2024-11-27 02:37 م

اللهم إنّا نبرأ إليك.. دلائل جريمة العريش الإرهابية

2017-11-26
بقلم: علي أبو الخير
المتطرفون في كل جماعات الدم هم سلفيون وهابيون يكفّرون كل البشر عداهم، وهم يكفّرون المصريين جميعاً، لأنهم متصوفة والأزهر أشعري العقيدة كافر، لأن الأشاعرة كفّار، ومسلمو مصر كفّار كفراً بواحاً لا يُرجى منه توبة، لأنهم يزورون قبور أهل البيت والأولياء الصالحين، كما أنهم يرون المصريين كفاراً لأنهم يؤيدون الحاكم والنظام ككل، وقد قاموا العام الماضي بقتل شيخ صوفي كبير عمره 98 عاماً هو الشيخ سليمان أبو حراز، قتلوه ذبحاً، لا لشيء سوى أنه صوفي النزعة، ويخطب على المنابر بأن السلفية وهابية قاتلة، وكان ينتقد في خطبه ابن تيميه وابن عبد الوهاب وابن باز ومحمد حسّان ومحمد يعقوب والحويني.لا يستطيع كاتب أن يتجاوز الجريمة الإرهابية التي حدثت في مسجد الروضة في قرية الروضة القريبة من مدينتي بئر العبد والعريش في شمال شبه جزيرة سيناء، لما لها من علامات ودلائل نحاول رصدها، أولاً لأن الحادث إرهابي كبير، فقد وقع حوالى 235 شهيداً ومثلهم من الجرحى، وهي أكبر الأعداد التي وقعت في العمليات الإرهابية، وثانياً لأن الإرهاب طال مصلين مسلمين يؤدون صلاة الجمعة راكعين ساجدين يوم الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وهذا هو سر المأساة، وسر هلع المصريين من الحادث، فقد كان الناس يسمعون عن تفجيرات المساجد في العراق وباكستان وأفغانستان والأحساء والقطيف، معظمها كان يوجه ضد الطائفة الشيعية، ولكن الأمر اليوم حدث ضد جماعة من أهل السنة، وهنا نكتب عن بعض دلائل الإرهاب الأخير في سيناء بمصر.

لقد جاء الحادث الإرهابي بعد ضعف وسقوط الإرهاب المنظم شبه العسكري الذي كان يحدث بين الجماعات الإرهابية المسلحة ضد الجيش والشرطة، كانت الجماعات تهجم على نقاط تمركز الجيش والشرطة بمدافع الهاون والأسلحة شبه الثقيلة، كما كانوا يركبون العربات ذات الدفع الرباعي، فيقتلون الجنود خلال عملياتهم، وحاولوا في جرأة احتلال مدينة الشيخ زويد في حزيران/يونيو 2015، ولكن تم قتلهم ومطاردتهم، وتمكن الجيش من تقليص العمليات الإرهابية إلى حدها الأدنى، من خلال مواجهة جادة وحاسمة في عمليات اسمها حق الشهيد، ومازالت العمليات تلاحقهم، فكان أن انتقلت العمليات إلى الغرب المصري عند الحدود مع الدولة الليبية، وكانت عملية الواحات العملية الإرهابية الأخيرة الجريئة والكبيرة في شهر تشرين أول/ أكتوبر الماضي، ولكن الطيران المصري تمكّن من مطاردة الإرهابيين، حتى داخل الحدود الليبية بعمق 1000 كيلو متر، خاصة وأن الصحراء الغربية مكشوفة وليس فيها سكّان، فتمكنت من تقليص الإرهاب هناك، وبالتالي عادوا إلى سيناء من جديد، فقاموا بتفجير بعض المركبات والعربات العسكرية، والتي رد عليها الجيش المصري من خلال عملية "حق الشهيد" المستمرة.

يمكن أن نرصد أيضاً أن مصر تمكنت من تحييد حركة حماس في قطاع غزة، بعد أن تمكنت الخارجية المصرية من المقاربة والمصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية، ثم قامت حماس بالتعاون في غلق الأنفاق بين رفح المصرية ورمح الفلسطينية من جهة قطاع غزة، هذا بخلاف ما دمره الجيش المصري من أنفاق كان يستعين بها الإرهابيون في عملياتهم في شمال سيناء، فكانوا يأتون ثم يهربون من الأنفاق للقطاع، دون أن يمكّنوا سلطة حماس من التعرف عليهم أو القبض عليهم، وصار الاتفاق بين مصر وحماس أن تتعاون الحركة مع الجيش والشرطة في سيناء، ومن ثم تقلصت العمليات الإرهابية، لذلك لجأت تلك الجماعات إلى محاصرة الأقباط المسيحيين في مدينة العريش، قتلت البعض، وقامت الدولة بتهجير الآخرين لمدينة الإسماعيلية مؤقتاً حتى يتم عودتهم، ولكن الأمر مر بسلام ولم تحدث فتنة يحاول الإرهاب ومعهم قوى خارجية لتفتيت الوحدة الوطنية المصرية، مثلما أخفقت تفجيرات كنائس القاهرة وطنطا والإسكندرية، خلال الأعوام السابقة، هذا بالإضافة إلى التأمين الكامل والمشدد على الكنائس المختلفة، خاصة في أوقات عيدي الميلاد والقيامة، فصارت الجماعات المتطرفة لا تستطيع الاقتراب من الكنائس، مثلما فقدت المواجهة مع الشرطة والجيش، فكان الحل الأخير، هو مواجهة المسلمين.

المتطرفون في كل جماعات الدم هم سلفيون وهابيون يكفّرون كل البشر عداهم، وهم يكفّرون المصريين جميعاً، لأنهم متصوفة والأزهر أشعري العقيدة كافر، لأن الأشاعرة كفّار، ومسلمو مصر كفّار كفراً بواحاً لا يُرجى منه توبة، لأنهم يزورون قبور أهل البيت والأولياء الصالحين، كما أنهم يرون المصريين كفاراً لأنهم يؤيدون الحاكم والنظام ككل، وقد قاموا العام الماضي بقتل شيخ صوفي كبير عمره 98 عاماً هو الشيخ سليمان أبو حراز، قتلوه ذبحاً، لا لشيء سوى أنه صوفي النزعة، ويخطب على المنابر بأن السلفية وهابية قاتلة، وكان ينتقد في خطبه ابن تيميه وابن عبد الوهاب وابن باز ومحمد حسّان ومحمد يعقوب والحويني، وغيرهم من شيوخ السلفية في مصر والسعودية، فنرى الآن أن الهدف من العملية الإرهابية ضد مسجد الروضة، هو إيصال رسالة إلى أنه لا توجد حصانة للمساجد ولا حرمة دماء المسلمين على المسلمين، ولا استثناء للمدنيين، فهذه العملية تتم كما ذكرنا بعد استهداف وتدمير وحرق الكنائس وقتل مئات المسيحيين إلى حد تهجيرهم من شمال سيناء، ومهاجمة كمائن الجيش والشرطة واختطاف جنود وذبحهم، واغتيال قضاة، ثم استهداف قافلة سيارات شحن وقتل ستة من السائقين، وتفجير خطوط الغاز وأبراج ومحطات الكهرباء ومراكز الشرطة، كما أننا أمام عملية انتقامية موجهه نحو أهم وأكبر قبائل شمال سيناء وهي قبيلة السواركة، التي لها تاريخ مشرف مع القبائل أخري في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، كما أنها تتعاون مع الأجهزة الأمنية في تزويدهم بالمعلومات حول تحركات الإرهابيين وأماكن اختفائهم، وسبق أن قامت الجماعات الإرهابية بقتل عدداً كبير من شيوخ القبائل وشبابها في عمليات انتقامية بسبب هذا الدور، وجاءت عملية مسجد الروضة لقتل أكبر عدد ممكن من أبناء القبائل التي ترفض أن توفّر حاضنة للجماعات الإرهابية، إضافة إلى إثارة الرعب والفزع بين أبناء القبائل جميعاً وإشاعة اليأس بينهم وإضعاف الثقة بينهم في قدرة الجيش والشرطة على حمايتهم، أيضاً تأتي العملية في محاولة إظهار تواجد قوى للجماعات الإرهابية في شمال سيناء، والرد على التقارير التي تشير إلى القضاء عليهم بنسبة 95 بالمئة كما تعود الخبراء الاستراتيجيون الإشارة إلى ذلك، أي يقولون نحن هنا بدون أنفاق.

ولكننا نستطيع أن نؤكد أن العملية جاءت بعكس ما يرجو التكفيريون، فقد عظم الغضب الشعبي في مصر كلها ضد كل جماعات الإرهاب، وكل جماعة الإخوان المسلمين، فجماعات داعش وأنصار بيت المقدس وحسم وبوكو حرام وغيرهم، هي جماعات عرفت طريق الضلال وأصابت الوصول إليه بالفعل والقول، ولكن المسلمين جميعاً هم الخاسرون...

تلك بعض دلائل الإرهاب، الذي يجب محاربته فكرياً بالموازاة مع محاربته على المستوى الأمني والعسكري، طريق المحاربة الفكرية طويل ممتد، ولكنه في النهاية الطريق الأقرب للصواب والأجدى بالسعي إليه، طريق الله والعلماء المعتبرين، وليسوا بالطبع قطعان الشيوخ الذين يفتون لتأصيل الاستبداد باسم الدين، ولا هم أمراء جماعات الدم والإرهاب ... رحم الله شهداء الإرهاب، وحمى الله الأمة من بوائق أبنائها من الكفرة التكفيريين.
(الميادين)