عميرة أيسر
وصف كبير المبعوثين الدِّبلوماسيين الفلسطينيين إلى بريطانيا السيِّد مانويل حساسيان الخطوة المزمع اتخاذها من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تقضي بنقل السفارة الأمريكية من مدينة تل أبيب العاصمة الحالية لكيان الصهيوني إلى مدينة القدس الشريف و الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، بإعلان حرب ليس على سكان منطقة الشرق الأوسط بل على 1.5 مليار مسلم، وكذا على مئات الملايين من المسيحيين في مختلف أرجاء المعمورة والذين لن يقبلوا بأن تكون أماكنهم المسيحية المقدسة تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، وأضاف سعادة السفير في مقابلته التي أجراها مع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، بأن هذا الإعلان السيِّاسي الخطير والذي ستكون له تداعيات سلبية جداً على مصالح أمريكا في المنطقة بالتأكيد،هو بمثابة قبلة الموت لحل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية على حدود سنة 1967م، فهذا الإعلان الأمريكي المرتقب خلق نوعاً من الغضب الرسمي الفصائلي والشعبي العارم داخل قطاع غزة والضفة الغربية وفي دول الشتات، إذ دعت مُختلف الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى اعتبار أيام الأربعاء والخميس، والجمعة أيام غضب شعبي حيث ستطوف المظاهرات الغاضبة مختلف مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، هذه القوى والفصائل الوطنية والتي أصدرت بياناً صحفياً مشتركاً أعلنت فيه رفضها المطلق لأن تكون مدينة القدس عاصمة لكيان الصهيوني أو حتى مجرد نقل السفارة الأمريكية إليها، ودعت كل الفلسطينيين في الخارج إلى التجمع والتظاهر أمام السفارات والقنصليات الصهيونية في الخارج لتنديد بهذا القرار المجحف في حقهم، ولإسماع شعوب العالم صوت المعاناة الفلسطينية والتأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني، وتمسكه التاريخي بحقه في كامل حبة تراب محتلة من طرف إسرائيل، وفي سياق متصل دعا السيِّد سامي أبو زهري الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس وذلك من خلال تغريدة له على صفحته الشخصية في موقع تويتر إلى عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال الصهيوني ولا بعاصمته المزعومة، لأن الاحتلال الإسرائيلي مثلما أكد على ذلك ليس له وجود على أرض فلسطين حتى تكون له عاصمة فيها، وأضاف بأن هذه الجولة لن تنتهي إلا بالندم والخسارة للاحتلال الصهيوني. وأكد القيادي في نفس الحركة السيِّد حازم قاسم أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس يؤكد ما قالته حركة حماس مراراً وتكراراً بأن الجانب الأمريكي لطالما وقف في صفِّ الاحتلال الصهيوني الغاشم، وبأنه لم يكن أبداً وسيطاً نزيهاً في عملية السلام، وعلى السلطة في رام الله أن تتخلص من هذا الوهم، وأن لا تعلق الآمال مستقبلاً على الجانب الأمريكي لينفذ الاتفاقيات الدولية التي تدعم الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك طبعاً حسب اتفاقيات أوسلو الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني سنة 1993 وبرعاية أمريكية، من جهة أخرى دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها السلطة الوطنية الفلسطينية إلى سحب الاعتراف بإسرائيل، والانسحاب من اتفاقيات أوسلو التي لم تجر إلا الوبال والانتكاسات والهزائم السيِّاسية على القضية الفلسطينية، وأضاف الجبهة الشعبية في بيانها بأنه يجب على الدول العربية، والإسلامية أن تحول مواقف بلادها السياسية إلى مواقف عملية، وأن تقوم باستخدام كل ما تمتلكه من أوراق ضغط سياسي أو اقتصادي أو مالي لإجبار الرئيس الأمريكي لكي يتراجع عن قراره الخطير هذا، وذلك دفاعاً عن مدينة المقدسات الإسلامية والمسيحية وعاصمة دولة فلسطين، مؤكدةً على أن الدول العربية والإسلامية تمتلك من أوراق الضغط الرابحة ما يمكنها من ردع العدوان الأمريكي، وبأن تتحمل مسؤولياتها التاريخية الملقاة على العرب، والمسلمين لدفاع عن مقدساتهم في وجه هذه الهجمة الامبريالية الصهيونية الغربية الجديدة على مدينة القدس.
ويرى الكثير من المراقبين بأن دونالد ترامب إن أقدم على اتخاذ خطوة كهذه، فإنه بذلك سيكون الرئيس الأمريكي الوحيد الذي سيغامر باتخاذ قرار سياسي غير مسئول، قد يشعل أتون حرب إقليمية كبرى في المنطقة، وسيجعل قواعد الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها الحيوية في منطقة المشرق العربي، ومنطقة الخليج في مرمى الاستهداف، فإعلان القدس عاصمة لكيان الصهيوني، يعتبر بمثابة إعلان حرب على كل المسلمين بما تمثله هذه المدينة لهم، وبمختلف طوائفهم من قيمة تاريخية ورمزية دينية كبرى. *كاتب جزائري