كشف الإعلامي والكاتب التركي لدى صحيفة خبر ترك (سيردار تورغوت) وفقا لمصدر استخباراتي أمريكي، عن خبايا الاستراتيجية الأمريكية حيال إيران، مؤكدا على أنّ الرئيس الحالي دونالد ترامب وإن كان ظاهريا ينتقد سياسة سلفه أوباما تجاه طهران، إلا أنّه في الواقع يعمل على استكمال تنفيذ الخطة التي جهّزتها الاستخبارات الأمريكية بالتعاون مع وزارتي الخزانة والدفاع الأمريكيتين إلى جانب وكالة الأمن القومي.
وذكر تورغوت في مقاله الذي جاء تحت عنوان "استراتيجية دولة أمريكا إزاء إيران" أنّ الخطة الأمريكية -في عهد أوباما- حيال إيران دخلت مرحلة التنفيذ بعد ما توصّلت وحدات تابعة للدولة الأمريكية ومتخصصة بالعمليات السرية إلى نتيجة مفادها أنّ بين الرئيس روحاني والزعيم الديني الخامنئي تناقضات واختلافات يمكن استغلالها في إطار أهداف العمليات الاستخباراتية الأمريكية التي تسعى إليها واشنطن في إيران، والتي قد تصل بها إلى درجة تفكّر فيها بتغيير النظام الإيراني كاملا.
ولفت تورغوت إلى أنّ القائد الديني (الخامنئي) إلى جانب آخرين من قادات الدين الإيرانيين البارزين منذ مدّة وهم منشغلون بتعزيز مكانة وقوة إيران في المنطقة، وجعل الشرق الأوسط تحت سيطرتها، مشيرا غلى أنّ الرئيس روحاني مع إيمانه بالفكرة والأهداف ذاتها، اضطر غلى انتهاج سياسات اقتصادية تلبّي تطلعات شعبه في الداخل.
ويضيف الكاتب في السياق ذاته: "خلال هذه المرحلة الحاسمة التي انشغل فيها قادات الدين الإيرانيون بتعزيز مكانة وقوّة بلادهم في الخارج، والتي انشغل فيها روحاني بتلبية تطلعات شعبه الاقتصادية، اتخّذت واشنطن قرارا مجازفا، ينص على ما يلي (في حال خفف أوباما من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، فإنّ آلية استخدام الإمكانيات الاقتصادية الجديدة التي ستتوفّر بين يدي الدولة ستخلق صدعا وشرخا بين في إدارة الدولة العامة المتمثلة بالزعيم الديني ورئيس الجمهورية".
وأوضح تورغوت أنّ القرار الذي اتخذته واشنطن فيما يتعلق بتخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران كان قرارا خطيرا ويحمل مجازفة كبيرة بالنسبة إلى امريكا، وذلك لكون الإمكانيات الاقتصادية الجديدة التي ستتوفّر بين يدي إيران عقب تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، من شأنّها أن تقوي الإدارة الإيرانية إلى حدّ تتمكن من خلاله تهديد مصالح إسرائيل وأمريكا في المنطقة. لافتا إلى أنّ الاستخبارات الأمريكية في واشنطن وبعد القيام بتقييمات مختلفة قررت اعتماد القرار السابق وتنفيذه.
إلى أين تذهب الأموال؟
وبحسب الكاتب فإنّ تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران عادت -وكما لم يتوقع لها أوباما- بإمكانيات مالية كبيرة للحكومة الإيرانية، إذ وعد روحاني آنذاك باستخدام الإمكانيات الاقتصادية الجديدة لصالح شعبه الذي يعاني من أوضاع اقتصادية متدهورة.
وتابع في الإطار ذاته: "إلا أنّ الإمكانيات الاقتصادية الجديدة، وعلى غرار ما خططت له الاستخبارات الأمريكية، وخلاف ما وعد به روحاني، استُخدمت من قبل القائد الديني (الخامنئي) لتعزيز مكانة إيران والفصائل الشيعية التابعة لها في المنطقة، وعلى أساسه ازدادت ميزانية قوات الحرس الثوري الإيراني 20 بالمئة، فيما تضاعفت إمكانيات فيلق القدس الاقتصادية والذي يقوده قاسم سليماني 4 أربعة أضعاف، في الوقت الذي أُنفقت فيه مبالغ ضخمة لعتاد وعناصر هذه القوات المحاربة والممتدة من العراق وحتى البحر الأبيض في سوريا، إلا أنّ أمريكا للتقليل من آثار القرار الخطير الذي اتخذته استغلّت هذه القوّة في محاربة داعش أيضا".
أنفقت إيران في سوريا خلال سنتين فقط ما يزيد عن أربعة مليارات دولار
وأردف تورغوت أنّ إجمالي ما أنفقته إيران في سوريا خلال سنتين فقط بلغ أربعة مليارات و600 مليون دولار، فيما أنفقت لـ "حزب الله" سنويا مليار دولار، فيما بلغت نسبة ما أنفقته لغزة 100 مليون دولار، مضيفا: "مع الإنفاق العسكري الكبير تمّ تعزيز مكانة إيران العسكرية في المنطقة، إلا أنّ الشعب الإيراني هو الذي دفع فاتورة ذلك.
تحليل محتوى شعارات الاحتجاجات الإيرانية في واشنطن
ونوّه تورغوت إلى أنّ الاستخبارات الأمريكية استنتجت نجاح خطتها حيال إيران، وذلك عبر تحليل مضمون شعارات المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع، والتي عبّروا من خلالها عن تذمّرهم من إنفاق الدولة لقوّتها الاقتصادية في الحروب خارج حدودها.
عقوبات اقتصادية جديدة
وقال الكاتب في ختم مقاله: إنّ الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بدوره يفكّر بفرض عقوبات اقتصادية جديدة لزيادة فاعلية الخطة الأمريكية حيال إيران، أمريكا اليوم تهدف إلى ضرب اقتصاد القوات الثورية الإيرانية التي تتمتع بقوة عسكرية واقتصادية معا، والحسابات الأمريكة باختصار تدور حول الفكرة التالية "إنّ القوات الثورية الإيرانية التي لن ترغب بخسارة مكانتها الاستراتيجية في المنطقة، ستنقل اقتصادها إلى الخارج، وهذا سيقلق الشعب الإيراني في الداخل، وسيزيد من تذمّره".