حسن سلامة
بات من المؤكد أن الجنون الذي أصاب حكام السعودية من سلمان الأب الى نجله محمد بن سلمان، إنما ينطلق بحسب مصدر دبلوماسي من قاعدتين يتحرك وفقهما الطاقم الحاكم من ال سعود وهما:
_ القاعدة الأولى وهي الرهان الكامل على كل من ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب والفريق المتطرف الذي يحكم كيان العدو الاسرائيلي، أي أن ابن سلمان يعتقد انه بتحالفه مع الاميركي و"الاسرائيلي" سيتمكن من قلب الطاولة إقليميا في مواجهة محور المقاومة، سعيا للتعويض عن الهزائم التي أصابت هذا النظام في سوريا والعراق واليمن وحتى لبنان.
_ القاعدة الثانية: أنه بهذا الجنون يتمكن من تمرير الانقلاب غير المسبوق الذي لجأ إليه ابن سلمان داخليا ضد خصومه في العائلة المالكة وصولا الى خلو ساحة العرش في السعودية من كل الخصوم الذين ينافسونه داخل العائلة المالكة، بما يفسح له الطريق لحكم استبدادي لبلاده يستمر لعشرات السنين ولهذا عمد ابن سلمان ووالده الى إقصاء كل أبناء جلدته في هذه العائلة من خلال حملة التوقيفات غير المسبوقة في تاريخ ال سعود، وان كان المصدر لا يستبعد ان يلجأ ابن سلمان الى إزاحة والده في حال عدم حصول تداعيات كبرى داخل السعودية على خلفية ما قام ويقوم به.
لكن يبقى السؤال الآخر، لماذا تغطي إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب هذا الجنون للملك سلمان ونجله ولي العهد، وما هي الاثمان التي تعهد بها هذا الطاقم الارهابي الذي يحكم السعودية؟
بداية يقول المصدر الدبلوماسي إن كيان العدو مرتاح جداً لما يقوم به ابن سلمان من وضع المنطقة على حافة حروب واسعة وبالتالي اعلانه العداء ضد محور المقاومة، ولو أن مصير هذا الجنون سيكون الفشل المحتوم، إلا أن التغطية الاميركية لسلوك وتهور ابن سلمان بما في ذلك إجبار رئيس حكومة لبنان على الاستقالة ووضعه في الإقامة الجبرية إنما ينطلق من الاعتبارات الاميركية الآتية:
_اولا: ان واشنطن التي راهنت طويلا على الارهاب بدءا من الرهان على تنظيم "داعش" تشعر اليوم بانها باتت "قاب قوسين" من خسارة هذه الورقة بعد تمكن الجيشين السوري والعراقي والحلفاء من هزيمة الإرهاب بكل أشكاله، وهي بالتالي _اي الادارة الاميركية _ تريد التعويض عن هذه الورقة باشعال مزيد من الحروب في المنطقة لتبرير بيع صفقات السلاح بعشرات المليارات للسعودية ودول اخرى في الخليج .
_ ثانيا: ان ادارة ترامب التي فشلت في كل ما قامت به خارجيا منذ انتخاب الرئيس الحالي، بدءا من حملة الابتزاز والضغوط التي مارستها ضد ايران على خلفية البرنامج النووي، الى فشلها في منع هزيمة الارهاب في سوريا والعراق، الى كوريا الشمالية ومناطق اخرى في العالم، تريد من هذه التغطية لجنون ال سلمان في السعودية اشغال محور المقاومة بحروب جانبية بهدف تمرير صفقة القرن بين العدو الاسرائيلي وسلطة محمود عباس والتي ستفضي في حال نجاحها الى انهاء القضية الفلسطينية وتشريع باب التطبيع على مصراعيه بين السعودية ودول الخليج مع كيان العدو .
_ثالثا: إن الاميركي يهدف بالدرجة الأولى الى ابتزاز حكام السعودية لسرقة ثرواتها وصولا الى الحصول على مئات مليارات الدولارات مقابل حماية هذا النظام العفن والعميل للعدو، فالمعلومات تشير الى أن ما قام ويقوم به ابن سلمان من توقيفات داخل العائلة المالكة وخارجها انما حصل من ضمن خطة جرى الاتفاق عليها بين الاخير وصهر الرئيس الاميركي جاريد كوشنير خلال الزيارة التي قام بها الأخير قبل فترة قصيرة الى الرياض، حيث طلب كوشنير من ابن سلمان ان يدفع نظامه مئات المليارات التي كان اشترطها ترامب على سلمان لحمايه عرشه وتولي ابنه ولاية العهد وحتى ان مستشار ترامب عرض كيفية تأمين هذه الاموال عبر مصادرة ثروات عشرات الامراء السعوديين في مقابل التغطية الكاملة من قبل الادارة الاميركية لهذه الاجراءات وهو الامر الذي ظهر جليا في مواقف ترامب المؤيدة بالكامل لما قام به ابن سلمان داخليا وخارجيا. وبحسب المصدر فان "الاموال التي جرت مصادرتها من ثروات الموقوفين انما ستذهب بمعظمها الى الولايات المتحدة بطرق واشكال مختلفة.
من كل ذلك، يلاحظ المصدر اأن "حكام السعودية يقامرون بما يقومون به داخليا واقليميا، بل إنهم يضعون المنطقة بكاملها على "فوهة بركان" قد ينفجر في اي لحظة، وان كان هذا النظام سيدفع الثمن الاكبر مهما كانت الاتجاهات التي ستذهب اليها الامور على المستوى الإقليمي وداخل السعودية وصولا الى الداخل اللبناني".
"العهد"