف الفرحان، في حوار مع قناة «دويتشه فيله» الألمانية في 7 نوفمبر 2017، عن قيام مجهولين باقتحام منزله في ألمانيا بحثاً عن الكتاب، ووصف السعودية حينها بأنها «مملكة ظلم واستبداد».
وتعرّض الأمير السعودي -الذي درس العلوم السياسية في مصر- للتمييز والاضطهاد إلى أن قرر عام 2013 الانشقاق عن الأسرة الحاكمة، ليحصل لاحقاً على حق اللجوء السياسي في ألمانيا.
ويتوقّع الكتاب، الذي يحمل على صفحته الأولى «حقائق وخفايا»، سقوط المملكة السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ونجله محمد، وأرجع الأمير المنشق سبب تسمية للكتاب بهذا الاسم إلى أن النظام السياسي السعودي هو نظام ملكي مطلق وبوليسي وديكتاتوري ومستبد.
وكشف الأمير السعودي المعارض للأسرة الحاكمة عن كتابه في عدة تغريدات على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حيث قال: «إن مشاكل السعودية المرتبطة بالفساد السياسي والمالي باتت عميقة لا يمكن علاجها إلا من خلال تغيير جوهري شامل».
وشرح الفرحان محتوى الكتاب الجديد في تغريدات طويلة، قائلاً: «لا يمكن تحقيق أي تغيير إلا بوسيلة من وسائل الضغط، سواء السياسي أو الإعلامي أو الشعبي، ولا ينبغي التعويل في التغيير إلا من خلال الجهد الحقيقي الداخلي الشعبي». واعتبر أن «الواقع المؤسف المرير الذي تمر به اليوم المملكة والعالم العربي والإسلامي يدعو إلى التأمل في أسباب هذا الهبوط الكبير الذي نحن بصدده الآن، وما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل القريب».
وأضاف الفرحان» «لقد استقرأت المستقبل، ولذلك أعلنت انشقاقي ومسبباته عام 2013، ومن ثم استكملت ببعض التغريدات على حسابي بـ «تويتر»، كاشفاً مسيرة هذا الإخفاق في السياسة السعودية، الذي لم يؤثر فقط على مواطني المملكة وسمعة بلاد الحرمين بل تعدى ذلك إلى محاولات إضعاف الإسلام والمسلمين، والسعي المتعمد وراء إذلال وطمس الشعب السعودي وباقي الشعوب العربية».
وتابع: «لذا أود أن أذكر إعادة لأهم هذه المحطات التي أشرت إليها منذ خمس سنوات وحتى الآن، ومدى صحتها وتحققها على أرض الواقع في الوقت الراهن؛ فقد صرّحت أن السلطة في المملكة لا تلتزم بشرع الله، ولا حتى بأنظمتها الوضعية، وسياساتهم وقراراتهم وتصرفاتهم تحكمها إراداتهم وأهواؤهم الشخصية، وكل ما يصدره النظام من اعتباره المزعوم للشرع إنما يُدار بطريقة شكلية ليعطي انطباعاً كاذباً بالالتزام بالشرع».
واستكمل: «اتضح للجميع بطريقة واضحة لهث وهرولة محمد بن سلمان لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، وتحقيق جميع مصالحهم على حساب مصالحنا ومستقبلنا ومصيرنا، عن طريق التخلي تماماً عن ثوابتنا الدينية، و»أمركة» المجتمع والسعي الحثيث للتطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني لكسب رضاهم عنه بغرض تنصيبه في الحكم». ومضى بالقول: «طرحت مسبقاً للعلن التسريب المؤسف الذي تلقيته من أحد أقاربي النافذين المطلعين المخلصين في العائلة، وأهميته ليست فقط للشعب السعودي والخليجي بل أيضاً للأمة الإسلامية والعربية، وهو المتعلق بالشروط الأميركية الخاصة بموافقة الولايات المتحدة ودعمها لمحمد بن سلمان لكي يصبح ملكاً مستقبلياً على البلاد في حياة أبيه».
وأضاف: «أشرت إلى أنه مثلما رفض الذين بيدهم السلطة أطروحات الإصلاح التي قُدمت لهم من رموز شعبية كثيرة لها مكانتها واحترامها وشعبيتها في قلوب الشعب، وعاملوها بالقمع والعنف، فقد رفضوا أيضاً أطروحات الإصلاح الجادة التي قُدمت لهم من داخل الأسرة الحاكمة؛ حيث عاملوا بعضها بالتضييق وسوء الظن والبعض الآخر بالعنف والقمع».
وتحدث الفرحان عن إفراط النظام السعودي المالي في ظل دعواته للتقشف، قائلاً: «رأى الجميع مؤخراً اختفاء وسرقة تريليون ريال من الميزانية السعودية بدون رقيب ولا حسيب، وشراء محمد بن سلمان يختاً ولوحة للمسيح وقصراً بفرنسا تقدّر بمليار دولار، في الوقت نفسه الذي يعلن فيه عن حالة التقشف وفرض ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية وغلاء أسعار البترول بصورة استفزازية».
وعن القضاء السعودي، قال الفرحان: «أكدت على أن السياسة الداخلية قائمة على قمع وإرهاب أي نوع من أنواع المعارضة المشروعة السلمية، واستخدام القضاء الشرعي المزعوم لتبرير هذا القمع، وتكررت في الآونة الأخيرة كثرة الأحكام بالسجن أو القتل ظلماً لمن يترفع عن التطبيل، وبالتأكيد لمن ينتقد سياسة الدولة أو أي شخصية رسمية خاصة داخل العائلة الحاكمة وكأنهم أنبياء لهم قداسة تحول دون انتقادهم».
وفيما يخص العلاقة مع الدول الخليجية، أفاد الأمير السعودي: «أشرت إلى الفوضى في العلاقة مع الأشقاء بدول الجوار الخليجية، لنرى الآن مجلس التعاون الخليجي على شفا انهيار، وفرضت التقارب الإيراني القطري».